رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الشتاء قادم».. هل تنجو «المدن الجديدة» من السيول هذا العام؟

الشتاء قادم
الشتاء قادم

كتب: إيمان عامر – نيرمين كامل – نادية عبدالباري - هايدي حمدي – فاروق أبو عايد

مع إعلان فصل الخريف عن قدومه، تبدأ جميع المحافظات على مستوى الجمهورية باتخاذ الاحتياطات اللازمة لمواجهة السيول التي تضرب بعض المحافظات ويصيبها ضرر كبير بسببها، وذلك بناءً على التحذيرات التي تعلنها هيئة الأرصاد الجوية وتوقع سقوط الأمطار والسيول، ومن ضمن تلك الاستعدادات تطهير البلاعات الخاصة بصرف مياه الأمطار وكذلك مخرات السيول، وتتم التجهيزات والاستعدادات من خلال أيضًا التنسيق مع هيئة الأرصاد الجوية ووزارة الري.

في السنوات السابقة، كانت أكثر المناطق المتضررة من السيول هي المدن الجديدة، منها الشروق والعبور والشيخ زايد والتجمع الخامس ومدينة بدر، وهنا كان محور ملفنا في "الدستور" الذي تتبع تلك الأماكن لمعرفة الاستعدادات التي تمت كي لا تتكرر كارثة الأعوام السابقة، من خلال سؤال الأهالي والمسؤولين عن تلك الاستعدادات والاقتراحات التي يمكنها إنقاذ المشهد خلال تلك الفترة.

◄ أهالي «الشروق»: انقطاع الكهرباء أهم أزمات السيول

البداية كانت في مدينة الشروق، حيث قال تامر موسى، أحد سكانها: الوضع في مدينة الشروق أخف وطأة من مناطق أخرى بالجمهورية، مشيدًا بسرعة استجابة جهاز المدينة لرفع مياه الأمطار من الشوارع في نفس اليوم وعودة التيار الكهربائي الذي انقطع بسبب تجمعات المياه على أكشاك الكهرباء.

أكدت على كلماته سمر حسين، واحدة من السكان أيضًا، أن المدينة لم تتعرض لأزمة كبيرة وقت اجتياح (منخفض التنين) في مارس الماضي، نتيجة وجود بلاعات صرف للأمطار بالشوارع، فكانت الحياة طبيعية في اليوم الثاني، ولم يعان السكان من أزمات سوى انقطاع الماء والكهرباء وهو الأمر الطبيعي لتعامل الحكومة مع سقوط الأمطار الغزيرة، مضيفة أن مدينة الشروق لم تشهد وجود عالقين بالشوارع أو محاصرين بالأمطار أو نزول شباب بسيارت الدفع الرباعي لإنقاذ أحد.

◄ رئيس «الشروق»: تم رفع كفاءة محطة الصرف الرئيسية وتطهير المخرات

أوضح مهندس عبد الروؤف الغيطي، رئيس جهاز مدينة الشروق، أنه تم دفع العمل بأهم مشروعات المرافق بمدينة الشروق، وذلك في إطار الاستعدادات المكثفة لاستقبال موسم الشتاء والمصاحب له سقوط أمطار غزيرة، وسيول، وهو ما يستوجب سرعة وضرورة التعامل مع تلك المياه وتتضمن مشروعي رفع كفاءة محطة الصرف الرئيسية رقم 3، وتنفيذ خط طرد بديل قطر 1200 مم، بهدف التعامل الأمثل مع زيادة التصرفات الواردة لمحطات الرفع، وكذا تطهير وتجهيز مخرَّات السيول بالمدينة.

ولفت «الغيطي»، في تصريحات لـ«الدستور»، إلى أن تقدم الأعمال بمشروع رفع كفاءة محطة الصرف رقم 3، والمتضمن رفع قدرتها الاستيعابية من 36 ألف م3يوم إلى 60 ألف م3يوم، وكذا المولدات بقدرة 1 ميجا بدلًا من 0.5 ميجا لتتناسب مع أعمال التأهيل الشاملة، مشيرًا إلى أنه تم الانتهاء بنسبة تتخطى 80% من مشروع إنشاء خط طرد بديل ناقل لمياه الصرف من محطة 3 حتى محطة المعالجة بالهايكستب بطول 5.8 كم حيث سيسهم المشروعان في القضاء نهائيًا على ظاهرة زيادة التصرفات.

