رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

علامات تجارية مزيفة

المتربحون من «الغش».. المنتجات «المضروبة» تُغزو الأسواق بعلامات «تقليد»

منتجات مقلدة
منتجات مقلدة

ابتاعت سارة ٢٣ عاما، التي تعمل مشرفة بإحدى حضانات تعليم الأطفال بمنطقة حلوان التابعة لمحافظة القاهرة، عدد من منتجات التجميل التابعة لأحد العلامات التجارية المعروفة وكانت تلك هي المرة الأولى التي تقوم بتجريبها.

المنتجات هي كريم للوجه واليد يحمل العلامة التجارية واللوجو والاسم الخاص بالعلامة التجارية الشهيرة من محل بأحد المولات التجارية، تعجبت لكونه بنصف الثمن، لكنها اعتبرت الأمر مجرد خصومات ربما أعلنت عنها الشركة مؤخرًا بشأن منتجاتها.

استخدمت الفتاه الكريم مرتين في اليوم الأول، وعقب مرور 4 ساعات على الاستخدام، بدأت تشعر بحكة شديدة في يدها اليسرى، تلاها إحمرار وظهور فقاقيع حمراء تشبه مرض الجديري المائي، فوضعت عليها مرطب ظنًا منها أنها مجرد حساسية ستطيب في اليوم التالي، لكن ذلك لم يحدث.

ازداد الأمر سوءً في اليوم التالي، بعدما أصبحت الحكة شديدة للغاية، وتحولت إلى التهابات حمراء، فذهبت إلى قسم الجلدية بمستشفى 15 مايو العام، وخلص الكشف الطبي إلى أنها مصابة بتقرح في الجلد والتهابات نتيجة استخدام منتج رديء الصنع.

تقول: "الطبيب قالي إني استخدمت شيء مضروب، وأنا متعودة على الكريم ده، لكني رجعت للشركة وروحت الفرع بتاعهم، اتفاجئت إن فيه مصانع سرقت اللوجو الخاص بيهم والعلامة التجارية وحطتهم على منتجات رديئة، وادعت أنها من الشركة المصنعة، وإني مش أول حالة تجي تشتكي ليهم".

سارة هو واحدة ضمن كثيرون وقعوا ضحايا لتزييف العلامات التجارية، والتي تطبعها بعض المطابع بشكل مطابق للعلامة التجارية الأصلية سواء لمنتجات غذائية أو تجميلية، "الدستور" تحدثت مع عدد من ضحايا تزييف العلامات التجارية في التقرير التالي.

أحمد إسماعيل، ضحية أخرى، ابتاع كرتونة زيت طعام شهير تحتوي على 16 زجاجة، من إحدى المحال التجارية القريبة بقريته، والذي اعتاد كل فترة شراء احتياجات منزله كاملة منه، وما يكفيه لعدة أشهر قادمة.

كان لون الزيت مغايرًا للونه المعتاد بعض الشيء، إلا أنه لم يعبء بذلك، واستخدمه في تحضير وجبة العشاء، وخلد للنوم سريعًا، ولكن منتصف الليل، شعر الرجل بآلام شديدة تعتصر معدته، والعرق الغزير يتصبب من وجنته وعدم قدرته على الحركة، فطلب العون من أحد جيرانه، والذي نقله سريعًا إلى المستشفى.

 شخص الطبيب المختص الحالة بإنه اشتباه في تسمم، وربما تناول العجوز طعامًا فاسدًا، لم يتذكر الرجل وقتها ما تناوله سوى وجبة العشاء، التي جهزها بنفسه في المنزل ولم تكن سوى بعض الجبن الذي يأكل منه يوميًا والزيت الذي ابتاعه حديثًا.

هنا تذكر الرجل الزيت ولونه وطعمه غير المعتاد، فعاد إليه من جديد ليجد أنه لا يحوي علامة مائية كأي منتج غذائي، وأصرّ نجله الأكبر على تقديم شكوى ضد الشركة في جهاز حماية المستهلك حملت رقم 8073، وحين خاطب الجهاز الشركة المصنعة للزيت اكتشف أنها ليست المنتجة، وأن هناك مصنعًا يستخدم علامتها التجارية في تصنيع زيوت غير صالحة للاستخدام.

تنص المادة رقم ١٠ من قانون الغش التجاري رقم 48 لسنة 1941 على  السجن لمدة لا تقل عن سنة، ولا تتجاوز خمس سنوات، وبغرامة مالية لا تقل عن 10 آلاف ولا تتجاوز 30 ألف جنيه، لكل من شرع في غش المنتجات أو طرح أغذية مغشوشة بالأسواق.

بينما تنص المادة رقم ١١٣ من قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002، على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهرين وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيهًا ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين، كل من زور علامة تجارية تم تسجيلها أو قلدها بطريقة تدعو إلى تضليل الجمهور.

وجاء نصها: "كل من استعمل بسوء قصد علامة تجارية مزورة أو مقلدة، وكل من وضع بسوء قصد على منتجاته علامة تجارية مملوكة لغيره، وكل من باع أو عرض للبيع أو التداول منتجات عليها علامة تجارية مزورة أو مقلدة".


رجاء محمود، أربعينية، وإحدى ضحايا العلامات التجارية المزيفة، لكونها تعتمد على منتجات اللحوم الخاصة بإحدى الشركات الشهيرة في مصر، وتبتاع كميات كبيرة من اللحوم المدخنة مطلع كل عام مدرسي، لأجل تحضير الوجبات المدرسية الخاصة بأطفالها الملتحقون بمراحل تعليم مختلفة.

العام الدراسي الحالي، اشترت السيدة كمية كبيرة من تلك اللحوم لتكفيها شهور طويلة، وجهزتها لأطفالها مع الحقائب المدرسية، وفي اليوم التالي كانت الفاجعة: "فجاءة لاقيت تليفون من المدرسة أن ولادي الأربعة أصيبوا باشتباه تسمم واتنلقوا المستشفى"، تقولها السيدة.

تضيف: "روحت المستشفى الدكتور المعالج قالي أنهم عملوا غسيل معدة، بسبب تناولهم أكل ملوث، والعيال قالوا أنهم ماكلوش حاجة غير اللانشون اللي عملته من الصبح". لم ترض "رجاء" بضياع حق أطفالها، وتلك الليالي الخمسة التي قضوها يتألمون في أمعائهم داخل المستشفى، فقامت بتحرير شكوى في جهاز حماية المستهلك حملت رقم 1788 والذين تبين منها أن هناك مصنع يستخدم نفس العلامة التجارية.

بحسب آخر إحصاء صدر من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء خلال يونيو ٢٠١٨ فإن أن هناك نحو 500 ألف علامة تجارية مسجلة في مصر، قرابة 14 ألف منها مضروبة وتم سرقتها وطرحها في السوق المصري.

بينما يبلغ حجم التجارة في الأسواق العشوائية بمصر يبلغ 20 مليار جنيه سنويًا، وهي تمثل نحو 45% من حجم التجارة الرسمية للدولة، وتتكلف الإعلانات المضللة التي تستخدم علامات تجارية مزيفة نحو 800 مليار دولار، بما يوازي 8٪ من حجم التجارة الدولية وفق للإحصاء.