رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الروائي مصطفي نصر: كل كاتب له طريقته الخاصة في الكتابة

مصطفي نصر
مصطفي نصر

قبل شهرين، خصص الملحق الأدبي لصحيفة لوفيجارو ملف تمثل في نشر نوعية من الكتب باتت تحظى باهتمام القراء مؤخرا، يتعلق الأمر بمخطوطات ومسودات بخط اليد لدواوين شعرية وروايات شهيرة لكتّاب معروفين، تم طبعها في كتب كما وصلت مخطوطا للناشر؛ هكذا يمنح المخطوط المسودة فرصة للقارئ لولوج العالم الإبداعي للمؤلف في حميمياته من خلال مسوداته الأولى، من خلال تنقيحاته وملاحظاته، وخطه وإمضائه، وأحيانا الرسومات التي يضعها على الهوامش. الآن لم يعد متاحا لكتّاب معاصرين هذا النوع من النشر، لم يعد هناك أحد يكتب أعماله بخط اليد، لم تعد هناك مسودات.

«الدستور» استطلعت آراء الكتاب والمبدعين حول الأمر، وهل يوافق الكاتب علي هذه التجربة أي نشر مسودات ومخطوطات أعماله في صورتها الأولي بخط اليد دون تنقيح أو تدخل؟ وهل مازل هناك من يكتب بخط اليد أم بغيره٬ وغيرها.

حول هذا الأمر، قال الروائي الكبير مصطفي نصر: كل كاتب له طريقته الخاصة في الكتابة، فقد قرأت عن طريقة يوسف السباعي في كتابة رواياته، بإنه كان يمكنه أن يكتب الفصل قبل الأخير قبل الفصول الأولى لروايته. وهذا ليس غريبا، فمارجريت ميتشل – مؤلفة الرواية الخالدة، ذهب مع الريح كانت تكتب فصولها الكثيرة بغير نسق متعاقب، فبعد الفصل الرابع، تكتب الفصل الثلاثين، وبعد الفصل الثلاثين قد تكتب الفصل العاشر. وأعتقد أن طريقة يوسف السباعي ومارجريت ميتشل لا يمكن أن تتم إلا إذا أعد الروائي سيناريو لروايته قبل أن يبدأ الكتابة.

تابع نصر: "وقد عملت فترة في كتابة تمثيليات إذاعية، فكانوا يطلبون مني ملخص للتمثيلية قبل البدء في كتابتها، فكنت اعتذر عن ذلك فأنا لا أستطيع أن ألخص عملا لم أنته من كتابته، فالكتابة تبدأ عندي بحالة، فأقرر، مثلًا، أن أكتب عن الدور الوطني لمدينتي الإسكندرية، وتفاصيل هذا وأحداثها تأتيني وقت كتابتها.

أنا لا أجيد عملية الحشر بين الفقرات، ولا بدّ أن أبدأ الموضوع من أوله ليكون في جو موحد، وسباكة محددة، ويحضرني في هذا ما حدث عندما دعوت المرحوم الأستاذ جمال الغيطاني لمؤتمر أدبي في الإسكندرية، فاعتذر قائلًا: "أنا شغال في رواية، ولا أريد أن أخرج من الجو الذي أعيش فيه معها."

يمكنني أن أكتب الرواية لمرات عديدة قد تتجاوز العشر مرات، فلا بدّ أن أكتب الجملة عدة مرات لأجمّلها، وقد كنت أكتب بالقلم على الورق، ويقول البعض إن هناك صلة وثيقة بين الورق وبين يد الكاتب وقلبه، وأنا مختلف تماما مع رأي هؤلاء، فقد تعاملت مع الآلة الكاتبة، التي كنت أكتب أعمالي عليها، وكأنها مخلوق يحس ويشعر ويعيش.. كنت إذا بعدت عنها اشتاق إليها، والآن نفس الإحساس أشعره مع الكمبيوتر الذي أعمل عليه..

واختتم حديثه: إنني، الآن، أكتب مقالاتي على الكمبيوتر مباشرة، وكنت أكتب رواياتي على مرات متعددة على الورق، وكانت كتابة الآلة الكاتبة إحدى هذه المرات. فلو لم تعجبني جملة كتبتها على الآلة الكاتبة، أتوقف عن الكتابة وألغيها، ثم أعيد صياغتها ثانية. لقد انتهيت الآن من كتابة رواية، كتبتها كلها على الكمبيوتر، لم أستعن بالقلم في كتابتها.