وأكد أنه تم الانتهاء من تطهير مخرَّات السيول، وإنشاء نقاط تخزين مؤقتة بأماكن التجمعات، من أجل التعامل على الوجه الأمثل مع مياه الأمطار والسيول والآثار الجانبية لها، كما وضعت شركة القناة لتوزيع الكهرباء خطة متضمنة رفع قاعدة 90 كشك كهرباء، وانتهت من رفع 20 كشكا، وجارِ استكمال باقي الأكشاك حسب الأولويات بالمواقع القريبة من تجمعات المياه، بهدف استمرارية التيار الكهربائي دون تأثر وقت الأمطار والسيول.

◄ أهالي «العبور»: السيول تسببت في انقطاع المياه والكهرباء

عاشت مدينة العبور موسم الشتاء الماضي في حالة دائمة لهطول أمطار غزيرة، ما أدى إلى غرق الشوارع والأحياء وسبب تلفًا كبيرًا في المدينة، وكان يؤدي هذا لانقطاع الكهرباء والمياه.

وعبر أحمد علي، أحد سكان مدينة العبور، عن غضبه لما تسببت فيه الأمطار من غرق المدينة ومنع السكان من دخول منازلهم، ووقتها ناشدوا الجهات المعنية بسرعة التدخل لإنقاذ الموقف من خلال توفير سيارات لشفط المياه من الطرق، مناشدًا بسرعة تدخل جهاز المدينة لحل هذه المشكلات قبل بداية الموسم الشتوي الجديد وإنقاذ الموقف قبل أن يحدث مثل ما مضى.

والتقط منه أطراف الحديث أحمد ناجي، أحد السكان أيضًا، أكد أنهم عاشوا الموسم الماضي في حالة خوف وقلق شديد لاستمرار السيول والأمطار لمدة ٣ أيام متواصلة، منعت الأهالي من الخروج من منازلهم، معلقًا: "الكهرباء والمياه فضلت قاطعة ٣ أيام متواصلة"، لتأثرها بمياه الأمطار على محطات الكهرباء، فقام جهاز المدينة بقطع الكهرباء خوفًا أن يحدث "ماس كهربي" وتجنبا لحدوث أي ضرر للمواطنين.

◄ رئيس «العبور»: تم تجهيز عدد كبير من سيارات شفط المياه

ومن جانبه، أكد أحمد عمران، رئيس جهاز مدينة العبور، في تصريحات لـ«الدستور»، أن الجهاز قام بتوسعات في محطات الصرف الصحي لاستقبال مساحة أكبر لمياه الأمطار وتلاشي غرق المدينة ومنازل الأهالي عما حدث العام الماضي، مضيفًا أنه تم تجهيز عدد أكبر من سيارات شفط المياه، وتجهيز عوازل لمحطات توليد الكهرباء من مياه الأمطار.

◄ أهالي «بدر»: «جنيفا» و«الإسكان الاجتماعي» الأكثر تضررًا

انتقلنا بعدها إلى مدينة بدر، حيث بدأ معنا المهندس تامر منصور، أحد سكان المدينة، قال: كارثة السيول أطاحت بالمدينة العام الماضي، لذا نأمل من الجهات المعنية والمسؤولين بالمنطقة التحرك السريع لتغيير الأنظمة القديمة وإدخال طرق جديدة، فضلًا عن توفير الخدمات المطلوبة للتصدي تدفقات السيول هذا العام.

واستطرد "منصور": من أجل استعداد مدينة بدر لفصل الشتاء فقد تم ترحيل بلاعات بأماكن تجمعات المياه، كما تم تجديد محطات الصرف الصحي والغرف المختصة بسحب المياه لكي تستوعب كميات أكبر من المياه، والمناطق التي تضررت من السيول العام الماضي تم دعمها بالحجارة الأسمنتية حتى لا تخترقها مياه السيول.

ولفت إلى أن منطقتي جنيفا والإسكان الاجتماعي الأكثر تضررًا من مياه الأمطار الشديدة، كما يكثر فيهما تجمعات المياه بشكل كبير، مطالبًا بوضع حلول لمثل تلك المعضلات حتى لا تتعرض المدينة لخسائر فادحة بالفترات المقبلة.

