رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قراء يستغلون معرض الإسكندرية وينظمون ندوة افتراضية لكاتب إخواني أردني

معرض الاسكندرية للكتاب
معرض الاسكندرية للكتاب

يستغل مجموعة من القراء اسم معرض الإسكندرية للكتاب لتنظيم ندوة للكاتب الأردني الإخواني أيمن العتوم، الملقب بينهم وفي الأردن بـ"شاعر الإخوان"، خلال وجودهم في أرض المعرض.

ويناقش القراء ، في لقاء عبر منصات التواصل الإجتماعي غدا الجمعة، روايات الكاتب، التي تدور أغلبها عن ذكرياته داخل السجون الأردنية.

قبل شهور سطر الإخواني أيمن العتوم، على صفحته بموقع التواصل الإجتماعي فيس بوك، مهاجما عميد الأدب العربي طه حسين، متهما إياه بالعمالة للصهيونية، نقلا عن كتاب "حضرات الزملاء المحترمين" لناصر الدين النشاشيبي (1919 – 2013)، والأخير هو صحافيّ ومؤرّخ فلسطيني شغل منصب رئيس تحرير جريدة «الجمهوريَّة» القاهريَّة في ستينيات القرن الفائت:"وعن قبول طه حسين أنْ يكون رئيس تحرير جريدة (الكاتب المصريّ) الّتي تعود ملكيّتها ليهود مصر. يقول النّشاشيبيّ: "كان فيكتور هراري باشا المسؤول الأوّل عن إدارة الخزانة المصريّة في عهد الخديوي إسماعيل، وقد أشار إليه (حاييم وايزمن) أكثر من مرّة في رسائله إلى زوجته، وبقيت الأُسرة في مصر، وجمعتِ الملايين، وجاءت لعميد الأدب العربيّ واشترتْه لكي يُصبح رئيسًا لتحرير مجلّةٍ ظاهرها الأدب، وباطنها الصّهيونيّة".

سموم العتوم تجاه الثقافة المصرية ترعاها دور نشر مصرية توزع رواياته في القاهرة، وتوجه الشباب لشرائها في معارض للكتاب تنظم بعضها دار نشر "عصير الكتب"، في معظم محافظات مصر، الدار الأشهر بين الشباب الأن.

سموم الإخوان الثقافية

العتوم ليس الأخير، في زمرة أدباء الأخوان، المنتشرين في أروقة المكتبات المصرية، وبين رفوف مكتبات ألاف القراء الشباب، ينشرون أفكار تيارات الإسلام السياسي تحت مسمى روايات، لحقه روائي فلسطيني يدعى أدهم شرقاوي، هو الأكثر مبيعا بين الشباب في مصر أيضا، كتب على صفحته بموقع فيس بوك يوم رحيل نوال السعداوي:"أشهدُ أن هذه المرأة أساءت لنا في ديننا، وآذتنا في عقيدتنا، وإني كلما سُئلتُ عنها كنت أقول، أم جميل حمَّالة الحطب في قريش، ونوال حمالة الحطب في زمننا».
بهذه الكلمات كتب الروائي الفلسطيني أدهم شرقاوي معبرا عن فرحته في رحيل الكاتبة والروائية نوال السعداوي، كلمات قد تمر مرور الكرام في غمرة الجدل الذي أثاره رحيل السعداوي على منصات التواصل الإجتماعي، بين مهاجم ومدافع، غير أن 12 ألف إعجاب على تعليق شرقاوي، المنشور على صفحته الشخصية، التي يتابعها 300 ألف متابع تقريبا، لفت انتباه الجميع، للكاتب الشاب الذي نشر روايته الأولى عام 2012، عن دار كلمات الكويتية، وأصبح في لمح البصر الأكثر مبيعا في المنطقة العربية، وبين أكثر الأدباء مقروئية بين الشباب في مصر!
صعود شرقاوي والعتوم جاء ضمن فورة شهدتها صناعة النشر في المنطقة العربية، وصعود نفوذ دور نشر ذات طابع ديني، أغلبها محسوب على تنظيم جماعة الإخوان الإرهابية، منها دور نشر كانت مملوكة لخيرت الشاطر نفسه في مصر، أحد أخطر قيادات الجماعة!
العتوم وشرقاوي ضمن الأدباء الأكثر مبيعا بين الشباب في مصر، بدعم مباشر من تيارات الإسلام السياسي المتطرفة، التي استبدلت الدعاة الجدد بمصطلح آخر حداثي، يتناسب مع الشباب العربي الذي انتشرت بين أوساطه قراءة الروايات، والأدب عموما، في السنوات الخيرة!
وفي محاولة من الدولة للسيطرة على التمدد الإخواني تحت مسمى نشر الكتاب الثقافي، شهدت دور نشرٍ، ومؤسسات للطباعة، ومكتبات تملكها الجماعة، سلسلةً من قرارات المنع والمصادرة والتحفّظ، بعد مرور ٦٠ يوماً فقط على ثورة ٣٠ يونيو عام ٢٠١٣، عندما أصدر مجلس الوزراء قراراً بتشكيل لجنة لإدارة أموال جماعة الإخوان، بناءً على الحكم الذي أصدرته محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، بحظر نشاط الجماعة والتحفظ على أموالها، وإلزام الحكومة بتشكيل لجنة لإدارة أموالها، وخرجت اللجنة إلى النور، ليكون أول رئيس لها المستشار عزت خميس، مساعد أول وزير العدل وقتها.

