رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أمل سرور تروى كواليس حوار على مائدة صلاح فضل جمعت عمالقة الكتابة

مائدة صلاح فضل
مائدة صلاح فضل

نادرة تلك الحوارات التي يجتمع فيها عمالقة الصحافة بالأدب والنقد، وكواليس تلك الحوارات التي تبدو بمثابة المفتاح للدخول إلى عالمهم والذي بالضرورة يمس تلك الصورة الذهنية المأخوذة عن هؤلاء الكبار.

وعلى مائدة صلاح فضل، وبصحبة عبد الوهاب البياتي وجمال الغيطاني وإبراهيم أصلان ومحمد علي فرحات ويحيي مختار كانت هناك الكاتبة والصحفية أمل سرور، والكاتب الصحفي والشاعر شريف الشافعي ممثلين لمجلة نصف الدنيا يديرون حوار مع العمالقة والذي يسرد كواليسه لـ "الدستور":

تقول الكاتبة الصحفية أمل سرور "عندما يجتمع الشعر والنقد والرواية والصحافة في جلسة واحدة فأنت بالتاكيد أمام حوار أسطوري فريد من طراز خاص".

وتستطرد الفكرة راقت للأستاذة والكاتبة العظيمة سناء البيسي عندما كانت ترأس مجلة نصف الدنيا حيث عملت ضمن كتيبتها لـ 17 عام علي التوالي. والتي جاءت تحت عنوان "نصف الدنيا علي مائدة الإفطار مع نجم" اذا هو االشهر الكريم الذي قررت وزميلي الصحفي والشاعر المعروف شريف الشافعي أن نتناول وجبة الإفطار مع أحد المشاهير من نجوم الأدب والثقافة وبصحبته أصدقائه المقربين.

وتشير أمل سرور "قد وقع الاختيار علي الدكتور صلاح فضل أحد أهم كبار النقاد المصريين والعرب الذي رحب علي الفور باستضافتنا علي مائدة افطاره في منزله الذي تحول في أعيننا إلي حديقة من النقد التي تعتني بتنسيقها وتزيينها الدكتورة قدرية زكي حرم صلاح فضل.

هنا تلألأت النجوم وأضيئت الفوانيس الملونة وكان الزيت الذي أوقد المصابيح كافة هو محصلة أصوات الشاعر العراقي الراحل عبد الوهاب البياتي والكاتب الروائي الراحل جمال الغيطاني والشاعر اللبناني محمد علي فرحات والروائي العبقري الراحل إبراهيم أصلان والكاتب الروائي يحيي مختار.

الأطباق أيضًا والملاعق والأكواب فوق مائدة الدكتورة قدرية زكي كانت شاهدا على الحوار الذي إنطلق من تلقاء ذاته حتي صيحة الديك الصفاق عند السحور.
-عبد الوهاب البياتي: -أجيالنا لم تنتظر من النقاد جديدًا

سؤالي كان موجها للشاعر عبد الوهاب البياتي عما يطرح ضمنيًا بوجود أزمة نقد ومثيلتها في الشعر فهل تري هما أزمتان أم ازمة واقع ثقافي برمته ؟
ابتسم البياتي ابتسامته الهادئة الشهيرة قائلًا: الشعر إبداع ذاتي وحوار بين الأنا والأخر وكذلك النقد الحقيقي عملية ابداع ولهذا فالناقد حينما يطالع العمل الجيد سيكتب عنه بكل بساطة ولعل جيلنا وجيل توفيق الحكيم ونجيب محفوظ لم ينتظروا من النقاد جديدًا والنقد عمل إبداعي من طراز خاص ويختلف عن التأريخ والإبداع الحقيقي هو الذي يجبر الناقد علي العمل.

-ابراهيم أصلان: المبدع أحيانا يطلق الرصاص في وجه النقاد

ويعلق الروائي إبراهيم أصلان بمداخلة سريعة يوضح فيها أن سر اطلاق وبث هذه العداوة بين المبدعين والنقاد يتمثل في الأغراض الشخصية والمنافع المتبادلة فالمبدع الذي لا يتناول الناقد أعماله كلها بالعرض أو بالنقد يلجأ إلى توجيه الرصاص إلي النقد والنقاد أجمعين.

