رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الضحايا يتحدثن

قراصنة الكاميرات.. جاسوس يسكن بيوت المصريين

كاميرا
كاميرا

في إحدى ليالي صيف مايو ٢٠٢٠ عادت "فاتن" مُرهقة من عملها الذي دام أكثر من 12 ساعة متواصلة، كادت تود قسطًا من الراحة، إلا أن طبيعة عملها الشاقة في مجال التسويق عبر الإنترنت، دفعها لتقبع من جديد خلف حاسبها الآلي الصغير، وبمجرد أن ضغطت  "زر" التشغيل حتى ظهر ضوء "فلاش" الكاميرا وكأن إحداهم يلتقط لها صورة.

لم تعبء وقتها الفتاة بما حدث، وحسبته مجرد عطل بسيط أصاب الحاسب الآلي، لكن بمرور الوقت شعرت بأشياء غريبة تحدث له، صورًا يتم حذفها وأخرى خادشة للحياء تُضاف، ملفات تُنقل من مكانها، برامج وتطبيقات لا تعلم عنها شيء، تظهر فجاءة على شاشة الحاسب ثم تختفي، وكأن أحد يتحكم بجهازها عن بُعد.

لم تستطع "فاتن" كتمان شكوكها وقلقها، إلا أنهما لم يطولا كثيرًا، بعدما ظهر لها شخص من حساب مجهول على موقع "فيس بوك"، كشف لها أنه قام باختراق الكاميرا الخاصة بجهازها، وصورها صوت وصورة لمدة يومين في منزلها وبملابسها العادية، وقام بتركيب بعض الصور المُخلة على وجهها، وفيديوهات في أوضاع جنسية، وأرسلها لها.

"فاتن"، ليست سوى ضحية لـ"قراصنة اختراق الكاميرات"، الذين يهددون حياة أي فتاة تستخدم الإنترنت، مستخدمين أساليب برمجة واختراق الكاميرات بكشل احترافي، لتصوير الفتيات صوت وصورة في منازلهم وبأوضاع مختلفة، وتهديدها بعدها بتلك الأشياء بحسب الضحايا اللاتي تحدثن معهن "الدستور".

استطاعت الفتاة -كما تقول- أن تتخلص من ذلك المخترق، من خلال صفحة على موقع "فيس بوك" تسمى "المحترف" وهو من أرشدها لطريقة التخلص من ذلك العبء الثقيل، من خلال إرسال رابط له وإيهامه بأنه حسابها البنكي، يستطيع تحويل منه ما يريد من أموال، ولم يكن سوى "فيروس" اخترق جهازه.  

مها، طالبة بكلية الفنون الجميلة وتقطن بمنطقة مصر الجديدة، ضحية أخرى للاختراق الالكتروني، تبعه تلك المرة عملية ابتزاز جنسي من مجهول في مطلع عام 2016 الماضي. تقول أن عملية الاختراق بدأت حين أرسلت لها إحدى صديقاتها رابط خاص، أدعت فيه أنها صفحة انشأتها وتريد منها إدارتها، وبالفعل ضغطت "مها" على ذلك الرابط المُرسل، لتجده يطالبها بإدخال حسابها الشخصي وكلمة السر من جديد.

علمت "مها" في تلك اللحظة أنه مجرد "فيروس" للاختراق، ولكن بعدما تمت عملية الاختراق بالفعل، ثم عادت إلى صديقاتها لتسألها عن تلك الصفحة، لكنها فوجئت بصديقتها تغلق صفحتها بشكل مفاجىء، وعقب ثلاثة أيام اكتشفت أن حساب صديقتها تم تهكيره وأنها ليست من كان يُحدثها وأرسل لها الرابط .

بدأ ذلك الشخص المجهول في عملية ابتزاز جنسية، إذ طالبها بتصوير مقطع جنسي له، وإرساله كي يقوم بترويجه وبيعه للمواقع "الإباحية"، مهددًا إياها بنشر الفيديو الذي قام بتصويره لها دون علمها بعد اختراق الكاميرا والصور الشخصية على حسابها.

الفتاة قامت بغلق حسابها وتغيير كلمة السر وغلق حاسبها الآلي لمدة أيام، وظنت أن الأمر انتهى إلى هنا، لكنها تفاجئت في اليوم التالي باختراق حساب "الإنستجرام" أيضًا، ونشر صور مفبركة لها في أوضاع خاصة.

وصلت الفتاة إلى حائط سد في تلك اللحظة، فلم يكن أمامها سوى إخبار أهلها بما حدث، فذهب والدها لتحرير محضر في مباحث الإنترنت واستطاعت المباحث تتبع حساب ذلك الشخص المجهول وغلقه.

مصر الأولى في الشرق الأوسط تعرضًا لمحاولات الاختراق الإلكتروني، حسبما جاء في الإحصاء الدولي حول مخاطر القرصنة الإلكترونية عام 2014، فيؤكد "باتريك ماكجولين" مسئول الأمن الإلكتروني عن منطقة الشرق الأوسط أن المصريين أكثر شعوب المنطقة تعرضًا للاختراق الإلكتروني.

وفي مطلع عام 2017، دقت شرطة نظم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ناقوس الخطر في هذا الأمر، بعدما روت في بيان لها بتاريخ 12 يناير 2016، حادث عن الاختراق الإلكتروني، من خلال بلاغ ورد لها من إحدي الطالبات تقول فيه إن مجهولًا اخترق كاميرا الحاسب الآلي الخاص بها، والتقط صورًا لها أثناء تواجدها بمنزلها دون علمها، مطالبًا بدفع أموال طائلة أو نشر تلك المقاطع.

عشقت "هيام" 23 عامًا، منذ صغرها الموضة والأزياء، بالرغم من عملها في مجال التمريض، ودوامت على تصفح المواقع الخاصة بها، لم تكن تعلم إن إحداهم سيوقعها في عملية اختراق، بعدما ضغطت على إحدى الروابط بها خلال منتصف عام 2016، لتسود شاشة حاسبها الآلي ويغلق فجاءة.

ظلت"الفتاة" تحاول إعادة تشغيله من جديد دون جدوى، ولم يمر سوى 20 دقيقة، حتى استطاعت فتحه من جديد، لتفاجىء بعد عدة أيام بحساب مجهول بموقع "فيس بوك"، أرسل لها مقطع فيديو بالصوت والصورة أثناء تواجدها في منزلها في أوضاع شخصية.

تقول الفتاه: "بعد شوية لاقيته بيتصل على تليفوني مش عارفة جابه منين، ولما رديت لاقيته بيقولي أنه سحب معلومات وصور ليا من حسابي الخاص، وعايز مقابلها 5000 دولار".مدة ثلاثة أيام، ظل الهاكرز يُرسل لها صورها في أوضاع شاذة مفبركة، وطالبها بزيادة المبلغ إلى 10000 دولار.

فقامت بحذف كل ما على جهازها وغلق كل حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، ولم تستطع البوح لأهلها خوفًا منهم، ولم يخلصها من الأمر إلا هاكرز آخر استطاع اختراق المبتز وتشفير حسابه، مقابل ألفي جنيهًا.