رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مغامرة لـ«الدستور» تكشف بيع الكورتيزون دون روشتة في الصيدليات

الكورتيزون
الكورتيزون

في الوقت الذي انتشر فيه الجدل حول الفطر الأسود خلال الساعات الأخيرة، وحالة الرعب التي انتابت الكثيرين خشية انتشاره والإصابة به، جاء الحديث عن عقار الكورتيزون، الذي وصفه أطباء بكونه أحد أهم العوامل المسببة للإصابة به نتيجة استخدامه بشكل مكثف وعشوائي.


وعلى الرغم من خطورة الدواء والتحذير من استخدامه دون إشراف طبي، نكشف في السطور التالية واقعًا تم التأكد منه من خلال جولة قامت بها "الدستور" على عدد من الصيدليات توضح صرف هذا العقار بشكل عشوائي ودون روشتة على الرغم من مخالفة ذلك للوائح والقوانين.

ففي إحدى صيدليات زهراء المعادي، قامت محررة "الدستور" بطلب صرف إحدى أدوية "الكورتيزون"، وفوجئت بإمكانية الحصول عليه بسهولة دون طلب أي "روشتة" من طبيب يوصي بصرفه.

الوضع نفسه تكرر بإحدى صيدليات الهرم التي كان فيها الحصول على عقار الكورتيزون رغم خطورته أمرًا هينًا وكأنه أحد مخفضات الحرارة التي تصرف دون توصية طبية.

للوقوف عند أخطار الكورتيزون وأخطار تناوله وصرفه دون إشرف طبي، قال الدكتور عثمان حسن السوداني، الاستشاري بمستشفى حميات العباسية إن الأطباء يدركون جيدًا فوائد الكورتيزون كما يدركون خطورة استخدامه، لكنه في الوقت نفسه أوضح أنه يجب التشديد على البعض منهم بضرورة عدم استسهال وصفه، وجعله أولى الأساليب العلاجية وذلك لخطورته الشديدة.

ووصف السوداني أن أزمة استخدام الكورتيزون الخاطئ تكمن في بعض الصيادلة الذين يحولون صيدلياتهم لتصبح أشبه بالدكاكين التي تصرف جميع أنواع الدواء دون أي رقابة مهما كانت خطورتها.

وشدد عثمان على ضرورة الرقابة المشددة على مثل هذه الصيدليات لصرفها الكورتيزون دون "روشتة"، بل ووصفه لبعض المرضى دون دراسة الحالة الصحية لهم كتداول ما يسمى بحقن البرد التي تحتوي على مضاد حيوي وكورتيزون ومسكن، والتي يقبل الكثيرين بالصيدليات على تناولها دون إشراف طبي وتمثل خطورة بالغة. 

الدكتور محمد عز العرب، المستشار الطبي لمركز الحق في الدواء قال لـ"الدستور" إن مادة الكورتيزون التي يفرزها الإنسان، هى إحدى المكونات الرئيسية التي يحتاجها الجسم، ولا غنى عنها، موضحًا أن الكورتيزون يدخل في تكوين العديد من الأدوية مثل أدوية المناعة والحساسسية والمراهم والبخاخات.

وتابع عز العرب أنه على الرغم من وجوبية استخدام الكورتيزون في بعض الحالات المرضية وإثبات فعاليته في العلاج لتعويض نقص الكورتيزون الطبيعي بالجسم، إلا أن استخدامه كأحد أول الوسائل العلاجية يمثل خطورة شديدة على المريض، لكونه يتسبب في ضعف الجهاز المناعي لديه، وبالتالي يجعله عرضة لاقتحام الأمراض الانتهازية مثل ذلك المرض الذي أثار الجدل في الأيام السابقة وهو الفطر الأسود وغيره من الأمراض الأخرى مثل التهابات وتقرحات المعدة، والإصابة بالفشل الكلوي، والذي قد تؤدي إلى الوفاة، مضيفًا أن الاستخدام العشوائي للكورتيزون يزيد من نشاط الفيروس الأساسي المهاجم لجسم المريض، أي يؤدي إلى نتيجة عكسية من النتيجة المستخدم لأجلها من الأساس.

