رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من مسيرة ست البنات 2011 إلى دستور 2013


التمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون، وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على جميع أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض». كما أن المادة 80 التى تحدد سن الطفل حتى 18 سنة تحمى النساء من زواج القاصرات والاستغلال الجنسى.

بعد أحداث محمد محمود الأليمة، وبينما دماء الشهداء لم تجف بعد على أرض ميدان التحرير، تجددت الأحداث من 15 إلى 21 ديسمبر 2011 أمام مجلس الوزراء. وسأقف عند مشهد أصاب جميع المصريين، خاصة البنات والسيدات، بالغضب، وهو سحل فتاة من الثوار، وتعريتها، وضربها ضربا مبرحا، وضرب كل من حاول الدفاع عنها من سيدات أو شباب. مشهد غريب على عادات وطبائع الشعب المصرى. يرتفع عدد شهداء الشعب المصرى إلى 17 شهيداً و1917 مصاباً خلال أسبوع.يستقيل عدد من المجلس الاستشارى المصرى، ويعلق بقية الأعضاء اجتماعاتهم لحين استجابة المجلس الأعلى للقوات المسلحة لتوصيات المجلس الاستشارى، من وقف العنف ضد المتظاهرين، وتحقيق فورى وشفاف، واعتذار المجلس الأعلى للقوات المسلحة وصرف مستحقات الشهداء ومصابى الثورة.

ووسط تشييع جنازة الشيخ محمد عفت، ووسط محاولة إنقاذ الكتب من حريق المجمع العلمى، كانت مسيرة نساء مصر عصر الثلاثاء 20 ديسمبر، والتى قيل عنها إنها أول مسيرة نسائية بالآلاف منذ عام 1919، وتعالت الهتافات: «ارفعى راسك ارفعى راسك- إنتى أشرف من اللى داسك» و«مش هانقبل الاعتذار- هتك العرض مش هزار». وقال بعض الرجال المتنطعين من الإخوان، بل وقالت نساء الأخوات: «إيه اللى وداها هناك؟!». لأنهم فى ذلك الوقت كانوا يعدون أنفسهم للتحضير لانتخابات البرلمان و للاستيلاء على السلطة.

كانت هذه المسيرة بداية لتكوين حركة نساء مصر من كل نساء المنظمات النسائية الحقوقية والحركات النسائية الشعبية، والجمعيات الأهلية المدافعة عن حقوق النساء، ونساء الأحزاب. من يومها تعمل النساء معا ضد الهجمة الظلامية الرجعية، وضد تهميش النساء وتقزيم دورهن. وبدأت النساء مشوار النضال من أول ألا تقل نسبتهن عن 30% من الجمعية التأسيسية وفى المجالس النيابية المختلفة، والمطالبة بسن قوانين لتجريم العنف ضد المرأة.

وكانت الصدمة الأولى فى عدد النساء اللائى وصلن إلى برلمان 2012: سبع نساء بالانتخاب، واثنتان بالتعيين. والصدمة الثانية: عدد النساء فى الجمعية التأسيسية 2012 لا يزيد على خمس! وتلاها الصدمة الكبرى لدستور 2012، الذى أسقطه الشعب المصرى فى 2013. دستور 2012 الذى ضيع كل ما اكتسبته المرأة من حقوق فى الدساتير السابقة. وكانت المواد 2، 4، 10، 11، 76، 219 سدا منيعا أمام كل آفاق التقدم على طريق نيل المرأة حقوقها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

كان إصرار واضعى دستور 2012 على عدم تحديد سن الطفولة وعدم النص على تجريم الإتجار بالبشر وتجارة الجنس، وتجريم التمييز، وتجريم العنف ضد المرأة مما يمهد لزواج القاصرات والإتجار بالنساء. واقتصر تناول دستور 2012 عند تناول النساء على المادة التى تقول «تكفل الدولة التوفيق بين واجبات المرأة نحو أسرتها وعملها العام، وتولى الدولة عناية خاصة للمرأة المعيلة والمطلقة والأرملة».

واستمرت مسيرة النساء، وكان صوتهن عاليا فى الوفود التى ذهبت من كل أنحاء البلاد إلى لجنة الاستماع بالجمعية التأسيسية لوضع دستور 2013. وجاءت مطالب النساء لنيل حقوقهن وحقوق الأسرة وحقوق الطفل وحقوق المجتمع المصرى كله فى الصحة والتعليم والسكن والإصرار على التزام الدولة بالمواثيق الدولية التى وقعت عليها فيما يخص تلك الحقوق. وكان صوت النساء عاليا عند المطالبة بحقوق ذوى الاحتياجات الخاصة والمسنين. ومن أجل المواطنة وإعلاء دولة القانون.

وتمنت النساء أن يكون فى الدستور مادة مثل كل دساتير العالم تنص على ألا تقل نسبة المرأة فى المجالس النيابية عن 35%. وجاء دستور 2013 ملبيا للكثير من مطالبنا، بما يمكننا من النضال لنيل المزيد من الحقوق للإنسان المصرى، رجلا وامرأة. والحقيقة أننا عندما نتناول ما يخص المرأة فى الدستور فإننا لا نقتصر على المادة 11 الخاصة بالمرأة، لأن الدستور يحتوى على مبادئ عامة تستفيد منها المرأة بدءا من الديباجة. تحتوى الديباجة على عدد من الفقرات منها: «نكتب دستورا يفتح أمامنا طريق المستقبل، ويتسق مع الإعلان العالمى لحقوق الإنسان» نكتب دستورا يصون حرياتنا، ويحمى الوطن من كل ما يهدده أو يهدد وحدتنا الوطنية» «نكتب دستورا يحقق المساواة بيننا فى الحقوق والواجبات دون تمييز».

وإذا نظرنا نظرة متعمقة إلى مادة المرأة رقم 11 فى فقرتها الأولى: «تكفل الدولة المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية وفقا لأحكام الدستور». كما تنص المادة ولأول مرة: «تعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلا مناسبا فى المجالس النيابية....تكفل الدولة للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية دون تمييز ضدها». واحتوت المادة على: «تلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجا».

وإذا نظرنا إلى بقية المواد التى لها صلة مباشرة بحقوق المرأة: المادة 53 تنص على «المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو اللغة أو الإعاقة أو المستوى الاجتماعى أو الانتماء السياسى أو الجغرافى أو لأى سبب آخر.

■ الأمين العام للحزب الاشتراكى المصرى