رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مؤرخ يكشف مخططات تركيا لاختراق فرنسا

أردوغان و ماكرون
أردوغان و ماكرون

حذر المؤرخ والمفكر والكاتب الفرنسي المشهور عالميا تيري ميسان، من تأثير التسلل التركي لفرنسا من خلال منظمات وشبكات سياسية ودينية أنشأتها الدولة التركية على مدى سنوات، محللا مظاهر هذا الاختراق والأهداف التي يريد رجب طيب أردوغان تحقيقها من خلاله، معتمدا في ذلك على جماعات الإسلام السياسي وعلى رأسها "الإخوان".

وقال ميسان، في تقرير على شبكة "فولتير" وهي وكالة أنباء دولية كبرى أسسها الكاتب الفرنسي، أن فرنسا أدركت في وقت متأخر- إلى حد ما- بأن الجماعات الإرهابية التي تشن هجمات على أراضيها تتلقى الدعم من دول أجنبية، وعلى رأسها حليفتها في "الناتو" تركيا، مضيفا أن رفض باريس استخلاص أي استنتاجات تتعلق بالسياسة الخارجية، يضعف من جهودها في معركتها ضد التطرف الديني.

ولفت أن الرئيس إيمانويل ماكرون ومجلس الوزراء الفرنسي صاغوا مشروع قانون يقضي على طموحات الإسلام السياسي والفكر الخبيث للتطرف الذي تقوده تركيا، مشيرا إلى أن أردوغان فرض نفسه كقائد لهذا التيار وكزعيم لجماعة الإخوان، التي تتورط في العديد من النزاعات في الشرق الأوسط، لا سيما في ليبيا وسوريا والعراق.

ونوه المؤرخ الفرنسي أن مشروع القانون، والذي لا يزال قيد المناقشة في البرلمان، يدور حول أربع أفكار قوية، أهمها: حظر تمويل الجمعيات الدينية من قبل الدول الأجنبية، مثل تركيا وقطر، اللتان تحركهما بريطانيا والولايات المتحدة، مضيفا أن "محاربة الإسلام السياسي في فرنسا له العديد من النتائج القاسية في السياسة الخارجية، إذ لا يجرؤ أي طرف على معالجة هذه المشكلة، مما يجعل كل الجهود المبذولة في هذا النضال غير فعالة."

َوأوضح ميسان أن الصحف الفرنسية دأبت منذ مدة على نشر تحقيقات ومقالات تتحدث عن تسلل الجمعيات الدينية ذات الولاء التركي إلى فرنسا، حيث أوحت المديرية العامة للأمن الداخلي (DGSI) بنشر ملف صحفي في جريدة" لوجورنال دو ديمانش" بتاريخ 7 فبراير 2021 عن كيفية "اختراق أردوغان للمجتمع الفرنسي".

وتابع أن الصحيفة استشهدت على وجه الخصوص، بجماعة "مللي جوروش Milli Görüş، القريبة من التيار الإخواني، وحملتها كل التبعات، ولكن دون الإشارة إلى أنها كانت ميليشيا الرئيس نجم الدين أربكان، وأن أردوغان كان أحد قادتها.

- أردوغان.. الإسلام والسياسة

وذكر ميسان في تقريره، أن أردوغان الذي يطمح أن يكون خليفة للمسلمين، يبذل قصارى جهده لمعارضة المنهج الإسلامي الذي يطمح إليه المسلمون الذين يعيشون في أوروبا اليوم، والذي يعتمد على التمييز بين الإرث او الإيمان الروحاني والعمل السياسي أو العسكري.

وأضاف الكاتب: "كان محمد نبيًا وقائدًا حربيًا وأميرًا في نفس الوقت. وكان الإسلام الذي أسسه عبارة عن طقوس خاصة مستقاة من المسيحية، ولكن على العكس من ذلك، ورث السياسيون سلطته في الأمور الدينية، رغم أنهم لم يكن لديهم المعرفة الايمانية الكافية".

- أردوغان.. السياسي المجرم

وصف ميسان أردوغان بأنه ليس رجل سياسة كغيره من السياسيين، بل هو "رجل مجرم وسفاح" بدأ حياته المهنية كبلطجي يعتدي على الناس في شوارع العاصمة، مضيفا إنه دخل السياسة من خلال الانضمام إلى ميليشيات مللي جوروش التي أسّسها نجم الدين أربكان في سبعينيات القرن الماضي، والتي تتميز بخطابها المتطرف.

