رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صدور «سينما الأكستريم وجماليات الحدود والتجاوز» للمخرج ليث عبد الأمير

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

صدر عن مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر بالقاهرة كتاب سينما الأكستريم .. جماليات الحدود والتجاوز للكاتب والمخرج السينمائي العراقي الدكتور ليث عبد الأمير .   

ويطرح الكتاب ولأول مرّة مفهومًا سينمائيًا جديدًا على ساحات النقد لا العربية فحسب بل والعالمية، وهو مصطلح "الأَكسترَيم" في السينما، وهو المقصود بتسمية الحالات القصوى، أي تلك الأفلام  التي تكسر الحدود التقليدية وحتى التأسيسية الكلاسيكية لعملية الاستقبال والتلقي الفني لدى المُشاهد.
وهو موضوع جديد حيث لا تتعدى الدراسات الأوربية التي تناولت هذا الموضوع عدد أصابع اليد، وهي إذ درست ظاهرة الأَكسترَيم تناولته من زاوية واحدة وهو نشاطه في السينما الروائية وبعض أشكال الاعلام فحسب. في حين أن الكتاب درس هذه الظاهرة من جميع أوجهها الفنية وخاصة في السينما الوثائقية. 

إن أفلام الأَكسترَيم أفلام رافضة، مُشاكسة توجه أسلحتها مباشرة إلى عواطف المُشاهد من أجل هز استقراره واستفزازه، وذلك عن طريق خطاب مشحون بالعنف المبالغ بحدته أو الجنس المفرط أو التجاوز على التابوهات الدينية والاجتماعية والأخلاقية، وتتسلح بخطاب عُنفي الغرض منه صدم المُشاهد بأكثر الأدوات فتكًا بحيث يصعب النظر إلى الفيلم بعيون مفتوحة، وهذه الأفلام تُعد، بحسب آرنون كيرنر و جوناتان كناب ، تقوم بعروض جوفية أي أن تأثيرها موجه إلى أحشاء المشاهد (أطرافه، معدته...إلخ)، بسبب قوة الصورة وقدرتها التدميرية. 

ويبحث الكتاب أيضا في أفلام أهم المخرجين العالمين أمثال جون ليك غودار، أيزنشتاين، دزيغا فيرتوف... وغيرهم. كما يدرس "سينما الأَكسترَيم: جماليات الحدود والتجاوز" أجناس الأَكسترَيم السينمائية مثل سينما "الغور" و الـ"سنف موفي" و "ميدنايت موفي" وجميعها تجاوز تلك الشروط التي حكمت تناول العنف في السينما وموجهة لعشاق الأحاسيس القوية، تلك الأحاسيس التي تشتعل بعنف ثم فجأة تخمد وكأن شيئا لم يحدث قط، تمامَا كما في مشاهدة مثيرة  لكرة القدم سرعان ما تنطفأ بعد المباراة بقليل وهي ترجمة لزمننا، زمن الانفعالات الجياشة والعنيفة، زمن اختفت فيه المَشاعر الرومانسية والرقيقة. 

ويفرد الكتاب صفحات لظاهرة الأَكسترَيم في الأفلام الوثائقية منذ بداياتها الأولى، كما يبحث شيوع هذه الظاهرة في السنين الأخيرة، حيث يستعين المؤلف بمجموعة من أفلام الواقع العراقية والتي أنتجت في فترة ما بعد سقوط نظام صدام حسين. فيدرس طبيعة هذه الأفلام وتأثير الظروف القصوى التي كانت وراء إنتاجها وشكل الخطاب الفني الذي قدمته.  
لا يمكن الحديث عن ظاهرة الأكستريم دون التوقف طويلا عند موضوع الحدود، فمن صفات الحدود أنّها متحركة دائمًا، فما كان يُعتبر اَكسترَيم في الأمس القريب، أصبح اليومَ في خانة الطبيعي، وعليه نكتشف في صفحات الكتاب كيف أن حدود السينما نفسها مهددة، ودفعت التطورات التقنية الحديثة بالسينما على حدود جديدة (ومعها تغيير مفهوم السينما أصلا) فأسهمت حدود الأكستريم في تغيير تقنيات العراض ومعها تغيرت موضوعات السينما ولغة مخاطبة الجمهور. 

إنَّ هذا الكتاب ـــ بحسب عبد الأمير ــ جاء ثمرة عمل متواصل ومشاهدات لأعداد كبيرة من الأفلام القديمة والحديثة حملت جينات هذا النوع من السينما، رافقها استقصاء ومقاربات عَبر المكتبات العربية والروسية والفرنسية والإنجليزية لفترة سبع سنوات.

الجديد في هذا العمل ، برأي عبد الأمير أيضًا ــ هو تحديده لمفهوم  الأَكسترَيم أو ما أطلق عليه "الحالات القصوى" ظاهرة فنيّة قديمة متأصلة في السينما منذ زمن الإخوة لوميير حتى يومنا هذا، مع اتخاذهِ اليوم أبعادًا جديدة مع التطورات التقنية الحديثة.