رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كل العصافير بحجر واحد .. لماذا التطبيع مع السودان هام لإسرائيل؟

نتنياهو
نتنياهو

هناك اختلاف واضح في مغزى التطبيع مع إسرائيل بين السودان ودول الخليج؛ فالسودان كان يخوض معركة رفض قوية ضد إسرائيل، وهو ما يعني أن دخوله دائرة التطبيع والسلام مع إسرائيل يعد مكسباً معنوياً لا يقل عن باقي المكاسب المادية الأخرى.

السودان كانت دولة عدو لإسرائيل منذ عام 1948 حيث انضمت ست سرايا عسكرية سودانية إلى الجيش في حرب 1948، وقبل 53 عاماً كان المبدأ السوداني هو "اللاءات الثلاث" – "لا سلام مع إسرائيل، لا اعتراف بإسرائيل، ولا مفاوضات مع إسرائيل" – والتي صاغتها قمة جامعة الدول العربية التي عُقدت في العاصمة السودانية بعد وقت قصير من إنتهاء حرب يوينو عام 1967، فإعلان السودان عن تطبيع العلاقات مع إسرائيل يعني بشكل واضح تغير في سياسات الشرق الأوسط، وبداية مرحلة جديدة، خاصة أن السودان لم يعرف علاقات سرية قوية مع إسرائيل مثل العديد من الدول الأخرى.

العلاقة مع السودان سيكون لها تداعيات "نفسية" على إسرائيل والإسرائيليون بيد أن الذين قادوا الرفض ضدنا "اليوم يقبلوننا"، وهذا شيء مختلف عن وضع الإمارات والبحرين اللذان لم يكونا في حالة حرب أبداً مع إسرائيل. وهو ما يعني أن اتفاق السلام مع السودان سيكون حقاً اتفاق سلام جاء بعد فترات عداء.

من ناحية سياسية وعسكرية، فإن الاتفاق مع السودان يمكن قراءته في إطار المواجهة الإسرائيلية مع إيران، فحتى عام 2016، كان السودان حليفاً قوياً لإيران، حيث ساعد "طهران" في تهريب الصواريخ وغيرها من الأسلحة إلى الفصائل الفلسطينية في غزة. ودفع ذلك إسرائيل إلى قصف المنشآت العسكرية في السودان بشكل متكرر، وفقا لتقارير أجنبية.

ومن الناحية الجيوسياسية فإن السودان هي واحدة من أكبر الدول في إفريقيا وهي أيضا نوع من الجسر بين جنوب إفريقيا وشمال الصحراء الكبرى، وبين العرب والأفارقة في إفريقيا، والعلاقة معها ستساهم في محاولة لجلب المزيد من الدعم الدبلوماسي لإسرائيل في المحافل الدولية.

فضلاً عن أن موقع السودان على البحر الأحمر وعلى طريق تهريب مركزي للبشر والسلاح والبضائع من شمال أفريقيا، يمكن أن يساعد بالتخفيف من مخاطر تواجد "عناصر إيرانية" على طول طريق أساسي لاسرائيل، وعلى المدى البعيد يمكن أن يجري نشاط أمني مشترك في المنطقة.

بعد الاتفاق، السودان ستكون قادرة على المساعدة بمنع تهريب أسلحة على مسار السودان- مصر- غزة ومنع كذلك إمكانية إحباط إقامة قواعد بحرية لجهات معادية لإسرائيل مثل إيران وتركيا على شواطئ البحر الأحمر.

ومن ضمن الأمور المثيرة الأخرى، والتي ستحققها إسرائيل من الاتفاق، هو موافقة السودان على إدراج تنظيم حزب الله ضمن قائمة الإرهاب، بحسب تقارير أجنبية.

من الناحية الاقتصادية، فإن الأجواء السودانية أصبحت مفتوحة اليوم لإسرائيل، وهو ما سيتيح إجراء رحلات جوية مباشرة وأقصر أكثر بين إسرائيل وإفريقيا وأمريكا الجنوبية.

بالإضافة إلى أن كون السودان دولة نامية فإن هذا الأمر سيساعد الإسرائيليين أن يقوموا بتصدير أنواع مختلفة من البضائع، التكنلوجيا والخدمات الناقصة، وكذلك التكنولوجيا الزراعية، وتحلية المياه، الرعاية الصحية، أنظمة الطاقة الشمسية، أي ستعتبر السودان "سوق جديد" للمنتجات الإسرائيلية.

قضية المتسللين السودانيين إلى الأراضي الإسرائيلية من القضايا التي ناقشها الجانبان، حيث تجرى تفاهمات بين اسرائيل والسودان حول إعادة طالبي العمل السودانيين في إسرائيل إلى بلادهم السودان، وسيتم إعادة المئات منهم سنويا، وسيتم اعتبار المرحلة الاولى على أنها عينة تجريبية.

حيث يعيش في إسرائيل نحو 38 ألف من طالبي اللجوء الأفارقة من عدة دول من القارة السمراء، غالبيتهم من اريتريا 72% و20% من السودان، يسببوا أزمة لإسرائيل التي حاولت ترحيلهم أكثر من مرة لكن جميع المحاولات باءت بالفشل.