وتابع عنه قطب عامر، أحد السكان أيضًا، فقال: وقعت خسائر فادحة العام الماضي بمدينة بدر لعدم استعدادها لسقوط الأمطار الغزيرة، والتي تعتبر منطقة تتميز بمناخها القاري، لذا عند سقوط الأمطار يمكن أن تقع كوارث عدة لا يمكن السيطرة عليها، ومن ثم قام المهندس عمار رئيس جهاز مدينة بدر باتخاذ العديد من الاستعدادات المختلفة لاستقبال موسم الشتاء بالمدينة هذا العام.

وأشار «عامر» إلى أنه تم تزويد محطات الصرف بعدد من الطلمبات لزيادة القدرة الاستيعابية لسحب مياه التجمعات، كما تم توفير عدد من العربيات المختصة لسحب المياه حين تساقط الأمطار الغزيرة.

ولفت محمد سيد، أحد السكان أيضًا، إلى أن جهاز المدينة وضع حلولًا مستديمة بمعالجة الأزمة مستقبلًا، حيث تم إنشاء أماكن ثابتة لتجمع المياه، من خلالها نستطيع التحكم في المجرى المائي للسيل وتصل في النهاية إلى مكان محدد، وبذلك نتمكن من استيعاب هذا السيل.

◄ رئيس «بدر»: أنشأنا 500 غرفة صرف موزعة على أحياء المدينة

أوضح المهندس عمار مندور، رئيس جهاز مدينة بدر، إنه تم تزويد محطات الصرف بـ 4 طلمبات بقيمة إجمالية بلغت 5 ملايين جنيه لاستيعاب صرف المياه الزائدة ببيارات محطات الصرف، بالإضافة إلى زيادة ارتفاع منسوب بيارات الصرف لاستيعاب أكثر لكميات من المياه، كما تم إنشاء 500 غرفة صرف مياه أمطار جديدة موزعة على أحياء المدينة المختلفة، مؤكدًا أنه تم استكمال أعمال التطهير والنظافة الدورية لجميع غرف الصرف الصحي وغرف الأمطار، والاستعداد الدائم بجميع المعدات اللازمة، والتأكد من عمل المولدات الكهربائية بالمحطات.

◄ أهالي «الشيخ زايد»: جهاز المدينة قدم كل الدعم

وجهتنا التالية كانت إلى مدينة الشيخ زايد، التي كانت حديث «السوشيال ميديا» في أكتوبر الماضي، حيث انتشرت صورًا كثيرة لها غارقة في الأمطار، وتحولت إلى السخرية في بعض التعليقات منها: «مش فضلتوا تنزلوا صور لزايد إنها جميلة وكل البلد كانت غرقانة.. والله قولت احنا هنتحسد».

تقول آلاء محمد، من سكان "زايد"، إن ما حدث العام الماضي هو غرق الأدوار الأرضية وبعض الشوارع بسبب تكدس المياه، وتم قطع الكهرباء عن المدينة كلها، مشيدة بدور الجهاز في شفط المياه أولًا بأول ومتابعة مشاكل الكهرباء نتيجة ضرب أكشاك الكهرباء بسبب الأمطار، وتقريبا معظم أحياء زايد كانت بهذا الشكل.

وأضافت أن مداخل المدينة أيضًا تم إغلاقها بسبب السيول، وتواجدت عربات الشرطة لحل الأمر، مشيرة إلى أن هناك تعاون بين أهالي "زايد"، حيث يتم تقديم الدعم لبعضهم البعض، "اللي عنده ميه أو كهرباء بينوه وبيبلغ اللي محتاج يتواصل معاه".

والتقط منها أطراف الحديث، المهندس محمد القاضي، يملك شركة IT في منطقة "زايد"، اقترح أن يتم وضع خطة معلنة في نهاية كل عام لإدارة هذه الأزمة المتكررة من قبل المحليات ونواب مجلس الشعب، وأن تكون واضحة بشكل كامل للمواطنين، إذا تم تطبيق هذا الأمر سيتم حل جزء كبير من المشكلة الوارد حدوثها هذا العام أيضًا.

