رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

توصيات الملتقى العالمي للتصوف برعاية «القادرية البودشيشية»

 الملتقى العالمي
الملتقى العالمي للتصوف

أقيمت مساء أمس الخميس، الجلسة الختامية لفعاليات الدورة الـ15 من الملتقى العالمي للتصوف، الذي عقدته الطريقة القادرية البودشيشية ومشيختها، في إطار الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف، تحت شعار "التصوف وتدبير الأزمات: دور البعد الأخلاقي والروحي في الحكامة الناجعة"، وبثت فقراتها عبر المنصات الرقمية لمؤسسة الملتقى.

استهلت أشغال الجلسة الختامية بالمسابقة الوطنية في القرآن الكريم، تولى تسييرها الإعلامي عتيق بنشيكر، وقد عرفت إشراف وتحكيم المقرئ سعيد مسلم، أستاذ علم التجويد والمقامات الصوتية، إلى جانب المقرئ محمد الترابي، ومقرئين آخرين، وتخللتها نصائح للمتبارين والمتباريات، بالإضافة إلى الحديث عن أفضال القرآن الكريم ومزاياه التي لا تعد وتحصى.

ودعا الدكتور منير القادري في كلمته في هذه الجلسة الختامية، إلى بناء مجتمع إنساني تسوده المحبة والتعاون والاحترام، وأوضح أن الهدف من طرح موضوع هذه السنة هو تجلية الأزمات التي يعانيها المجتمع الإنساني اليوم، التي أرجعها إلى أزمة القيم والسلوك والمعنى، وإبراز ما يمكن أن يقدمه التصوف في تدبير أزماتنا المعاصرة، وخلق حكامة قيمية فاعلة في هذا الباب، وبثّ خطاب ديني متنوّر يتناسب وسماحة الإسلام وكونيته، اضافة الى تسليط الضوء على النموذج المغربي، المعروف بتميزه وإشعاعه، ونجاحه في حل وتدبير كثير من الملمات التي عرفها التاريخ المغربي والإنساني، وهو ما يزال مستمرا إلى يومنا هذا، تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس نصره الله، كما دعا إلى نشر القيم الإسلامية الأصيلة التي أسس من خلالها النبي صلى الله عليه وسلم لقيم الحوار والتعايش واحترام الغير والمشترك الإنساني.

وبدوره ألقى الدكتور رياض بازو من لبنان، كلمة باسم العلماء والباحثين المشاركين من خارج المغرب، في النسخة ال15 للملتقى العالمي للتصوف، جدد من خلالها التهنئة بالمولد الى المسلمين والى المغاربة ملكا وشعبا، والى شيخ الطريقة القادرية البودشيشية فضيلة الدكتور مولاي جمال الدين، وإلى الدكتور منير القادري مدير الملتقى، وأوضح أنه إذا كان المشرق بلد الانبياء فإن المغرب بلد الأولياء، وﺫكر بالدور الفعال الذي قام به الشيخ الراحل حمزة القادري قدس سره، في خدمة التصوف.

كما توجه الدكتور فضيل الإدريسي، باسم المشاركين المغاربة في الملتقى العالمي للتصوف، بالشكر إلى الدكتور منير القادري ومن خلاله الى كل المساهمين في تنظيم فعالياته، منوها بحسن تسيير دورة هذه السنة، من خلال التوظيف المتقن للتكنولوجيا الحديثة.

بعد ذلك تناول الكلمة الدكتور عبدالرزاق تورابي، لقراءة التقرير التركيبي لجميع أشغال الملتقى العالمي للتصوف، ولمختلف جلساته، مذكرا بمحاورها وبموضوعاتها.

ليتناول بعدها الحديث عن التوصيات التي أسفرت عنها أشغال الملتقى الافتراضي والتي عبرت في ديباجاتها عن نجاح هاته الدورة الخامسة عشر نجاحا فاق كل التوقعات وتغلب على ظروف الأزمة وإكراهاتها، ونوهت بالمجهودات الجبارة في التنظيم والتنسيق والتواصل واستغلال الوسائل الرقمية باحترافية كبيرة، وأيضا لما تضمنه البرنامج من غنى وتنوع وتجديد مشهود.

وتلا بعد ذلك أهم التوصيات المنبثقة عن الملتقى العالمي للتصوف كالآتي:
- تثمين المبادرة الريادية للطريقة القادرية البودشيشية ومؤسسة الملتقى لتنظيم هذا الملتقى العالمي للتصوف كأكبر تظاهرة علمية افتراضية في العالم، تحظى بالرعاية السامية لأمير المؤمنين الملك محمد السادس، وتعمل بجد على إبراز رسالة التصوف كمكون هوي، وثابت ديني ودور النماذج الصوفية العملية في مواكبة العصر والتفاعل مع السياقات المعاصرة وتدبير الأزمات، من خلال حكامة فاعلة مؤسسة على مرجعية للقيم الأخلاقية، تبدأ بإصلاح الفرد وصولا إلى إصلاح المجتمع.