وفي سبتمبر 2015، تحفظت اللجنة، على خمس دور نشر وفروعها، مملوكة لقيادات الجماعة.

من دور النشر المتحفظ عليها دار ابن الجوزي، لمالكها عصام محمد إبراهيم السقا، اللافت للانتباه أن الأمين العام لاتحاد الناشرين المصري الحالي هو الأخ الأصغر لمالك دار الجوزي، الناشر محمد محمد إبراهيم السقا، وجاء خلفا للناشر الإخواني محمد حامد راضي، الأمين العام السابق للاتحاد، وهو أحد مؤسسي ناشرون ضد الإنقلاب، عام 2014!

أخونة الثقافة في مصر

"تقرير الحالة الدينية المعاصرة في مصر (2010 – 2014)"، والذي أعدته مؤسسة مؤمنون بلا حدود، في محاولة لرصد كيف سعت الجماعة لاختراق المؤسسات الثقافية الرسمية فترة حكم الإخوان لمصر، وكيف تصدى المثقفون لتلك المحاولات، يشير إلى أن مصر دخلت مرحلة ما بعد يناير والفكر الديني يحتل مكانة مهمة لدى منتجي ومروجي الثقافة؛ وهو الأمر الذي يعني امتلاك القوى الإسلامية منافذ فعالة للتأثير في المناخ الثقافين وجماعات المثقفين، ناهيك عن تأثيرها القوي في ثقافة رجل الشارع العادي. فهناك نحو 450 دارا للنشر تنتج نحو 90% منها كتبا إسلامية.

ورصد التقرير أكثر من 70 دار نشر تابعة بشكل مباشر لجماعة الإخوان المسلمين، منها: :"دار الوفاء للطباعة والنشر التي يملكها عاصم شلبي رئيس اتحاد الناشرين المصريين والعرب السابق، ودار الإبداع للطباعة والنشر، وشركة النهر للإعلام والنشر، ودار الفتح للإعلام العربي، ومركز الإعلام العربي، ودار الفضيلة، ومؤسسة إقرأ للنشر، وحروف للنشر والتوزيع، ودار سفير للنشر، ودار الطباعة والنشر الإسلامية، وشركة بوابة القاهرة للنشر والتوزيع، وشركة بيزنس نيوز للصحافة والطباعة والنشر، ودار الدعوة التي يمتلكها محسن راضي، القيادي الإخواني، ورئيس اللجنة الإعلامية لحزب الحرية والعدالة، ودار الأخبار العربية، التي يملكها متولي صلاح عبد المقصود، وزير الإعلام الإخواني في وقته، ثم دار الرحمة ويقين؛ اللتان يملكهما القيادي الإخواني خيرت الشاطر، النائب الأول للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين.

ويشير التقرير إلى خروج هذه الجماعات بخطابها الثقافي والإعلامي إلى النور بعد يناير 2011، بشكل واسع، وقد شهد العامان التاليان لعام 2011 إنتاج عروض مسرحية، وأفلام سينمائية، وتسجيلات غنائية، معبرة عن بعض هذه الجماعات.
ويؤكد التقرير إلى أن اتجاه تلك التيارات للسيطرة على المؤسسة الثقافية عائد إلى أن الجماعات الدينية المتطرفة تهدف إلى الإنفراد بإدارة الدولة والمجتمع، وتعمل على بناء مجتمع منقاد لا يناقش، ولا يعترض، والمداخل الثقافية، والتعليمية، والإعلامية مداخل أساسية في هذا الجانب.

