رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اللقاح يقلل احتمالات الوفاة.. لماذا يُصاب البعض بفيروس كورونا رغم التلقيح؟

لقاح كورونا
لقاح كورونا

منذ الإعلان عن فتح باب التسجيل لحجز لقاح كورونا في مصر، بادرت نهاد محمود، عشرينية، بالتسجيل لوالدتها سريعًا لكونها من كبار السن وذوي الأمراض المزمنة، وبالفعل حجزت لها مكانًا وكانت من أولى المواطنين الذين حصلوا على اللقاح.

شعرت والدتها بالأعراض المتعارف عليها للقاح، لكن مر اليوم الأول والثاني وكل يوم تزيد الأعراض عن ذي قبل، حتى أسبوع كامل من اللقاح كانت والدتها مصابة بكل أعراض فيروس كورونا، وهو ما أكدته التحاليل التي أجرتها نهاد لوالدتها: "اللي أنقذها من الموت اللقاح، لولاه كان الفيروس قضى عليها"، تشرح الفتاة ما حدث: "بعد اللقاح بأسبوع ظهرت عليها الأعراض وهي مريضة بأمراض مزمنة في الرئة، لكن أعراض كورونا تلك المرة كانت أخف".

والدة نهاد ليس حالة فردية، فهناك كثيرون تناولوا اللقاح وأصيبوا بالفيروس ولكن بأعراض خفيفة لم تستدعي دخول مستشفى أو تؤدي إلى الوفاة، وذلك لأن اللقاح لا يمنع الإصابة ولكنه يخفف من حدة الأعراض ويقلل معدلات الوفاة، وفقًا حكايات وأطباء استمعت لهم "الدستور" في التقرير التالي.

تضيف نهاد: "والدتي لولا اللقاح كانت جاتلها الكورونا بالأعراض العادية الشديدة ومكنتش هتعيش لأنها كبيرة في السن وعندها أمراض مزمنة، اللقاح هو اللي خفف الأعراض عليها، وبعد أقل من 10 أيام رجعت تاني زي الأول وخفت".

تنصح نهاد الجميع بتناول اللقاح لاسيما كبار السن، وعدم تصديق أي شائعات يتم تداولها عليه أو الخوف من أعراضه الجانبية لكونها أقل من أعراض كورونا لاسيما في ذلك الوقت: "اللقاح هو من أنقذ والدتي من براثن الموت المحقق".

تؤكد الدكتورة نهى سلام، استشاري الحساسية والصدر، أن اللقاحات لا تمنع الإصابة بفيروس كورونا، ولا تعني التهاون في الاجراءات الاحترازية بعد التلقيح، مبينة أن اللقاح يقلل احتمالات الوفاة أو تدهور الحالة واحتياج مستشفى.

تضيف: "يجعل سلالة كورونا أضعف وبالتالي يستطيع الجهاز المناعي السيطرة والقضاء عليها دون احتياج أسطوانات أكسجين أو تدهور في الحالة، كما يقلل من الأعراض خاصة التنفسية، ويخف الضغط على المستشفيات وأطباء العزل".

سلامة تشدد في نفس الوقت على ضرورة تناول اللقاح وأنها آمنة  ولا خطر منها، لأنها تحقق فكرة مناعة القطيع التي تواجه كورونا وكلما زاد عدد المتلقحين كلما ضعفت السلالة الخاصة بالفيروس وأصبحت مثل الإنفلونزا العادية.

لم تختلف حالة طارق مصطفى، ثلاثيني، الذي تلقى لقاح "سينوفارم" الصيني منذ الإعلان عن فتح باب التسجيل، وكان يتوقع أن ذلك يعني عدم إصابته بفيروس كورونا نهائيًا، وبالتالي لم يتبع الاجراءات الاحترازية التي كان يسير عليها من قبل.

