رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

موقفان وراء قلق تل أبيب.. هل حدث تراجع للتطبيع؟

توقيع اتفاقات التطبيع
توقيع اتفاقات التطبيع

خلال الأيام الأخيرة حدث موقفان رغم أنهما غير مرتبطين ببعضهما بشكل وثيق، إلا أنه عند قراءتهما بشكل أوسع قد يعبران عن شيء مختلف، وقد يسببان القلق للقيادة في تل أبيب، لأنهما بشكل رئيسي يتعلقان بالتحركات التي تتعلق بالتطبيع بين إسرائيل ودول الخليج بعد توقيع اتفاقات إبراهيم.

بعد أن دارت عجلة التطبيع، وتسارع توقيع الاتفاقات والمعاهدات والصفقات بين الإمارات والبحرين من جانب وإسرائيل من الجانب الآخر، وما صاحب هذا من حملة إعلامية ضخمة، ظهر خلال الأيام الأخيرة بعض المواقف التي ربما تتطلب إعادة التقييم من قبل إسرائيل.

تركي الفيصل يوجه انتقادات لاذعة لإسرائيل

الموقف الأول كان تصريحات تركي الفيصل آل سعود، الرئيس السابق لجهاز استخبارات المملكة، في حلقة نقاش في البحرين حضرها وزير الخارجية جابي أشكنازي أمس الأحد، قائلًا: "اعتقلت الحكومات الإسرائيلية الآلاف من سكان الأراضي التي تستعمرها وسجنتهم في معسكرات اعتقال تحت أبسط الاتهامات الأمنية – صغارا وكبارا، نساء ورجالا يتعفنون هناك بلا حقوق أو عدالة".

أضاف تركي الفيصل أن إسرائيل "تغتال من تريد"، قامت ببناء "جدار الفصل العنصري"، وترفض منح الحقوق المتساوية لمواطنيها من غير اليهود.

وجه الأمير السعودي ومسئول حكومي كبير سابق يوم الأحد انتقادات لاذعة لإسرائيل، واصفا إياها بأنها دولة محتلة عدائية تمارس الفصل العنصري، وقال إن السلام سيظل بعيد المنال حتى قيام دولة فلسطينية على حدود 1967.
مضيفًا:"إنهم يهدمون المنازل كما يحلو لهم ويغتالون من يريدون. ومع ذلك، أقر الكنيست الإسرائيلي قانونًا يعرّف المواطنة الإسرائيلية على أنها يهودية حصرًا، ويرفض منح السكان غير اليهود في إسرائيل حقوقًا متساوية بموجب القانون. أي نوع من الديمقراطية هذه؟"، كما انتقد بناء إسرائيل الجدار الأمني في الضفة الغربية، والذي أسماه "جدار الفصل العنصري".

جاءت تصريحات تركي الفيصل في الجلسة الختامية لمؤتمر حوار المنامة الذي استضافه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، وهي التصريحات التي علق عليها وزير الخارجية الإسرائيلي جابي أشكنازي قائلًا:" أود أن أعبر عن أسفي لملاحظات ممثل المملكة العربية السعودية. لا أعتقد أنها تعكس الروح والتغييرات التي تحدث في الشرق الأوسط"، وغرد أشكنازي في وقت لاحق: "الاتهامات الكاذبة للممثل السعودي في مؤتمر المنامة لا تعكس الحقائق أو الروح والتغييرات التي تمر بها المنطقة. رفضت تصريحاته وأكدت أن عصر "تبادل اللوم" قد انتهى. نحن في فجر عصر جديد. عصر السلام".

رغم أن تركي الفيصل لا يتقلد أي منصب رسمي اليوم، إلا أنه ينظر له بأنه يمثل موقف العاهل السعودي الملك سلمان.

من ناحية أخرى، فإن تصريحات "الفيصل" رغم غرابتها وشدتها، إلا أنها لا تتعارض في مجملها مع موقف السعودية من اتفاقات إبراهيم، حيث أصرت السعودية على أن أي تطبيع بينها وبين إسرائيل لا يمكن أن يحدث إلا مع تحقيق اتفاق سلام دائم يتضمن حل الدولتين للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني.

حيث تواصل المملكة التأكيد علنًا على دعمها الثابت لمبادرة السلام العربية، وهي صفقة رعتها السعودية عام 2002 والتي تعرض على إسرائيل العلاقات الكاملة مع جميع الدول العربية مقابل إقامة دولة فلسطينية على الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967.

البحرين تتراجع عن تسويق منتجات المستوطنات كإسرائيلية

الموقف الثاني، كان خلال الأسبوع الماضي، بعد تصريحات وزير التجارة والصناعة والسياحة البحريني زايد بن راشد الزياني أن البحرين لن تمارس تمييزًا بين منتجات المستوطنات في الضفة الغربية، والمنتجات من إسرائيل، قائلًا: "إن المنامة ستعامل المنتجات الإسرائيلية باعتبارها منتجات إسرائيلية بغض النظر عن مصدرها، وأبدى انفتاح المملكة على استيراد منتجات من المستوطنات".

كانت تصريحاته ضمن زيارة قام بها الوزير البحريني إلى إسرائيل، إلا أنه بعد يومين من التصريح، قال وزير الخارجية البحريني عبداللطيف بن راشد الزياني إن البحرين ستميز بين البضائع الإسرائيلية من الأراضي المتنازع عليها وتلك المصنوعة في إسرائيل. وجاءت تصريحاته في مؤتمر المنامة.

وبالفعل أصدرت وزارة الصناعة والتجارة والسياحة في البحرين بيانًا قالت فيه إن التصريحات التي أدلى بها وزير التجارة قد "أسيء تفسيرها"، وأن المنامة لا تزال "ملتزمة بقرارات الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي بشأن المستوطنات في الضفة الغربية ومرتفعات الجولان".

ويدعو قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334، الذي تم تمريره في عام 2016، جميع البلدان إلى "التمييز، في تعاملاتها ذات الصلة، بين أراضي دولة إسرائيل والأراضي المحتلة منذ عام 1967".

الموقفان السابقان يتركان الآن علامات استفهام داخل غرف القيادة في تل أبيب، التي تحاول أن تفك شفرة ما حدث، فهل هناك خطوة خليجية للوراء فيما يتعلق بالتطبيع يرتبط بانتظار دخول جو بايدن البيت الأبيض في يناير المقبل وعلى أثر سياسته سيتم تحديد الخطوات الجديدة نحو إسرائيل؟ أم كانت مجرد مواقف متأرجحة لا تمثل مؤشرًا حقيقيًا لتغيير ما؟.