رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

البشرى تحت الطلب


والآن يعود البشرى إلى ترهاته فيحدثنا عن أن دستورنا الذى وضعته لجنة الخمسين هو دستور باطل لأنه ناتج عن انقلاب! اسكت يارجل حتى نقول إنك حين خالفت مبادئك كنت مجبرًا، اسكت وسنلقى اللوم على سليم العوا لأنه هو الذى يمسك لجامك، بئس التابع الذليل أنت.

استغفرت الله العظيم ثلاث مرات وقمت للوضوء بعد أن قرأت مؤخرًا مقالاً للأخ طارق البشرى يقول فيه: الدستور المطلوب الاستفتاء عليه دستور لقيط لأنه ناتج عن انقلاب عسكرى! وسبب الوضوء هو أن هناك نجاسات تنقض الوضوء، وأظن أن مقال البشرى هو من صنف النجاسات التى توجب الوضوء بعد قراءتها ولله الأمر من قبل ومن بعد، وبعد أن استغفرت وتوضأت ترحمت على العلماء الحقيقيين، ترحمت على زمن الرجال بل وعلى زمن أنصاف الرجال،إذ لم يبق لنا إلا أشباه الرجال الذين باعوا أوطانهم ليشبع سليم العوا، وياويح رجل يمتطيه العوا ويمسك لجامه يوجهه كيف يشاء وكأنه بعير، فإذا به عندما يخور يكتب قائلاً: إن الثورة انقلاب! ويا ويح رجل تحول إلى سيارة نقل أفكار ميتة كتب العوا عليها عبارة «تحت الطلب». البشرى الذى أصاب القذى عينيه فأغلقها عن الحقيقة فلم ير الملايين التى خرجت ثائرة على الحاكم الإخوانى، هو نفسه البشرى الذى لم ير مئات من الإخوان فى بداية حكم مرسى وهم يحاصرون المحكمة الدستورية ليمنعوها عن مباشرة رسالتها القضائية، فلم ينبس بكلمة أو بحرف، وهو أيضًا الذى لم ير مئات الإخوان وهم يحاصرون مدينة الانتاج الإعلامى فلم يخط كلمة أو حرفًا، وهو أيضًا الذى كان قد اشترك فى مؤامرة إخوانية ضد مصر خالف من أجلها ثوابته القضائية والأخلاقية لا لشىء إلا لكى يرضى عنه سليم العوا الذى كان يتوق شوقًا وهيامًا لرضاء المجلس العسكرى الحاكم بعد ثورة يناير، وحين تم وضع البشرى على رأس لجنة تعديل دستور 1971 ارتكب فى حق مصر أكبر جريمة يحق لنا من أجلها أن نطلق عليه لقب «عدو الشعب». وآه من صدمتى فى طارق البشرى، كان هذا الرجل فقيهًا، فأصبح فكيهًا، أى رجل صاحب فكاهة، وحين صنع تعديلاً لدستور 1971 أصبح ترزيًا يقوم بتفصيل ما يريد أصحاب الشأن، وكانت النكسة عندما صنع البشرى فى تعديله المأسوف عليه مادة تعطى القداسة والعصمة للجنة الإشراف على الانتخابات الرئاسية ـ والعصمة لله وحده ـ وحين كتب وتحدث وصرخ رجال الفقه الدستورى الحقيقيين عن عدم دستورية مادة الحصانة هذه، قال البشرى: هذا التعديل صحيح لأنه لا يجوز لمحكمة مهما كانت أن تراقب الانتخابات الرئاسية خاصة أن لجنة الإشراف على الانتخابات هى فى حقيقتها لجنة مشكلة من قضاة! وكأن عبد الفتاح القصرى هو الذى يترافع مبررًا حصانة اللجنة، ويالخيبتك يا بشرى!. حينها كتبتُ متعجبًا مفندًا متبرمًا ساخرًا: لجنة تعديل الدستور لصاحبها طارق البشرى لجنة ملائكية، جُبلت على الطاعة، إنما خلقت لتطيع كالملائكة، هم يفعلون ما يؤمرون ولا يعصون سيدهم ما أمرهم، فكان أن كتب البشرى بلسان الحال لا المقال ـ ردًا على ما انتقدته به وما تلقاه من نقد حاد من كبار الفقهاء: إن المادة التى وضعتها فى التعديل الدستورى بنفسى وصغت عباراتها على عينى وأعطيت فيها الحصانة للجنة المشرفة على انتخابات الرئاسة بحيث لا يجوز بأى طريقة الطعن على قراراتها هى مادة رائعة لا يأتيها الباطل من أمامها ولا من خلفها ولا حتى من بين أيديها (المعنى من عنده والعبارات من عندى) وكانت حجة البشرى هى أن: اللجنة مشكلة من قضاة!. لم تتعلم الدرس يا بشرى، فعمى بصرك عن الحق فلم تر الثورة الحقيقية التى أطاحت بإخوانك، كما عمى بصرك من قبل حينما قمت بتفصيل تعديل دستورى على المقاس لكى يصب فى مصلحة الإخوان لكى يساعدهم على تزوير الانتخابات الرئاسية، ساعتها سيضمنون عدم إمكانية أن يطعن أحدهم على نتيجة الانتخابات فيهدم شرعية مستمدة من التزوير، كانت الطامة أن دافعت يا بشرى عن باطل وأنت تعلم أنه باطل، أتعرفون ما هى المأساة؟ المأساة أن يصنع الرجل تاريخه ويرفع نفسه عنان السماء ثم إذا به يسقط من حالق، ومع ذلك سنظل نحفظ له تاريخه ـ لنعيره به ـ وسنقرأ على الملأ أحكامه القضائية التى قال فيها إنه «لا يجوز تحصين القرارات الإدارية حتى ولو كانت هذه القرارات تصدر من لجنة مشكلة من قضاة»!! وسنقرأ رأيه فى ذات المادة عندما وضعها نظام مبارك السابق فى الدستور تعديلاً لدستور 1971 تحت رقم 76 وأعطى فيها الحصانة للجنة الإشراف على انتخابات الرئاسة، وقتها قال البشرى فى حوار صحفى: هذه مادة تحمل اعتداء على المفاهيم الدستورية لأنه لا يجوز تحصين قرارات أى لجنة بَشرية، وسبحان مغير الأحوال، إذا بهذه المادة بذات عينها يضعها الرجل بعينه فى تعديله الباطل تحت رقم 28 لتصبح مادة بـِشرية، وضع كسرة تحت باء «بشرية».