رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في الذكرى الـ151 لافتتاحها.. كل ماتريد معرفته عن قناة السويس (صور)

قناة السويس
قناة السويس

تحل علينا اليوم الذكرى الـ151 لافتتاح قناة السويس، لتصبح مصر هى أول بلد حفر قناة صنعها الإنسان عبر أراضيها لربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر عبر فروع نهر النيل، وأول من حفر هذه القناة هو فرعون مصر سنوسرت الثالث (1874 قبل الميلاد)، وقد طمرت هذه القناة بالطمى بسبب افتقارها الى الصيانة فترة طويلة من الزمن ثم أعيد فتحها عدة مرات على النحو التالي:

- قناة سيتى الأول 1310 ق.م
- قناة نخاو الثانى 610 ق.م
- قناة داريوس الأول 510 ق.م
- قناة بطليموس الثاني 285 ق.م
- قناة الإمبراطور الرومانى تراجان 117 ب.م
- قناة أمير المؤمنين 640 ب.م

قناة السويس هى أول قناة تربط بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر مباشرة، وافتتحت للملاحة في 17 من نوفمبر 1869، قامت مصر بتأميم قناة السويس فى 26 من يوليو 1956، وأغلقت القناة خمس مرات، وكانت آخر مرة هى أخطر المرات لأنها استمرت لمدة 8 سنوات، ثم أعيد فتحها للملاحة في 5 يونيو 1975.

◄ تاريخ قناة السويس:

سجل التاريخ أن مصر كانت أول بلد حفر قناة عبر أراضيها بهدف تنشيط التجارة العالمية. تعتبر قناة السويس أقصر الطرق بين الشرق والغرب، ونظرا لموقعها الجغرافي الفريد فهي قناة ملاحية دولية هامة حيث إنها تربط بين البحر الأبيض المتوسط عند بورسعيد والبحر الأحمر عند السويس. تعود فكرة ربط البحر المتوسط مع البحر الأحمر عن طريق قناة إلى 40 قرنا مضت كما تشير إلى ذلك الدراسات التاريخية بدءا من عصر الفراعنة ومرورا بالعصر الإسلامي وحتى تم حفرها للوصول لحالتها الراهنة اليوم.

ويظهر النقش الموجود في قبر رجل الدولة وينى الذي عاش خلال الأسرة السادسة من المملكة القديمة (2407-2260 ق م) الكثير عن القناة المصرية وأسباب إنشائها (للسفن حربية ولنقل النصب الحجرية). مازال الدارسون مختلفين حول ما إذا كانت المجاري المائية المذكورة في هذه النقوش تجري بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر أم لا.

أهملت القناة في كثير من الأحيان فامتلأت بالطمى، وأعيد فتحها للملاحة بنجاح بواسطة سيتى الأول (1310 ق م)، ثم نخاو الثاني (610 ق م)، والملك الفارسي داريوس (522 ق م)، وبطليموس الثاني (285 ق م)، والامبراطور تراجان (117 م)، وعمرو بن العاص (640 م) بعد الفتح الإسلامى.

تحت حكم نخاو الثاني تم بناء قناة بين الفرع البيلوزى لنهر النيل والنهاية الشمالية للبحيرات المرة (التي تقع بين البحرين) وقد مات على ما ذكر 100،000 شخص في حفر هذه القناة. ولكن على مدى سنوات عديدة أهملت صيانتها ثم أعيد إنشاؤها من جديد.

وكان نخاو أول من قام بمحاولة حفر قناة الى بحر اروتري (خليج السويس والبحر الأحمر حاليا وكان يمتد ليصل قرب مدينة الإسماعيلية الحالية) والتي أتمها فيما بعد داريوس الفارسي. بلغ طول هذه القناة أن استغرقت السفن أربعة أيام لعبورها، وكان اتساعها يسمح لسفينتين تتحركان بالمجاديف بالمرور بجوار بعضهما. وقام بجلب المياه للقناة من نهر النيل. جرت هذه القناة إلى الشمال قليلا من مدينة بوبست (تل بسطا حاليا) حتى مدينة باتيموس (تل المسخوطة حاليا) لتنتهي في بحر اروتري، وكانت بداية الحفر على طول هذه الأجزاء من السهول المصرية التي تقع في مقابل بلاد العرب (الصحراء الشرقية حاليا) بمحاذاة سلاسل الجبال التي تمتد مقابل منف حيث توجد المحاجر. على طول قاعدة هذه السلاسل الجبلية نجد القناة تجري من الغرب إلى الشرق ثم تسير في منحدرات متجهة من الجبل نحو الجنوب ونحو مهب الريح الجنوبية حتى تبلغ الخليج العربي (خليج السويس). من هذا المكان نجد أن الرحلة تأخذ أقل وأقصر مسافة من البحر الشمالي (البحر الأبيض) إلى البحر الجنوبي (البحر الأحمر) والذي يطلق عليه بحر اروتري لتصل إلى جبل كاسيوس (كثيب القلس عند بحيرة البردويل)، التي هي الحد الفاصل بين مصر وسوريا، المسافة بالضبط هى ألف استاد (الاستاد وحدة قياس قديمة تساوي حوالي 200 متر) إلى الخليج العربي (خليج السويس) ولكن القناة أطول بكثير لأنها أكثر تعرجا.وفى عهد نيخوس هلك ما يقرب من مائة وعشرون ألف عامل اثناء الحفر، وقد توقف نيخوس فى وسط أعمال الحفر، لأن نبوءة عاقتة بقولها أنه يعمل لحساب البربر (المصريون يسمون كل من لا يتكلم لغتهم بربر).

