رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كشفها هجمة مرتدة.. كيف تحولت منظمات الإغاثة لفروع من أجهزة المخابرات؟

هجمة مرتدة
هجمة مرتدة

في الحلقات الأولي من مسلسل "هجمة مرتدة"٬ ظهرت شخصية "مانويلا" العاملة في إحدي منظمات الإغاثة الدولية٬ وكيف كان عملها بهذه المنظمة مجرد "برفان"٬ تمارس من خلفه عملها التجسسي الاستخباراتي. ما جاء في المسلسل ليس بالخيال الدرامي٬ إنما هي حقائق علي الأرض يؤكدها العديد من الباحثين والمراقبين الغربيين أنفسهم.

ـ اليوم نرمي القنابل وغدا نبني الجسور
تذهب الباحثة الأميركية "نعومي كلين" في دراساتها حول حروب الكوارث الأميركية بأن عقود إعادة الإعمار في العراق كانت جاهزة قبل الغزو وتم تثبيتها بعد الاحتلال في برنامج سياسي اقتصادي متكامل. وهو ما يؤكد عليه الصحفي الإنجليزي"بيتر جيل" في كتابه : اليوم نرمي القنابل وغدا نبني الجسور"٬ والذي كانت نقطة الإنطلاق له وكالات المعونة الخيرية الكبيرة٬ وقيمة المساعدات التي تحصل عليها وصلت إلي 25 مليار دولار أمريكي٬ وكيف عملت هذه الوكالات نيابة عن الحكومات الغربية لحماية مصالحها في البلدان التي تعمل بها هذه المنظمات.

تحت عنوان "الأرمادا الإنسانية" يقول جيل: حين قصفت الولايات المتحدة مدينة كوباني السورية عام 2014 لوقف سقوطها علي يد مقاتلين داعش٬ قال الجنرال الأمريكي المتقاعد المكلف ببناء تحالف عسكري ضد الدواعش: إن الجنرال "جون آلين" لن يستخدم مصطلحات مثل الهدف الإسترتيجي أو نتائج استراتيجية لوصف العمل٬ نحن نضرب أهدافا حول كوباني لأغراض إنسانية.

سافر "جيل" علي مدي ستة أشهر خلال عامي 2013 و2014 من أفغانستان٬ حيث كان لممولي المساعدات الرئيسيين جنودا علي الأرض أغلب هذا القرن٬ ثم إلي الحدود التركية مع سورية "حيث يكافح الغرب لاحتواء التهديد الجهادي القريب إليهم" بحسب تعبيره.

 تنفذ الولايات المتحدة في البلدان الأربعة التي ركزت عليها: أفغانستان٬ باكستان٬ الصومال وسوريا٬ عمليات قصف باستخدام الطائرات الحربية التقليدية٬ أو طائرات بدون طيار٬ بدأ عصر منظمات الإغاثة والمنظمات غير الحكومية٬ في الإنتعاش خلال الحرب علي أفغانستان. وبعد أحداث سبتمبر 2001 والإطاحة بحركة طالبان٬ هرعت هذه المنظمات بحماس إلي هذه المهمة الضخمة والممولة جيدا في مجال إعادة البناء.

ـــ المساعدات الإنسانية غطاء لعمل المرتزقة
سافر بيتر جيل إلي الصومال٬ متوجها إلي "مخيم المطار" الذي تملكه وتديره شركة أمريكية تدعي " بانكروفت" وهو أحد المشاريع التي تجمع بين الربح في منطقة حرب مع عمل المنظمات غير الحكومية٬ التي تتعامل مع إنعدام الأمن الصومالي. توظف بانكوفت للتنمية العالمية جنودا سابقين من أنحاء العالم كله٬ وعدد ليس بالقليل من مرتزقة سابقين لتدريب قوات الإتحاد الأفريقي المنتشرة في الصومال.