◄ رئيس «القاهرة الجديدة»: استوعبنا الدرس ومستعدين للسيول

أكد المهندس جمال طلعت، رئيس جهاز القاهرة الجديدة، أن الأحياء الخاصة بها استوعبت الدرس جيدًا وأصبحت في حالة طوارئ وتأهب دائمة استعدادًا لموسم الأمطار القادم، بالتنسيق مع الأرصاد الجوية، ومنذ آخر أزمة واجهها التجمع وأكتوبر العام الماضي أمر الجهاز بتنظيف وتسليك البالوعات وضبط الصرف تحسبًا للأمطار المتوقعة خلال الأيام المقبلة.

وأوضح «طلعت»، في تصريحات لـ«الدستور»، أن حالة الترقب بشكل دائم تساعد على ضبط خطوط الصرف الصحي بمنطقة القاهرة الجديدة، مما يتيح تلك الآلية لضبط ودعم مناطقه المنخفضة بالطرق التي رصدت خلال الأمطار التي شهدتها القاهرة الجديدة بنهاية مارس الماضي.

وأوضح أنه يتم التركيز على تغيير مواسير المياه والصرف، واتجه الجهاز لإعداد نظم وبالوعات جديدة بمساحات وأقطار كبيرة لاستيعاب كميات الأمطار وسحبها المياه وفقًا آلية سريعة ولا تحدث تكدس بالحركة المرورية، كما تم التأكيد على تأمين عمل المولد الكهربائي في حالة انقطاع الكهرباء، كما توفر آلية مركزية لشفط المياه؛ أيضًا سيارات متخصصة للتعامل في حال السيول بمناطق الحرجة بالطرق.

◄ «الري»: تنتهي من صيانة ورفع كفاءة محطات رفع مياه الأمطار استعدادا للسيول

وجهتنا الأخيرة كانت مع محمد السباعي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الري، الذي أكد أن وزارة الري كل عام تتخذ خطوات استباقية للتعامل مع الأمطار، ولكن تنبؤات هذا العام جاءت مؤكدة شدتها ووصولها لحد السيول فلزم الأمر إلى إعلان حالة الطوارئ في جميع المحافظات مع رفع كفاءة أجهزة الدولة للتعامل مع السيول، فتم تأهيل الترع التي بلغت 256 عملية، بالإضافة إلى عدد من العمليات الجارى تنفيذها حاليًا ويبلغ عددها 152 عملية.

وأضاف «السباعي»، في تصريحات لـ«الدستور»، أن الوزارة انتهت من ١١٧ مخرا للسيول بسيناء والصعيد، وصيانة كل المنشآت ومتابعة السدود التي تم إنشاءها وتبلغ ٥٨٨ سد وعمل صناعي لحماية هذه المناطق من مخاطر السيول، كذلك العمل على تبطين الترع والمصارف المائية، وتم اتخاذ إجراءات الحيطة للتعامل مع ارتفاع المناسيب، والتأكد من جاهزيتها لمواجهة مخاطر السيول، ورفع منسوب الجسور المنخفضة، وتدعيم النقاط الضعيفة على المصارف.

كما تم التوجيه لمصلحة الميكانيكا والكهرباء بتشغيل محطات الرفع بكامل طاقتها، وزيادة ساعات التشغيل للوصول بمناسيب المصارف إلى أقل منسوب ممكن، وتشغيل محطات الطوارئ إذا لزم الأمر، أيضًا تم تشكيل عدة لجان للمرور على مخرات السيول، والبالغ عددها 117 مخرا، للتأكد من حالتها ومدى جاهزيتها لاستقبال مياه السيول.

أيضًا تمت مخاطبة جهات الولاية بسرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة؛ تجنبا لوقوع خسائر مادية أو بشرية، كما تم التوجيه بتنسيق رؤساء قطاعات الموارد المائية والري مع المحافظات لإجراء سيناريوهات للتعامل مع السيول، كذلك تم صيانة كافة محطات الرفع بجميع المحافظات والتوجيه بتقليل مناسيب المياه بالمجاري المائية لاستيعاب الأمطار المتوقع نزولها وذلك بعد التنسيق مع مركز التنبؤ بالفيضان لمعرفة توقعات الأمطار للتعامل معها.