أعيد حفر القناة، بعد أن كانت مهملة، وذلك تحت حكم الحاكم الفارسي داريوس الأول (522-486 ق م) حيث يمكن رؤيتها الآن على طول وادي الطميلات. ووفقا لهيرودوت، كانت هذه القناة واسعة بما فيه الكفاية لتمر سفينة بأخري ومجاديف السفينتين مفرودة، وتستغرق الرحلة في القناة أربعة أيام. وقد أخلد داريوس ذكرى الانتهاء من القناة بوضع سلسلة من الشواهد الجرانيتية على طول ضفة النيل.

ويقال إن هذه القناة قد تم مدها إلى البحر الأحمر خلال عهد بطليموس الثاني فيلادلف (285-246 ق م)، وأهملت في وقت مبكر خلال الحكم الروماني، ولكن أعيد بناؤها من جديد فى عهد تراجان (98-117 م). وعلى مدى عدة قرون، كانت تهمل وأحيانا يتم تكريكها من قبل مختلف الحكام لأغراض مختلفة ولكنها محدودة.

أعاد عمرو بن العاص بناء القناة بعد الفتح الاسلامي لمصر وربط النيل إلى البحر الأحمر لإنشاء خط جديد للإمدادات من القاهرة وقد كانت تستخدم لشحن الحبوب إلى الجزيرة العربية ولنقل الحجاج إلى الأراضي المقدسة. أغلقت القناة في 767 م من قبل الخليفة العباسي المنصور لقطع الإمدادات عن المتمردين في الدلتا وتجويع الثوريين في المدينة المنورة.

◄ النسخة الحديثة من قناة السويس

أول الجهود المبذولة لبناء قناة حديثة جاءت من قبل حملة نابليون بونابرت على مصر، الذي أمل في أن يسبب المشروع مشكلة مدمرة للتجارة الإنجليزية. وقد بدأ هذا المشروع في 1799 من قبل تشارلز لوبير، ولكن سوء الحسابات قدرت أن الفرق في المستوى بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر كبير جدا (قدر أن البحر الأحمر أعلى بنحو عشرة أمتار من البحر الأبيض المتوسط) والعمل فى القناة توقف بسرعة.

قيل لنابليون إن البحر الأحمر أعلى بـ 30 قدما من البحر الأبيض المتوسط. وقال له المساحين إن حفر القناة يجعل البحر الأحمر يتدفق إلى منطقة البحر الأبيض المتوسط.

فكر مهندسو نابليون أيضا في إنشاء قناة مباشرة بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، لكنهم أخطأوا بالحسابات بفرق فى عشرة أمتار بين مستوى سطح البحرين فتوقفوا عن الفكرة لأن ذلك سيؤدي إلى غرق الدلتا.

في عام 1833، جاءت مجموعة من العلماء الفرنسيين المعروفين باسم سان سيمون إلى القاهرة وأصبحت مهتمة جدا بمشروع قناة السويس بالرغم من المشاكل مثل الفرق في مستوى سطح البحرين. لسوء الحظ كان الحاكم محمد علي قليل الاهتمام بذلك المشروع في ذلك الوقت، وفي عام 1835 قتل الطاعون عددا كبيرا من المجموعة ومعظم المهندسين عادوا إلى فرنسا. وتركوا وراءهم العديد من المتحمسين للقناة من بينهم فرديناند دي ليسبس (الذي أصبح فيما بعد نائب القنصل الفرنسي في الإسكندرية) والمهندس الفرنسى لينان دى بلفون.

في باريس قامت مجموعة سان سيمون بإنشاء رابطة في عام 1846 لدراسة إمكانية حفر قناة السويس مرة أخرى. وفي عام 1847 أكد بوردالو أنه لا يوجد فرق حقيقي في المستوى بين البحر المتوسط والبحر الأحمر، ووضع لينان دى بلفون التقرير الفني. ومما يؤسف له أنه كان هناك قدرا كبيرا من المعارضة البريطانية لهذا المشروع، ومحمد علي الذي كان مريضا فى هذا الوقت وكان أقل تحمسًا.

في عام 1854 نجح الدبلوماسى الفرنسى المهندس فرديناند ماري دي ليسبس في حشد اهتمام نائب الوالي سعيد باشا للمشروع.