أسلمة المعرفة

مساعي تيار الإسلام السياسي بأطيافه المختلفة، وفي مقدمتها تنظيم الإخوان، لاختراق المشهد الثقافي العربي، بدأت مع تأسيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية"، بدعوى من الشيخ «أبو الحسن الندوي» في الهند، وتأسست الرابطة فى السعودية عام 1984 لتخرج عنها سلسلة من الإصدارات ما بين الكتب والدراسات والمجلات الأدبية التي تحدثت عن وجود أدب إسلامي منذ بعثة الرسول قبل 1400 عام وحتى اليوم.

وضعت الرابطة أيضا 16 شرطا لتحقيق أهدافها وأعمالها كان على رأسها تعريف مصطلح الأدب الإسلامي:"هو التعبير الفني الهادف عن الإنسان والحياة والكون وفق التصور الإسلامي"، وأيضا:"الأدب الإسلامي أدب ملتزم، والتزام الأديب فيه التزام عفوي نابع من التزامه بالعقيدة الإٍسلامية، ورسالته جزء من رسالة الإسلام العظيم".

وأى محاولة من الأدباء للخروج على تلك المعايير التي وضعها دعاة الجماعة كانت تقابل بعنف شديد، سواء باللجوء إلى دعاوى الحسبة، أو حتى قتل الكاتب أو المفكر الذي تجرأ على ذلك العمل، مثلما حدث مع المفكر فرج فوده والذي قتلته جماعة الجهاد المصرية، يونيو 1992، ومحاولة اغتيال الجماعة الإسلامية المصرية للروائي العالمي نجيب محفوظ عام 1995.

وفي عام 2004، تحرك عضو البرلمان عن التيار الإسلامي، مصطفى محمد مصطفى، ضد كتاب "الوصايا في عشق النساء"، للشاعر المصري، أحمد الشهاوي، نائب رئيس تحرير مجلة "نصف الدنيا" في ذلك الوقت، متهماً الكتاب بأنه يتضمن مجموعة من العبارات، تستهين بالدين، وتستفز مشاعر المسلمين. وعلى خلفية ذلك، قام جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، بجمع النسخ من المكتبات، وباعة الصحف، ومصادرتها بناء على توصية الأزهر الشريف، الذي طالب بمنع الكتاب.

وحدث نتيجة لذلك المنع، أن تلقي الشاعر أحمد الشهاوي، تهديداً بالقتل، من جماعة تطلق على نفسها اسم "أنصار الإسلام"، جاء فيه نصاً:"قد علمنا ما كان من أمر كتابكم الناضح بالكفر البواح المسمى الوصايا في عشق النساء، وحذار من نشر الجزء الثاني منه ثم حذار من البطش الشديد والعقاب الأليم".

الأديب المسلم

جابر قميحة (1934 - 2012) أستاذ الأدب بجامعة عين شمس بالقاهرة وعضو جماعة الإخوان المسلمين كان أحد المدافعين عن مصطلح الأدب الإسلامي، حيث قال في تعريفه لهذا النوع من الأدب إن "الإسلام شرط أساسي في وصف الأديب المسلم، أي أن مبدع الأدب الإسلامي يجب أن يكون مسلماً...". وفي وصف قميحة لوضع الإبداع الموجود حالياً قال: "والإبداعات الموجودة على الساحة الآن في بعضها ملامح من الأدب الإسلامي، ولكن كثيراً منها يعتبر أدباً ساقطاً ماجناً، يرفضه لا أقول الأدب الإسلامي فحسب، ولكن الإسلام نفسه".

ورغم ضعف الانتاج الأدبي الذي سعت جماعات الإسلام السياسي لتصديره للقارئ العربي قبل عام 2011، إلا أنها استغلت الأدب بعد ذلك العام كأداءة لنشر أفكارها المتطرفة، تحت ثوب ديني، سواء أدرك الأدباء المتصدرين لذلك النوع أنهم ينشرون أفكار الإخوان أم لا، يكفيهم فقط أن دور نشر الإخوان المسيطرة بقوة على اتحادات الناشرين العربية، تعمل على ترويج تلك الروايات، وتساهم في توزيعها وبيعها لسلاسل المكتبات التي يتحكم فيها أعضاء التنظيم الدولي للإخوان، في مقدمتها سلسلة مكتبات ألف الشهيرة، أبرز مروجي تلك الروايات في منافذها التي تجاوزت 70 فرع، قبل أن تتحفظ عليها الحكومة المصرية قبل سنوات!