رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«من الأرشيف».. يوسف إدريس: السجن حولني لحيوان.. ولم أفهم المرأة

 للأديب الراحل يوسف
للأديب الراحل يوسف إدريس

كان للأديب الراحل يوسف إدريس تجربة فريدة مع السجن، إذ صُنف ضمن أعداء الثورة وسجن بسبب قصة قصيرة كتبها كانت بعنوان "الهجانة"، والتي نشرت في مجموعته الأولى "أرخص ليالي"، وتم اتهامه بالتنديد بالثورة، واعتقل وسجن لمدة سنة ونصف.

وفي حوار له مع مجلة "الأقلام" بعددها الصادر بتاريخ 1 أبريل لعام 1975، كشف عن تجربة السجن، قائلا: السجن، بالنسبة لأي شاب عربي، واجب كالجندية، لأن الإنسان يتعلم أشياء كثيرة جدا في السجن؛ أولها معنى وقيمة الحرية، فهو يطالب بالحرية لشعبه، نظريا.. لكنه لا يعرف ما قيمة هذه "الحرية الحقيقية".. قيمة أن تفتح صنبور الماء، فينزل الماء.

وتابع: المسألة تبدو بسيطة جدا، لكن في السجن لا يتأتى لك هذا، قيمة أن تحترم إنسانيتك، فالسجن يحول الإنسان إلى حيوان حبيس في قفص، ويكتشف الإنسان في هذا القفص أهمية وخطورة أن يكون إنسانا، كما يكتشف أهمية وخطورة كل المكتسبات التي اكتسبها الإنسان خلال كفاحه الطويل من أجل أن يصل إلى "الإنسانية القصوى"، من مأكل ومشرب وحركة وحديث، ويكتشف أهمية أن يكون حرا في أن يقول رأيه بالأشياء، في السجن ليس لك رأي.. أنت شيء.. هنا تكتشف معنى "الإنسان"، ومعنى "الإنسانية".

واستطرد: لكن السجن، في الحقيقة، مهما يقاسي فيه الإنسان، فهو أداة الاكتمال، فأي ثوري لم يمر في السجن يبقى ناقصا.

وكان لدى يوسف إدريس تجربة موازية لتجربة السجن، هي تجربة مقاومة السلطة، وفي هذا الشأن ذكر: أنا إنسان ولد، بطبيعته، ونشأ في ظروف كان عليه فيها، باستمرار، أن يقاوم السلطة.. ابتداء من سلطة الأدب، إلى سلطة الجدة، إلى سلطة العائلة، إلى سلطة القرية، إلى سلطة المجتمع، إلى سلطة الدولة. وأعتقد أن هناك أناسا ليس أمامهم، بطبيعة تكوينهم، إلا أن يرتطموا بطريقة أو بأخرى، بهذه السلطة أو تلك ليغيروها.

وأضاف: هناك تجربة ثالثة في حياتي، هي: المرأة، فلأننا نشأنا في مجتمع شرقي يجهل المرأة تماما – فهي بالنسبة له تمثال غريب موضوع خلف ستار أسود – كان لا بد لي من أن أكتشف سر المرأة، والغريب أنني اكتشفت "سر السجن"، و"سر السلطة"، أنما المرأة، فحتى الآن لم أكتشف سرها، لأن هذا هو السر الذي لا يكتشف.. وجماله هو في أن لا يكتشف.