رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سياسى لبنانى يكشف أسباب ومخاطر تأخر تشكيل حكومة بلاده

محمد سعيد الرز
محمد سعيد الرز

قال الكاتب والمحلل السياسي اللبناني محمد سعيد الرز، إن تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان برئاسة سعد الحريري رئيس تيار المستقبل رئيس الوزراء الأسبق أدى إلى تداعيات خطيرة على لبنان، من بينها التسبب في حدوث انهيار مالي واقتصادي واجتماعي بالدولة.

وأوضح «الرز»، فى تصريحات خاصة لـ«الدستور»، أن تأخير تشكيل الحكومة اللبنانية سببه عاملان أولهما سعي طبقة الفساد التي حكمت منذ 30 عامًا إلى استمرار تسلطها، وثانيهما تحرك الفئة المتسلطة على الدولة والمشاركة في الفساد لضمان وجودها لأكبر وقت ممكن.

وأكد الخبير اللبناني، أن هناك خطأ أساسي ارتكب مع بداية تكليف سعد الحريري، وهو القبول بشروط الثنائي الشيعي في الاحتفاظ بوزارة المالية وتسمية باقي وزرائه، الأمر الذي دفع الفرقاء الآخرين إلى المطالبة بالمثل، وأبرز هؤلاء رئيس الجمهورية ميشال عون الذي يرفض إلا أن يسمي هو الوزراء المسيحيين، وأن يعطي رضاه على سائر وزراء الحكومة، وذلك في مخالفة واضحة للدستور.

وقال «الرز»، إن الرئيس عون يرفض أساسًا دستور الطائف الذي توافق عليه كل الفرقاء اللبنانيين عام 1989 لإنهاء الحرب الداخلية وإحلال العدالة في المشاركة بالحكم بين كل الطوائف، مع خطة مرحلية لإلغاء الطائفية السياسية وإصلاح الإدارات وإقامة مجلس شيوخ وتعزيز وجود الكفاءات في المؤسسات.

وأشار السياسي اللبناني إلى أن اتفاق الطائف سحب بعض الصلاحيات التي كانت بيد رئيس الجمهورية وحده ونقلها إلى مجلس الوزراء، على أن يشكل رئيس الوزراء حكومته ويطلع عليها رئيس الجمهورية.

وأضاف: «ما يحصل خلال فترة رئاسة العماد عون هو تدخله بكل تفاصيل تشكيل الحكومات وحرصه على ترؤس كل اجتماعاتها وهذه المخالفات الدستورية تعيدنا إلى حقيقة أثبتتها الأزمات اللبنانية المتلاحقة منذ الاستقلال وحتى الآن، وهي أن وصول رئيس حزبي إلى حكم لبنان يؤدي إلى كوارث وانتكاسات خطيرة، وهو ما جرى خلال عهود ثلاثة رؤساء للجمهورية هم كميل شمعون الذي كادت البلاد تدخل حربًا أهلية خلال عهده لولا مسارعة القاهرة لتطويق الأزمة، وبعده مع أمين الجميل الذي عرفنا خلال حكمه وجود حكومتين وجيشين.

وأشار الرز إلى أن القاهرة بادرت وقتها مع السعودية لإنهاء هذه الأزمة من خلال مؤتمر الطائف الوفاق الوطني، والآن مع ميشال عون الذي شارف لبنان خلال حكمه على انهيار كامل في كل مؤسساته وقطاعاته، ثلاثة رؤساء جمهورية حزبيين من بين 13 رئيسًا، تسببوا بأزمات مصيرية في لبنان، وما نشهده اليوم خير دليل.

وكشف السياسي اللبناني عن أن هناك عوامل خارجية تتسبب في تأخير التشكيل الحكومي برئاسة الحرير، أولها الدور التركي الساعي لإحلال الفوضى في لبنان ليسهل على أنقرة ممارسة دورها التخريبي الذي يخدم مشروعها التوسعي برًا وبحرًا، وثانيها الدور الإيراني عبر وكيله اللبناني حزب الله الذي يعمل على تجميد كل الوضع اللبناني بانتظار اختتام الانتخابات الرئاسية الأمريكية وتداعياتها ليعرف كيف يحرك حينها الورقة اللبنانية سلبًا أو إيجابًا.

وأكد «الرز» أن الطبقة السياسية اللبنانية بكل أطرافها وارتباطاتها تسعى لخدمة مصالحها الفئوية أو لتسويق أجندات إقليمية بعيدًا عن مصلحة لبنان الوطن والمواطن.

وشدد السياسي اللبناني على أن لبنان سيشهد تداعيات خطيرة بدأت تتضح في حال الفراغ الحكومي، فالانهيار المالي والاقتصادي والاجتماعي يتسارع، والأهم من كل هذا أن المجتمع الدولي ممثلًا بفرنسا وأمريكا دخل مباشرة على تفاصيل الأزمة اللبنانية انطلاقًا من اهتمامه الشديد بمنطقة شرق البحر المتوسط وما تختزنه من موارد ضخمة من النفط والغاز.

وقال الخبير اللبناني، إن القوى الخارجية توزع الأدوار، حيث ترعى فرنسا الملف اللبناني الداخلي، وترعى واشنطن ملف ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، لكن الملفين اصطدما بالواقع اللبناني السائد في ظل وجود هذه الطبقة السياسية، وعندما يحذر وزير خارجية فرنسا جان لودريان من سقوط الدولة اللبنانية، ويليه نفس التحذير من نظيره الأمريكي مايك بومبيو، وعندما يغادر سفراء الدول الخليجية لبنان، ويبدي البطريرك الماروني بشارة الراعي ومطران الأرثوذكس إلياس عودة قلقهما الشديد على مصير الدولة اللبنانية، فيما يحذر رئيس الجمهورية من وصول الوضع إلى جهنم، ويؤكد رئيس الحكومة سعد الحريري إنها الفرصة الأخيرة أمام لبنان، فماذا يعني ذلك كله؟

وأضاف: «أعتقد أن لبنان في حال فشل تشكيل الحكومة فيه سيواجه حدثًا كبيرًا يكون بمثابة عملية جراحية تعيد تشكيل منظومته السياسية مع ما ستتركه هذه العملية من معاناة وسلبيات تطال الشعب اللبناني».

واستبعد «الرز» اعتذار سعد الحريري عن تشكيل الحكومة؛ لأنه الوحيد تقريبًا الذي يستطيع التنسيق بين الدورين الفرنسي والأمريكي، وتاليا مع الدول العربية وتحديدًا الخليجية.