- دعم حملات التضامن والتكافل للتحسيس في ظل الأزمات باعتبارها متجذرة في الهوية الدينية والسلوك القويم للمسلمين عامة، وكون التصوف زاخرا بهاته النماذج في التربية على القيم الإحسانية، ولما لها من انعكاس على التنمية في بعدها الأخلاقي كرافعة لخدمة الإنسان.

- ضرورة الالتزام في حالة الأزمات الصحية بالتدابير الوقائية والإجراءات الاحترازية، جريا على هدي السلف الصالح كطوق نجاة أصيل دعا إليه الشرع للحفاظ على النفس والدين والعقل والمال والعرض.

- دعم المبادرات الإيجابية للفاعلين في حقل التصوف باعتبارهم شركاء في تدبير الأزمات من خلال تضافر جهودهم وفق مقتضيات العصر وبلورة فقه الواقع العملي الذي يجيب عن أسئلة التعايش ونبذ التطرف.

- تعميم الدروس التربوية الإحسانية للتصوف ورسالته الأخلاقية في التعامل مع الأزمات وتوظيفها في البرامج التعليمية والوسائل الرقمية لما تفتحه من آفاق وإبداع وما تزرعه من روح الانتماء للوطن.

- إدراج المضامين التربوية الصوفية العملية ضمن المقررات الدراسية، يشرف عليها متخصصون في التصوف وتشمل تدريس الأدوار التربوية للزوايا ورجالاتها في تدبير الأزمات.

- دعوة الجاليات الإسلامية بالخارج إلى الالتزام بقوانين البلدان المضيفة والتحلي بقيم الرحمة والمحبة والسلام والتعايش والاحترام وعدم الانسياق أمام الحملات العدائية التي تصطنعها شرذمة قليلة من المتعصبين، وتجنب خطابات التطرف والعداء حتى يكونوا خير سفراء لأوطانهم وأفضل ممثلين لقيم دينهم وأخلاقهم.

- الحاجة إلى نموذج تنموي جديد من منظور صوفي أخلاقي يكون بديلا عن النظام الرأسمالي الذي خلف أزمات متعددة المعالم: اقتصادية، مالية، سياسية، اجتماعية ودينية، ويقوم هذا النموذج الجديد على ثلاث رافعات هي رافعة تغيير سلوك الفرد في خدمة الآخرين، ورافعة تغيير الاقتصاد وجعله في خدمة الإنسان، ورافعة جعل الدولة في خدمة المواطنين.

- العمل على بلورة ميثاق عالمي لحقوق الإنسان والحقوق الروحية نظرا للتكريم الإلهي للإنسان بنفخ الروح فيه وأخذ الميثاق عليه ثم تشريفه بأمانة الاستخلاف من خلال أعمال أكاديمية ومراكز البحث والتكوين.

- دعم مشاريع البحث والبرامج الهادفة إلى رصد الفراغ الروحي وأزمة القيم والمعنى، واستثمار التربية الروحية عبر الوسائط الرقمية كمصدر للطاقة الإيجابية في ظل الجائحة لحل المشاكل النفسية والاجتماعية ومساعدة الآخرين للتكيف مع الأوضاع الطارئة.

- التشديد على دور الإعلام في تبليغ رسالة التصوف ومجهودات الطريقة القادرية البودشيشية وأنشطتها المتنوعة والمستمرة لدرء مخاطر الجائحة من خلال قيامها بحملات تحسيسية وتضامنية وملموسة، في تعبير راسخ عن مواطنة مسئولة ومثالية واندماج فعلي في المجتمع والتزام كامل بالثوابت الدينية للمملكة المغربية تحت التوجيهات السديدة لأمير المؤمنين محمد السادس حفظه الله.

- نشر أعمال هذا الملتقى الخامس عشر وتعميم المحاضرات والأنشطة المتنوعة عبر المواقع المختلفة تعميما للفائدة وإتاحة الفرصة لمن لم يتمكن من المشاركة بإرسال كلمته إلى اللجنة المنظمة؛ لإدراجها في أنشطة أخرى مبرمجة.

في الختام تم رفع برقية ولاء إلى السدة العالية بالله، تلاها مدير الملتقى العالمي للتصوف الدكتور منير القادري بودشيش، متمنيا لأمير المؤمنين بمناسبة ذكرى عيد المولد النبوي الشريف وذكرى المسيرة الخضراء دوام الصحة والعافية والتوفيق في خطواته الراشدة.