وبهدوء يقول الناقد الدكتور صلاح فضل في تلك الفترة لابد للناقد أن يتريث قبل إصدار الأحكام وإعطاء الفرصة للزمن بهذا يعني الإعتراف بأحقية المبدع في صنع أفق تلقيه لدي جمهوره ثم ياتي النقد ليعتمد على مجموعة من المعطيات العلمية والنظرية والناقد الذي يهجم علي العمل الإبداعي دون أن يتسلح بالوعي المعرفي هو ناقد لا يمتلك الأدوات المعرفية بل هو غير قادر علي التحليل والتفسير.

- محمد علي فرحات: أزمة النقد تكمن في المصالحة بين الجامعة ووسائل الإعلام
وتدور كرة الحديث لتصل للشاعر اللبناني محمد علي فرحات الذي كان يرأس وقتها القسم الثقافي بجريدة الحياة اللندنية فليلتقطها بقوله الأزمة التي تفرض نفسها أن أولي خطوات إيصال النقد للناس هي المصالحة بين الجامعة ووسائل الإعلام تلك التي تشكو من أن الناقد في الجامعة يفصل بين النظرية والتطبيق في حين أن الصحافة حافلة بمستويات متعددة من النقد وللأسف كثير من الكتابات النقدية تفتقد الحيوية والجذب.

أغير مجرى الحديث وأعود لأسأل البياتي: في إحدي قصائد الشعر الراحل صلاح جاهين يقول:
الشعر شارد في الجبل مني... عملت أنا هجان وروحت وراه
غنيتله رصد هجر بقصد... غنيتله بياتي رقاص أنا وشاعر وناياتي
وأفديك يا بياتي يا عندليب ع المشنقة عشه... عافر مع الجلاد قام هشه
ماهي أصل الحكاية وهل المشنقة العربية مازالت معلقة؟
ضحك البياتي قائلًا: هذه القصيدة عندما كتبها جاهين في الخمسينيات قرأها لي علي الفور وهي دليل على التواصل الحميم بين الشعراء في الأقطار العربية والذي لولاه لكانت القيامة قد قامت.
أما بخصوص المشنقة العربية التي تحدث عنها صلاح جاهين فلا زالت بالطبع معلقة ولكنها أشد ضراوة في ظل المستنقع العربي الحالي.

-جمال الغيطاني: أحذر من سيطرة السينما الصهيونية

وبالعودة إلي صحبة العشاق من مثقفي الجلسة الرمضانية فتح ملف الصراع الثقافي مع إسرائيل وهنا يعلو صوت الكاتب الروائي الراحل جمال الغيطاني، مشيرًا لما يحدث الآن للسينما العربية يؤشر بخطورة المستقبل في مواجهة إسرائيل فمن خلال متابعتي لمحطات التليفزيون العالمية أري أنها ما زالت تقدم كم كبير من التزييف لحساب الصهيونية، فمثلًا فيم يتعلق بالقدس وفلسطين هناك ترويج لمقولة أن أجدادهم كانت هناك منذة 3000 عام. إنها محاولة صارخة لتزييف التاريخ فاليهود وبصراحة وفي وقت لم يكن فيه أجهزة إعلام استطاعوا تشويه أعظم حضارة أنجبتها الإنسانية وهي الحضارة الفرعونية تشويها ورد في الكتاب المقدس فما بالكم وهم الآن مسيطرون علي وسائل الإعلام والإنتاج الفني الضخم.

ويكتفي باقي العمالقة البياتي ومحمد علي فرحات وابراهيم اصلان ويحيي مختار وصلاح فضل بالصمت والتأييد التام لما ذكره الغيطاني معلنيين موافقة جماعية علي كل الذي قاله.

ومع اقتراب موعد السحور نعود الي حيث كنا حاملين الأوراق والأدمغة المفعمة بالتوصيات والإقتراحات والأفكار والرؤي.