رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قراءة تحليلية حول تداعيات كورونا على الاقتصاد الرقمي

جريدة الدستور

تنشر "الدستور" قراءة تحليلة من مركز الدراسات للبحوث الاقتصادية، حول تداعيات كورونا على الاقتصاد الرقمي.

وجاء الاقتصاد العالمي أزمة كوفيد 19 وتداعياتها بتسجيل أدنى معدل نمو له على مدى عقد من الزمن عام 2019، فعلى حين سجل معدل النمو الاقتصادي العالمي نموًا متزايدًا ليبلغ 3.2%، 3.8%،3.9% خلال الأعوام 2016، 2017، 2018 على التوالي وفقًا لبيانات صندوق النقد الدولى، الا انه انخفض إلى 2.9% عام 2019 متأثرًا بتصاعُد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والضغوط الاقتصادية الكلية في الأرجنتين وتركيا، والاضطرابات في قطاع صناعة السيارات في ألمانيا، وتشديد سياسات الائتمان في الصين، وتضييق الأوضاع المالية إلى جانب عودة السياسة النقدية إلى طبيعتها في الاقتصادات المتقدمة الكبرى، مما ساهم في إضعاف التوسع العالمي إلى حد كبير، وخاصة منذ النصف الثاني من عام 2018.

ومع التأثير السلبي لجائحة كوفيد-19 على النشاط الاقتصادي منذ النصف الأول من عام 2020 من المتوقع أن يبلغ النمو العالمي -4.9% في وأن يكون التعافي بطيئًا ومتدرجًا.

فوفقًا لتقديرات المؤسسات الدولية، بلغ إجمالي الخسائر والنفقات العالمية ‏خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2020 ما يقدر بنحو 12 تريليون دولار وهو ما يمثل 12% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

وقد فرض مواجهة جائحة كوفيد 19 وتداعياتها نمطًا جديدًا من الاداء الاقتصادي، وحتمية التحول السريع نحو الاقتصاد الرقمي الذي يتيح للاقتصاديات مرونة كبيرة في مواجهة الأزمات والتعامل معها، فقد أثبتت التجربة أن الدول التي تتمتع بمهارات رقمية متقدمة وبنية معلوماتية رصينة تمكنت من التكيف والتعامل مع الجائحة بمرونة وفعالية بدرجة أكبر.

من ناحية أخرى كشفت الجائحة عن الكثير من الفجوات الرقمية بين الدول والأقاليم بل وحتى داخل الدولة الواحدة، فضلًا عن إشكالية بناء المواطن الرقمي ومحو الأمية المعلوماتية.

وفيما يلي نرصد مدى التطور الذي لحق بالاقتصاد الرقمي على المستوى العالمي والعربي، مع التركيز على خصوصية التجربة المصرية.

مساهمة الاقتصاد الرقمي في الاقتصاد العالمي
يتميز الاقتصاد الرقمي بتداخله وتقاطعه مع العديد من الأنشطة والقطاعات الاقتصادية، ففي ظل التكنولوجيا والرقمنة يصبح الاقتصاد أكثر مرونة، والابتكار والجودة أساس الميزة التنافسية، والمنافسة أشد وأقسى، ورأس المال الإنساني والاجتماعي هو المصدر الأساسي للقيمة المضافة، في ظل تغيرات سريعة وعنيفة للأسواق لا يمكن توقعها أو التنبؤ بها.

ومن ثم يصبح من الصعوبة بمكان التحديد الكمي الدقيق للقيمة المضافة التي يسهم بها الاقتصاد الرقمي في الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتستند التقارير والدراسات الصادرة عن المؤسسات الدولية إلى تقديرات متفاوتة لعل أكثرها دقة تقرير الاقتصاد الرقمي الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، ووفقًا لهذا التقرير بلغت قيمة الاقتصاد الرقمي العالمي حاليًا 11.5 تريليون دولار، أو 15.5% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، مع التوقعات بأن ترتفع هذه النسبة إلى 25% خلال أقل من عقد من الزمان.

وتتفاوت هذه النسبة بين الدول، فعلى حين يمثل الاقتصاد الرقمي نحو 22% من حجم الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية، فانه يصل لنحو 30% في الصين، كما تزيد أو تقل النسبة بعض الشيء في دول الاتحاد الأوروبي. على حين تقتصر حجم مساهمة الاقتصاد الرقمي في المنطقة العربية على 12% في المتوسط، مع وجود تباين كبير بين دول المنطقة.