ونقل الكاتب عن زعيم الإخوان في تونس راشد الغنوشي، قوله "في العالم العربي، عندما يتحدث أناس من جيلي عن الحركة الإسلامية، فهم يتحدثون عن نجم الدين أربكان. وهم عندما يتحدثون عن أربكان، يتحدثون بالطريقة نفسها التي يتحدثون بها عن حسن البنا وسيد قطب "، مؤكدا أن تلك الحركة تمثل نفس أيديولوجية الاخوان.

وأضاف أن أردوغان، لعب باسم مللي جوروش، دورًا فعالًا في الحروب في أفغانستان والشيشان، وفرض نفسه كقائد لهذا التيار في نزاعات الشرق الأوسط وخاصة في سوريا.

- المؤسسات الدينية.. أداة أردوغان لنشر الفكر التطرفي في أوروبا

أما في الغرب، تابع الكاتب، كان بكر ألتاش، رجل أردوغان في أوروبا، يسيطر على الجاليات الإسلامية انطلاقًا من كولونيا، تحت حماية الناتو، وعلى رأس مللي جوروش، نظّم هجمات ضد الأرمن في فرنسا خلال حرب ناغورنو كاراباخ، وألغى ميثاق العلمانية.

وتلعب مللي جوروش دورا رئيسيا في النفوذ التركي في فرنسا، حيث تسيطر على حوالي 300 جمعية داخل فرنسا وتدير عددًا من المساجد، وتعد إحدى أذرع الإخوان المسلمين في أوروبا.

وبين ميسان أن مؤسسة "ديانت" أعلى سلطة دينية تركية تفرض سيطرتها على الجاليات التركية بشكل كبير، فزادت من عدد الأئمة الذين وضعتهم بتصرفها واعتمدوا على مللي جوروش Millî Görüş، ومؤخرًا على الذئاب الرمادية (ميليشيا تركية أخرى، مرتبطة أيضًا بحلف الناتو، ولكنها محظورة الآن في فرنسا).

والجدير بالذكر أن هذه الشبكات ضمت أئمة المساجد الذين يروجون لسياسات حزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة، وقوامها الرئيسي الجالية التركية الكبيرة في فرنسا، ما يثير التساؤلات حول التأثيرات الخارجية التي يتعرض لها المسلمون في فرنسا، وعلى رأسها أئمة المساجد الأجانب والتمويل الخارجي للمساجد والجمعيات الإسلامية.

- الإخوان ودور بريطانيا وامريكا في نشر افكارهم

قال تيري ميسان ان "الشكل الأول لجماعة الإخوان والتي أسسها حسن البنا، تم تصورها على أنها امتداد للاستثمار البريطاني في العالم الإسلامي. وتم تنظيم الشكل الثاني للجماعة من قبل المخابرات البريطانية MI6 بعد الحرب العالمية الثانية وإعدام حسن البنا مباشرة."

وأضاف انه "سرعان ما قدمت الولايات المتحدة بعدها المفكر الماسوني الملحد سيد قطب، الذي اعتنق الإسلام واعتبره سلاحًا للاستيلاء على السلطة. فأسس عقيدة ثنائية (هم ونحن، الحلال والحرام)، ونادى بالجهاد."

وذكر ميسان إنه تدريجيًا، وتحت السيطرة البريطانية، تمددت جماعة الإخوان لتشمل كل ما نسميه الآن بالشرق الأوسط الكبير. فاستولوا على السلطة في باكستان، مما جعل حرب السي آي إيه Cia ممكنة ضد السوفييت في أفغانستان، ثم تحولوا إلى جيش حقيقي، وقاتلوا في البوسنة والهرسك إلى جانب البنتاجون. وهم الآن متورطون في العديد من النزاعات في المنطقة".

وتابع المفكر الفرنسي قائلا: "خلال الحرب الباردة، أنشأت الولايات المتحدة المقر الأوروبي للإخوان المسلمين في ميونيخ، ثم في جنيف حول سعيد رمضان (زوج ابنة حسن البنا ووالد طارق وحني رمضان). وبعد كل انقلاب فاشل للجماعة في الشرق الأوسط، كان الناتو يمنح اعضائها حق اللجوء السياسي في كل من ألمانيا أو فرنسا."

- إيران.. الوجه الاخر للإخوان

ويرى الكاتب الفرنسي أن "روح الله الخميني" في إيران يمثل أيضا نموذجا لمفهوم الإسلام السياسي، حيث كان" آية الله" قد التقى حسن البنا في القاهرة ليس للانضمام إلى الجماعة ولكن لتقاسم العالم الإسلامي معهم.

وتابع ان مرشد الثورة الحالي علي خامنئي قام بترجمة كتابين لسيد قطب أعرب فيه عن إعجابه بالجماعة وافكارها، ودعا بشكل منهجي الإخوان إلى المؤتمرات التي ينظمهاحول الإسلام.