رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل مات الظواهرى فى الدوحة؟


خبر وفاة زعيم تنظيم القاعدة، فى مقر إقامته بالعاصمة القطرية، الدوحة‏، أكده المعارض القطرى خليفة الغفرانى المرى، فى حسابه على تويتر، وأوضح أن «أيمن الظواهرى هو صندوق أسرار النظام القطرى»، ولم يستبعد أن يكون ذلك النظام هو الذى قام بتصفيته.
حسابات تابعة لأذرع «القاعدة»، على شبكات التواصل الاجتماعى، رجحّت أيضًا وفاة الظواهرى، من بينها جماعة «حراس الدين»، إحدى أذرع التنظيم فى سوريا، وكذا ريتا كاتز، مديرة موقع «سايت» المتخصص فى متابعة أنشطة التنظيمات الإرهابية، التى كتبت فى حسابها على «تويتر»، فجر أمس السبت، أن هناك تقارير عديدة تفيد بأن الظواهرى مات منذ شهر.
لا يعلن تنظيم القاعدة، عادة، وفاة قادته عند حدوثها، وإلى الآن، لم يؤكد التنظيم خبر وفاة حمزة بن لادن، الذى أعلن البيت الأبيض، فى سبتمبر ٢٠١٩، مقتله فى عملية أمريكية على الحدود الأفغانية- الباكستانية، كما لم يعلن مقتل الرجل الثانى بالتنظيم عبدالله أحمد عبدالله، المعروف باسم أبومحمد المصرى، الذى عرفنا أمس الأول، الجمعة، من تقرير نشرته جريدة «نيويورك تايمز»، أن عناصر تابعة للمخابرات الإسرائيلية «الموساد» قامت، فى أغسطس الماضى، بتصفيته مع ابنته مريم، أرملة حمزة بن لادن، فى العاصمة الإيرانية طهران.
أيمن محمد ربيع الظواهرى، المولود بالقاهرة فى ١٩ يونيو ١٩٥١، تخرج فى طب قصر العينى، وحصل على درجة الماجستير فى الجراحة سنة ١٩٧٨، وشارك فى تأسيس تنظيم الجهاد فى مصر، قبل أن يغادر إلى السعودية، سنة ١٩٨٥، ومنها إلى باكستان ثم أفغانستان، وفى أوائل التسعينيات ذهب إلى السودان ثم عاد إلى أفغانستان، مرة أخرى، بعد أن سيطرت عليها حركة طالبان سنة ١٩٩٦، وأعلن دمج تنظيم الجهاد بالقاعدة، وبات يوصف بأنه الرجل الثانى والمنظر الرئيسى للتنظيم، إلى أن يتولى زعامته فى مايو ٢٠١١، خلفًا لأسامة بن لادن.
منذ أن ظلّت تروج، لمدة أسبوع للحوار، الذى أجرته مع مؤسس القاعدة، وعرضته فى ١٩٩٨، احتكرت قناة «الجزيرة» القطرية حقوق بث تسجيلاته. وفى الوثائق، التى عثرت عليها القوات الأمريكية، فى مجمع «أبوت آباد» بباكستان، بعد تصفيته، أشاد بن لادن، بخط يده، بالدور الذى لعبته تلك القناة، كما أثنى على استجابة قطر لتعليماته بشأن تبنى وتمويل وإنشاء ما يوصف بـ«الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين»، اتحاد موزة أو القرضاوى. كما نصح ثلاثة من أبنائه وإحدى زوجاته، بمغادرة إيران والتوجه إلى قطر.
أيضًا، ذكرت شبكة «اى بى سى نيوز» الأمريكية، فى ٢ يوليو ٢٠٠٣، أن بن لادن والظواهرى زارا الدوحة عدة مرات بين عامى ١٩٩٦ و٢٠٠٠ وأقاما بمزرعة «الوعب» المملوكة لعبدالله بن خالد آل ثانى، الذى كان وزير الأوقاف والشئون الدينية، ثم وزير الداخلية، وصار رقم ١٤ فى قائمة الإرهابيين، الأولى، التى أعلنتها الدول العربية الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب: مصر، الإمارات، السعودية والبحرين، وضمت ٥٩ إرهابيًا ينتمون إلى العائلة الضالة التى تحكم قطر بالوكالة، أو مدعومين، ممولين، ومقربين منها.
ليس غريبًا، إذن، أن يعيش الظواهرى أو يموت فى قطر، التى تحتضن، أيضًا، قيادات حركة طالبان، التى بدأت علاقة الشراكة بينها وبين تنظيم «القاعدة» بتحالف بن لادن مع مؤسسها الملا محمد عمر، واستمرت بمبايعة الظواهرى لزعيمين للحركة، محمد منصور، الذى لقى مصرعه سنة ٢٠١٦، ثم هبة الله أخوند زاده. كما أن مكتب طالبان «السياسى» فى قطر، لا يفعل شيئًا، منذ تم تأسيسه بأوامر أمريكية، غير عقد اتفاقات التعاون والتنسيق بين تنظيمات إرهابية، يقيم قادة بعضها فى الدوحة، بشكل دائم، ويقصدها قادة بعضها الآخر، فى زيارات خاطفة، بينما ما يوصف بـ«المجتمع الدولى» مغمض العينين أو «عامل ميت»!
خمسة من كبار قادة حركة طالبان، مثلًا، كانوا معتقلين فى «جوانتانامو»، أفرجت عنهم الولايات المتحدة فى ٢٠١٤ بوساطة قطرية، وفى نوفمبر ٢٠١٨ انتقل هؤلاء الخمسة إلى الدوحة، وانضم إليهم سادسهم، الملا عبدالغنى بردار، صهر الملا عمر، والذى كان واحدًا من الأربعة المؤسسين لحركة طالبان، وألقت باكستان القبض عليه، فى فبراير ٢٠١٠، وظلت تحتجزه فى مكان غير معلوم، إلى أن أفرجت عنه فى أكتوبر ٢٠١٨ بوساطة قطرية، أيضًا. واختير، فى ٢٤ يناير ٢٠١٩، قائدًا سياسيًا للحركة، ورئيسًا لمكتبها فى الدوحة، وقاد المفاوضات مع الولايات المتحدة والتى انتهت بالتوقيع، فى فبراير الماضى، على ما وصفوه بـ«الاتفاق التاريخى».
إقامة الإرهابى أيمن الظواهرى فى العاصمة القطرية، ليست أكثر من إشارة على أن اللعب، الذى كان مستترًا، صار «على المكشوف»، أما وفاته، فلا نعتقد أنها قد تقدم أو تؤخر، بعد أن ماتت «الجماعة الأم»: جماعة الإخوان، وانفرط بالتبعية عقد التنظيمات الفرعية، وصار موتها، هى الأخرى، وشيكًا أو مسألة وقت.