وأوضح أنه لا بدّ من التشديد على الأطباء بعدم اللجوء إلى التسرع بوصف دواء" الكورتيزون" للمرضى، وخاصة مرضى "الكوفيد19"، لكونه قد يتسبب في نقص المناعة للمريض، وبالتالي عدم استطاعته مواجهة المرض ومضاعفاته، مشيرًا إلى أنه في حال ضرورة اللجوء إلى استخدامه فيجب أن يتم تناوله بعد مرور عدة أيام من الإصابة ، والتأكد من إمكانية مهاجمة الجهاز المناعي للمريض بذاته للمرض.

أما عن الصيادلة ودورهم في ترويج استخدام الكورتيزون، وبيعه للمرضى دون إلزام المريض بتقديم "روشتة" معتمدة، فأكد عز العرب أن هذا يعد أحد المخالفات الصارخة التي تخالف القانون رقم 127 لسنة 1955، والذي يفيد بأنه لا يجب صرف الصيدلية أيًا من أنواع الأدوية إلا بموجب "روشتة"، ويشمل جميع أنواع الأدوية عدا ما يعرف بأدوية ""OTC أو "أدوية الرف"، التي تشمل فقط، خافضات الحرارة، ومضادات التقلصات، موضحًا أن تلك الأدوية يمكن صرفها دون تقديم "روشتة" وفي الغالب فهي توضع داخل الصيدليات برف منفصل.

وأكد الدكتور علي عوف، رئيس شعبة الأدوية، لـ"الدستور"، أنه على الرغم من خط الكورتيزون على مرضى السكر ونقص المناعة والسرطانات، إلا أنه لا يوجد تشريع أو قانون يعاقب بشكل حازم الصيدلي الذي يصرفه دون "روشتة"، مشددًا على ضرورة تخصيص قانون يجرم بيع الكورتيزون وما يشابه من عقاقير دون تقديم"روشتة" لما قد تسببه من أضرار جمه في حال تناولها دون إشراف طبي.

أضاف عوف أنه ليست وحدها الصيدليات التي تقدم "الكورتيوزون دون إشراف طبي، لكن المؤسف استخدام بعض مراكز التجميل والكوافيرات غير المرخصة له بطريقة عشوائية من خلال عمل تراكيب وخلطات لتفتيح البشرة باستخدامه وإضافة العديد من المواد الضارة الأخرى عليه ومن ثم بيعه بادعاء أنه ذو مفعول في تفتيح البشرة، ونضارتها وهو الأمر المخالف تمامًا للحقيقة بل والخطيرأيضًا.

نص القانون:

ونصت المادة 32 من القانون رقم 127 لسنة 1955 أنه " لا يجوز للصيدلى أن يصرف للجمهور اى دواء محضر بالصيدلية الا بموجب تذكرة طبية عدا التراكيب الدستورية التى تستعمل من الظاهر وكذلك التراكيب الدستورية التى تستعمل من الباطن بشرط ألا يدخل فى تركيبها مادة من المواد المذكورة فى الجدول .

الصحة العالمية تحذر من استخدامه في حالات "كورونا" الطفيفة

منذ ظهور وباء كوفيد-19 ولأول مرة توصى منظمة الصحة العالمية صراحة باستخدام العقاقير الكورتيزونية المضادة للالتهابات فى علاج الحالات المرضية الخطرة الناجمة عن فيروس كورونا المستجد، لكنها في الوقت نفسه حذرت من استخدام هذه العقاقير، فى أى حال من الأحوال، لمعالجة الإصابات الطفيفة بعد الاطلاع على نتائج مجموعة من الدراسات السريرية والبيانات المخبرية لتجارب شملت 1700 حالة كوفيد-19 خطرة في 12 بلداً، وبينت أن العلاج بهذه العقاقير هو حالياً الأكثر فعالية في الحالات التي تستدعي العناية الفائقة.