رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السودان والإرهاب


مر السودان بمراحل سياسية مضطربة.. فى ١٧ يناير ١٩٥٨ قامت حكومة ديمقراطية ائتلافية جديدة. وفى ٢٥ مايو ١٩٦٩ تولى الجيش السلطة فى السودان، وتوالت الأحداث إلى أن كان ٣٠ يونيو ١٩٨٩، حين تسلم اللواء عمر البشير زمام السلطة، وفى يناير ١٩٩٢، كانت جمهورية السودان الديمقراطية ذات نظام عسكرى وسلطة مركزية، يرأسها البشير، يعاونه مجلس الثورة.
أطاح الجيش بالبشير فى ١١ أبريل ٢٠١٩، بعد أربعة أشهر من احتجاجات شعبية انطلقت على خلفية زيادة سعر الخبز ثلاثة أضعاف. وفى ١٧ يوليو، وقع العسكريون وقادة الحركة الاحتجاجية اتفاقًا على مرحلة انتقالية من ثلاث سنوات، ومنذ ذلك الوقت، أُدين البشير بتهمة الفساد ويُحاكم فى قضية الانقلاب الذى أوصله إلى السلطة.
وجد الحكام الجدد للسودان أنفسهم يحكمون دولة موصوفة بالإرهاب، فلم يجدوا مفرًا من محاولة إصلاح علاقات السودان بالعالم التى أفسدتها سياسة عمر البشير. فأبدى السودان تقاربًا مع إسرائيل، وأبدى استعداده للاعتراف بها، إذا تم رفع اسمه من قائمة الدول الداعمة للإرهاب، وهو ما تم بالفعل.
هذا مع أن الخرطوم كانت من أوائل الدول التى دعت إلى المقاطعة العربية لإسرائيل فى أعقاب هزيمة يونيو ١٩٦٧، من خلال مؤتمر القمة العربية فى أغسطس ١٩٦٧، الذى أُعلن عن اللاءات الثلاثة المشهورة.. لا صلح، ولا اعتراف ولا تفاوض.
فيما بعد ظهر تيار من بين الدول العربية يدعم الإرهاب، بعضها بطريقة مباشرة وصريحة مثل السودان، وبعضها قدم مساعدات مالية لوجستية مثل قطر، وبعضها تآمر على دول أخرى ودمرها.
الغريب أن من أسباب وضع اسم السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب أن أفرادًا من تنظيم القاعدة ما زالوا ينشطون داخل السودان منذ أن استضاف البشير والترابى أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة بحجة الاستثمار والزراعة فى السودان.
كما أشار تقرير أمريكى إلى تَمَكّن المدانين الأربعة المحكوم عليهم بالإعدام فى قضية جون غرانفيل، الدبلوماسى الأمريكى، وسائقه السودانى عبدالرحمن عباس رحمة، ليلة رأس السنة من العام ٢٠٠٨، من الفرار من سجن كوبر فى يونيو ٢٠١٠، لافتًا إلى احتجاج السفارة الأمريكية بالخرطوم على قرار العفو الذى صدر بحق أحد المتهمين بمساعدة قتلة غرانفيل على الهروب من السجن، مع التلميح بمسئولية الحكومة السودانية عن مساعدة المتهمين.
كما يشير التقرير إلى أن عددًا من مسئولى منظمة «حماس» التى تصفها الحكومة الأمريكية بـ«الإرهاب»، يتخذ من السودان مقرًا لممارسة نشاطه، وأن السلطات السودانية تسمح له بممارسة ذلك فى المجال السياسى بما فى ذلك جمع التبرعات.
ورثت الحكومة الانتقالية اقتصادًا مثقلًا بديون تقدر بنحو ٦٠ مليار دولار، ومعدلات تضخم بلغت ٢١٢ بالمائة، وتدهورًا مروعًا فى كل القطاعات الإنتاجية والخدمية والبنية التحتية، وانهيارًا شبه كامل فى القطاع المصرفى، وتراجعًا كبيرًا فى قيمة العملة الوطنية، ومعدلات فقر فوق ٧٠ بالمائة، وبطالة عند ٤٠ بالمائة.
الفوائد التى يمكن أن يجنيها السودان فى حال اكتمال إجراءات رفع اسمه من قائمة الإرهاب تتمثل فى فتح المجال أمام إعفاء جزء كبير من ديونه الخارجية، والعودة للأسواق الدولية.
ونرى أن ما أقدم عليه السودان يصب فى مصلحته، للتمكن من تحقيق تنمية على كل القطاعات الاقتصادية، وسيمكن من نقل التكنولوجيا والمدخلات اللازمة لإعادة تأهيل الاقتصاد السودانى.