تنتشر قوات الإتحاد الأفريقي في الصومال بتفويض من الأمم المتحدة٬ متخذة من عمال الإغاثة التابعين للأمم المتحدة٬ كوكالة اليونسيف٬ والمفوضية العليا للاجئين وبرنامج الأغذية العالمي٬ غطاءا لعملياتها العسكرية٬ والتي تعد مهمتها الأسمي الإنتصار في حروب مجلس الأمن في نيويورك.  

ــ برنامج الأغذية العالمي يدعم حركة الشباب وتنظيم القاعدة
يؤكد الصحفي الإنجليزي "بيتر جيل" في رحلته الإستقصائية٬ لتتبع وكالات الإغاثة والمساعدات الإنسانية الدولية٬ الحكومية منها والغير حكومية٬ علي أن مأساة المجاعة التي ألمت بالصومال عام 2011 كانت نتيجة لفساد برنامج الأغذية العالمي٬ حيث كان المسئولين عنه قد قدموا دعما لوجستيا٬ لحركة الشباب وتنظيم القاعدة في الصومال٬ مما دفع الأمم المتحدة في النهاية لوقف المساعدات وأعلنت المجاعة في الصومال التي خلفت ورائها أكثر من 250 شخص ماتوا جوعا. يقول جيل: الغذاء هو العملة في الصومال٬ وفي عام 2010 أكدت الأمم المتحدة أن سلسلة التوريد في البلاد٬ التي يديرها برنامج الأغذية العالمي٬ كان يخضع للفساد والإنحراف. حيث ذهبت المواد الغذائية والمساعدات٬ إلي "الجهاديين"٬ بالإضافة إلي ذلك كانت المساعدات الغذائية تخضع للضريبة عند نقاط التفتيش علي الطريق٬ وكانت أموال هذه الضرائب تذهب لحركة الشباب وتنظيم القاعدة. كانت النتيجة أن الولايات المتحدة خفضت مساعداتها الغذائية إلي الصومال٬ وجاع الناس عندما أخفقت زراعة المحاصيل٬ بعد ذلك بوقت قصير مات الناس جوعا. كان الواجب الإنساني الواضح أن الناس يجب أن تأكل٬ وهكذا دارت رحي معركة العلاقات العامة في واشنطن٬ أظهرت الصحف والتليفزيون تقارير من كينيا وإثيوبيا٬ عن الأسر الصومالية الضعيفة التي تكافح عبر الحدود سيرا علي الأقدام هربا من الموت. تعالت الأصوات أن نهج المنظمات الغير حكومية كان السبب.

ــ كيف تحولت منظمات الإغاثة لفروع من أجهزة المخابرات
كانت المساعدات في مقابل جمع المعلومات الإستخباراتية٬ فضيحة أخري تضاف لملف التجاوزات والجرائم التي تقترفها٬ المنظمات الإغاثية الإنسانية٬ في المناطق التي تعمل بها٬ ومن ضمنها أفغانستان. ويعرض "جيل" لأحد التقارير المدروسة جيدا٬ من قبل البنتاجون والمخابرات المركزية الأمريكية٬ عن مخطط لتوزيع بطانيات للمعوقين٬ طبع عليها أرقام هواتف للسكان المحليين ليتصلوا عليها٬ إن كانت لديهم معلومات عن تنظيم القاعدة. ويشير جيل إلي أن هذا وضع الذين تلقوا البطانيات للخطر٬ كما تم توزيع هذه البطانيات أيضا علي النازحين٬ نقلت أحدي الصحف عن مسئول في فريق الإعمار قوله: كلما ساعدونا في العثور علي الأشرار٬ سنقدم لهم مزيدا من الأشياء الجيدة. كما يشير التقرير إلي استخدام المركبات البيضاء٬ والتي ارتبطت مسبقا بالمساعدات المقدمة من مدنيين٬ ولكن في أفغانستان شكلت تمويها جيدا لقوات الجيش الأمريكي.