في عام 1858 تشكلت الشركة العالمية لقناة السويس البحرية وحصلت على امتياز لحفر قناة وتشغيلها لمدة 99 عاما على أن تؤول ملكيتها بعد ذلك إلى الحكومة المصرية. تأسست الشركة على أنها مؤسسة مصرية خاصة ويملك معظم أسهمها مستثمرون مصريون وفرنسيون. وفي عام 1875 قامت الحكومة البريطانية بشراء أسهم الحكومة المصرية.

أشارت الدراسة التجريبية بأن مجموع 2،613 مليون قدم مكعب من التراب يجب أن تزال، بما فيها 600 مليون من اليابسة، و2،013 مليون تكريك من المياه. ومجموع تقديرات التكلفة الأصلية هي 200 مليون فرنك.

في البداية عندما واجهت الشركة مشاكل مالية للتمويل، اشترى سعيد باشا 44% من الشركة للإبقاء على تشغيلها ومع ذلك كان البريطانيون والأتراك يشعرون بالقلق من هذا المشروع ورتبوا لوقف المشروع ولو لفترة قصيرة، حتى تدخل نابليون الثالث وبدأ حفر القناة بالفعل في 25 أبريل لعام 1859 وبين ذلك إلى 1862 تم الانتهاء من الجزء الأول من القناة. ومع ذلك ومع تولي إسماعيل الحكم خلفا لسعيد باشا توقف العمل من جديد. فلجأ فرديناند دي لسبس مرة أخرى لنابليون الثالث، وتشكلت لجنة دولية فى مارس من عام 1864، وقامت اللجنة بحل المشاكل وفي غضون ثلاث سنوات اكتملت القناة فى يوم 17 نوفمبر 1869 حيث أزيل الحاجز عند السويس وتدفقت مياه البحر الأبيض المتوسط إلى البحر الأحمر وافتتحت قناة السويس للملاحة العالمية.

أخذ الانتهاء من 160 كم على طول المجرى المائي للقناة عشر سنوات مؤلمة وجهد شاق من قبل العمال المصريين الذين تم استدعائهم بمعدل 20،000 كل عشرة أشهر من بين طبقة الفلاحين.

الانتهاء من قناة السويس كان سببا كبيرا للاحتفال في بورسعيد بدأ الاحتفال المبالغ فيه بالألعاب النارية وحفلة حضرها ستة آلاف متفرج شملت العديد من رؤساء الدول، بما فيها الإمبراطور اوجينى وإمبراطور النمسا وأمير ويلز وأمير بروسيا وأمير هولندا. ودخلت قافلتان من السفن فى القناة من المداخل الجنوبية والشمالية، والتقتا في الإسماعيلية، وقد استمرت الحفلات لأسابيع، وتميز الاحتفال بافتتاح دار أوبرا إسماعيل العتيقة في القاهرة والتي لم تعد موجودة الآن.

في عام 1875 وبسبب الديون الخارجية، قامت الحكومة البريطانية بشراء أسهم المستثمرين المصريين وخاصة أسهم سعيد باشا بنحو 400،000 جنيه إسترليني.

ومع ذلك لازالت فرنسا صاحبة الامتياز الأكبر. وبموجب شروط الاتفاقية الدولية التى وقعت في عام 1888 (اتفاقية القسطنطينية)، افتتحت القناة لسفن جميع الدول دون تمييز، في السلم والحرب. ومع ذلك فإن بريطانيا اعتبرت القناة ضرورية لصون قوتها البحرية ومصالحها الاستعمارية. وبالتالي فإن أحكام المعاهدة الإنجلومصرية فى 1936 سمحت لبريطانيا بالحفاظ على قوة دفاعية على طول منطقة قناة السويس. ولكن القوميين في مصر طالبوا مرارا وتكرارا بإخلاء بريطانيا من منطقة قناة السويس، وفي عام 1954 وقعت الدولتان على اتفاق يأخذ سبع سنوات ليحل محل معاهدة 1936 وينص على الانسحاب التدريجي لجميع القوات البريطانية من المنطقة.

استمرت القناة تحت سيطرة القوتين حتى تأميم جمال عبدالناصر للقناة في عام 1956، ومنذ ذلك الحين تديرها هيئة قناة السويس.

وقد أغلقت قناة السويس أمام الملاحة مرتين في الفترة المعاصرة. الإغلاق الأول كان وجيز وذلك بعد العدوان الثلاثي البريطاني الفرنسي الإسرائيلي على لمصر في عام 1956، وكان الدافع الرئيسي للغزو هو تأميم المجرى المائي للقناة، وقد أعيد فتح القناة في عام 1957. والإغلاق الثاني وقع بعد حرب يونيو 1967 مع إسرائيل واستمر حتى عام 1975، عندما وقعت مصر وإسرائيل اتفاق فك الاشتباك الثاني.

بعد ثورة يوليو 1952، أعلن الرئيس جمال عبد الناصر فى 26 يوليو 1956 قرارا بجعل قناة السويس تحت الإدارة المصرية 100%، مما أثار غضب الدول الكبرى الذى أدى بدوره إلى العدوان الثلاثى على مصر في 29 أكتوبر 1956 الذي تسبب فى إغلاق قناة السويس، وأعيد فتحها في مارس 1957.