رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد تسليط «الاختيار 2» الضوء عليها..

«الضباط الملتحون».. ظاهرة أتت مع «الإخوان» الإرهابية واختفت بعد ثورة 30 يونيو

أرشيفية
أرشيفية

"قص الشعر وحلق اللحية من مقتضيات الزى الرسمى لضباط الشرطة، وذلك حفاظا على حسن المظهر والهندام للحفاظ على هيبة رجل الشرطة واحترام الجمهور له".. كانت هذه الكلمات ضمن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في 2012، بتأييد قرار وزير الداخلية بإحالة ضباط الشرطة الملتحين إلى التأديب والاحتياط، حيث قضت المحكمة برفض دعوى لضابط ملتحٍ يدعى العقيد أحمد شوقي، أقامها طعنا على قرار إحالته إلى الاحتياط.

مسلسل "الاختيار ٢" سلط الضوء على تلك الفترة الزمنية التي جعلت بعض من ينتمون لضباط الشرطة لإطلاق اللحية، وهم عدد محدود جدا، الأكثر منهم جاء تماشيا مع نظام الإخوان في الوقت الذي تولي فيه الرئيس المعزول محمد مرسي الحكم، وبعضهم كانت بدايات انضمامه للجماعات الإرهابية ومنهم الضباط المنشقون.

وزارة الداخلية رفضت هذه المشاهد، وأحالت هؤلاء الضباط للاحتياط لمخالفتهم لضوابط وقوانين الشرطة، ومن ثم طعن هؤلاء الضباط على القرار أمام محاكم مجلس الدولة التي أيدت قرار وزير الداخلية بإحالتهم إلى التأديب والاحتياط، وفقا للمشرع الذي أجاز إحالة ضباط الشرطة للاحتياط لأسباب جدية تتعلق بالصالح العام بغرض تنبيههم إلى انهيار سلوكهم واعوجاج انضباطهم حتى يعودوا عن سلوكهم، ورأت المحكمة توافر حالة الضرورة التى تتعلق بالصالح العام، لأن من شأن موضوع إطلاق اللحية إحداث بلبلة بين ضباط وأفراد الشرطة وصرفهم عن مهمتهم الأولى وهى حفظ الأمن، وأن هذا القرار جاء إعمالًا لحكم المادة 67/2 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971.

وقالت المحكمة فى أسباب حكمها إن من ضمن قواعد الحرية الشخصية أنه ينبغى الالتزام بالقيود التى تضعها الجهة الإدارية، وإنه يجب على من ينخرط فى سلك الشرطة الالتزام بما تفرضه هيئة الشرطة على رجالها ومن ذلك حلاقة اللحية وقص الشعر، وأن وزارة الداخلية أصدرت الكتاب الدورى رقم 3 فى 25 فبراير 2012 وجاء فيه "أنه فى إطار حرص الوزارة على ظهور أبنائها بالمظهر الانضباطى الذى تقتضيه ممارسة رجل الشرطة لوظيفته، وأن على الضباط والأفراد الالتزام بالقرارات والتعليمات الصادرة فى هذا الشأن والعناية بالمظهر الشخصى من حيث قص الشعر وحلق اللحية لكى يتلاءم مع مقتضيات الزى الرسمى، وذلك حفاظا على حسن المظهر والهندام للحفاظ على هيبة رجل الشرطة واحترام الجمهور له".

وأكدت المحكمة أن أئمة الإسلام قد اختلفوا فى موضوع حلق اللحية. فبعضهم من حرمه والبعض من رآه مكروها ومنهم من شدد فوصفه بالمنكرات والضلالة والفسق والجهالة، وقالت المحكمة، إنها لا تشك فى أن الإبقاء على اللحية وعدم حلاقتها شأن النبى صلى الله عليه وسلم وأنه كان يأخذ من أطرافها ويجعلها متناسبة مع تناسيم وجهه الشريف وكان يعنى بتنظيفها وكان الصحابة رضوان الله عليهم يتبعونه فى ذلك، وقد أرشدنا التاريخ أن إعفاء اللحية عادة مستحسنة.

واستندت المحكمة لما انتهى إليه الإمام الأكبر محمود شلتوت، وما أكده من أن أمر اللباس والهيئات الشخصية ومنها حلق اللحية من العادات التى ينبغى أن ينزل المرء فيها على استحسان البيئة، فمن درجت بيئته على استحسان شىء ما كان عليه أن يساير بيئته ويعتبر خروجه عما ألف الناس فيها شذوذا عن البيئة.

كما استندت لما انتهى إليه الشيخ عطية صقر بعد استعراضه لآراء الفقهاء أنه "من أعفى لحيته يطمئن إلى ثوابه ومن حلقها لا يجزم بعقابه"، ونصح بعدم التعصب وحدة الخلاف فى هذا الموضوع إلى الدرجة التى فيها مقاطعة وخصام واحتقار، فالحرمة ليس مجمعًا عليها من الفقهاء وليس بالقدر الذى حرمت فيه السرقة والربا والرشوة..

وانتهت بالاستناد إلى ما سطرته الفتوى الصادرة عن دار الإفتاء المصرية فى التساؤل الوارد إليها من وزارة الداخلية فى 14 فبراير 2012 عن أحقية الجهة النظامية كالشرطة فى إلزام الضابط أو الفرد بعدم إطلاق لحيته لتعارض ذلك مع الحياة النظامية وضرورة إلزامه بالتعليمات التى تصدر إليه من رؤسائه تنفيذا للقانون، حيث أكدت دار الإفتاء على أنه قد جرت عادة العسكر من شرطة وجيش منذ مئات السنين على حلق لحاهم، ومن ارتضى أن يدخل كليات الشرطة يكون قد اختار ما اختارته إدارة الشرطة فى هذا الأمر، لأن المعروف عرفا كالمشروط شرطا واختيار ما اختارته إدارة الشرطة فى هذا الأمر "جائز"، لأنه من الأمور المختلف عليه، وإن تغير اختياره فله أن ينتقل إلى إدارة غير شرطية.

من جانبه كشف مصادر قانونية، عن أن ظاهرة الضباط الملتحين اختفت بعد ثورة يونيو، ولم تعد هناك أية مطالبات بإعفاء اللحية، والالتزام بضوابط العمل بالشرطة، وأن من تمت إحالته للاحتياط  يعمل خارج الوزارة بأعمال أخري لا تتبع الداخلية. 

وأكد المصدر أن الضباط تقدموا بدعاوى فى مجلس الدولة وحصلوا على أحكام، ولكن الوزارة رفضت عودتهم مستندة إلى أن الحكم لم يذكر اللِّحى، ومنهم من لجأ للعمل فى شركات خاصة مدنية، وهناك من أقام مشروعًا، ولا يوجد منهم أحد داخل وزارة الداخلية، وهم يظنون كما يظن بعض أنصار المعزول أنه سيعودون، ولهذا فهم يرهنون عودتهم للعمل مرة أخرى بعودة الجماعة الإرهابية للحكم.