يقول: "توقعت أن اللقاح يمنع الإصابة وإني محصن به، وبدأت أمشي أغلب الوقت من غير كمامة أو كحول، لكن بعد 10 أيام من التلقيح ومروري بالأعراض العادية إني محصن من كورونا بموجب اللقاح، لكن تفاجئت بإصابتي": "أنا كان جالي كورونا في الموجة الأولى، وأعراضها بالتأكيد أضعاف الإصابة التانية بعد اللقاح، لأن اللقاح بيخفف من الأعراض، خصوصًا أن الفترة دي وتطور سلالات المرض ووصوله للفطر الأسود وبيخلي الجهاز المناعي قادر على المواجهة".

يختتم: "الأعراض كانت أقل من المرة الأولى بفضل اللقاح وأن جسمي أصبح فيه أجسام مضادة للفيروس، وكذلك مدة التعافي المرة الأولى كانت 20 يوم لكن المرة دي حوالي 7 أيام ورجعت تاني لحالتي الطبيعية بدون أي مضاعفات".

يتسق ذلك مع ما خلصت إليه دراسة خلصت أجرتها هيئة الصحة العامة في إنجلترا مؤخرًا، وهو أن اللقاح لا يمنع الإصابة بفيروس كوورنا، ولا يسبب الإصابة به كما هو شائع، مدللة على ذلك بإن اللقاحات في العالم كله لا تحتوي على الفيروس الحي.

وأكد علماء الدراسة أن اللقاحات توفر نوعين من الحماية، الأول هو "المناعة الفعالة"، بمعنى أن جهاز المناعة يكون قادرًا على منع ظهور الأعراض الشديدة للمرض وحدوث المضاعفات، والثاني "المناعة التعقيمية"، أي أن جهاز المناعة يكون قادرًا على منع الإصابة بالعدوى تمامًا لكنه نادر التحقق.

وانتهت الدراسة على أن العلماء لن يستطيعوا وضع حد أدنى معين لتحقيق مناعة القطيع، إذ يتطلب الأمور وفق للدراسة تطعيم ما يتراوح بين 60 و72 % من السكان، إذا كان اللقاح فعالًا بنسبة 100%، أو ما يتراوح بين 75 و90% من السكان إذا كان اللقاح فعالًا بنسبة 80%.

نفس الحالة تعرضت لها منة محمود، عشرينية، والتي كانت تظن الأعراض التي ظهرت عليها بعد تناول لقاح "استرازينكيا" البريطاني أنها عادية وسوف تشفى منها عقب يومين: "الأعراض بدأت تزيد بشكل متسارع جدًا ومر أكتر من إسبوع والأعراض لسه عندي".

أجرت محمود تحليل كورونا لتكتشف إيجابيتها للفيروس: "عرفت من الدكتور أن بعد اللقاح لازم نزيد من الاجراءات الاحترازية لأن المناعة بتضعف لمدة تلات أسابيع وتقريبًا الفترة دي أنا اتصابت فيها بالعدوى من كورونا بسبب ضعف المناعة".

توضح أن الأعراض كانت خفيفة للغاية ولم تصل إلى الجهاز التنفسي نهائيًا، وتم الشفاء خلال 12 يومًا: "اللقاح بيخفف من الأعراض ومكنش عندي احتياج لاسطوانات أكسجين أو للمستشفى، مجرد عزل في البيت وأدوية عادية وبعدها خفيت بسرعة لأني كنت فاكرة أن اللقاح بيمنع الإصابة".

وتبادرت نفس التساؤلات على موقع منظمة الصحة العالمية، حول منع اللقاحات الإصابة بفيروس كورونا، وكانت الإجابة أن اللقاحات تقلل من احتمالية انتقال الفيروس إلى شخص آخر، ولكنها لا تمنع الإصابة مجددًا بالفيروس.

وأوضحت المنظمة في ردها، أن غالبية نتائج التطعيم باللقاحات حتى الآن تشير إلى أنها فعالة ضد كورونا، وإنها توفر حماية فعالة ضد الإصابة بالحالات الشديدة منه بشكل خاص، مبينة أن اللقاحات وقائية ضد ظهور الأعراض، وتمنع الإصابة بالعدوى في الجهاز التنفسي العلوي، وتقلل كذلك من مدة الإصابة.