رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الزحف العمرانى.. «روشتة الدولة» لتحجيم «سرطان» الرقعة الزراعية

سرطان الرقعة الزراعية
سرطان الرقعة الزراعية


- الزحف العمراني في الوادي والدلتا سرطان ينخر في جسد الرقعة الزراعية

ـ تكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسي لها الأثر الإيجابي في حماية الأراضي الزراعية

ـ 400 ألف فدان من أجود الأراضي الزراعية «ضريبة»

ـ الدولة تتجه للتحول الرقمي لحماية الأراضي الزراعية



التهم التوسع العمراني والتعديات على الأراضي الزراعية أكثر من 400 ألف فدان، ووصلت منذ عام 2011 لأكثر من مليوني حالة تعد خلفت فقدان 100 ألف فدان، ما يعرض الأمن القومي الغذائي للخطر، وهو ما دفع الرئيس عبدالفتاح السيسي لإقرار وقف التعديات على الأراضي الزراعية والبحث عن بدائل أخرى خارج الرقعة الزراعية، وكلف جميع أجهزة الدولة المختصة بحماية الأراضي الزراعية من التعديات ووقف البناء عليها، لحماية الرقعة الزراعية التي تصل إلى 9.4 مليون فدان داخل وخارج الزمام، شاملة الأراضي القديمة في الوادي والدلتا.


ـ اهتمام الرئيس بالتعديات

أكد مجدي الشراكي، رئيس الجمعية العامة للإصلاح الزراعي، أن ظاهرة التعديات على الأراضي الزراعية مخطط لها والهدف منها هو أن تكون مصر دولة تعتمد على غذائها من الخارج، واهتمام الرئيس السيسي بالقضية وتطوير مصانع الغزل والنسيج، هدفه أن تعود مصر دولة زراعية قوية مجددا، خاصة أن المحاصيل الزراعية في مصر تعطي أعلى إنتاجية، ويسعى خلال الفترة القادمة أن تكون هناك سياسة تسويقية للمحاصيل من أجل النهوض بالزراعة المصرية والاقتصاد القومي وحفاظا على الأمن الغذائي.

وقال الشراكي لـ"الدستور"، إن من يتعدى على الأرض الزراعية ليس الفلاح، بل المستثمرون وتجار تقسيم الأراضي، حيث أن 90% من المتعدين "تجار" وليسوا مزارعين.


التوسع الأفقي والرأسي


في ذات السياق، قال ممدوح حمادة، رئيس الاتحاد التعاوني الزراعي المركزي، إن الرئيس عبدالفتاح السيسى هو صاحب الفضل الأول فى مواجهة ظاهرة التعديات على الأراضي الزراعية وزيادة الرقعة الزراعية سواء بالتوسع الأفقي أو الرأسي، حيث تم التشديد على أجهزة الحماية ومديريات الزراعة في المحافظات لوقف التعديات على الأراضي الزراعية على مستوى الجمهورية، مشيرا إلى أن جميع التكليفات الرئاسية كان لها آثارها الإيجابية في زيادة الرقعة الزراعية وحمايتها وتجريم الاعتداء عليها والبدء في المشروع القومي لاستصلاح 4 ملايين فدان، وكانت البداية باستصلاح المليون ونصف المليون فدان ومراعاة البعد الاجتماعي أثناء التصالح مع المزارعين في القرى والري، أملا في مراعاة الفلاح البسيط الذي يعمل من أجل مصر في توفير الأمن الغذائي.

وأشار رئيس الاتحاد الزراعي إلى أن هناك تكليفات من الجمعيات الزراعية التابعة للاتحاد في المحافظات بالتنسيق مع أجهزة حماية الأراضي في كل محافظة لدعم لجان الوزارة التي تجوب المحافظات يوميا لوقف التعديات على الأراضي الزراعية، لافتا إلى أن اهتمامات الرئيس عبدالفتاح السيسي لم تكن بتدشين المشروعات القومية أو توفير مستلزمات الإنتاج للمزارعين، بل امتدت أيضا للحفاظ على الرقعة الزراعية من التقلص والبناء المخالف، ويهتم به الرئيس السيسي شخصيا، من خلال التصدي للبناء على الأراضي الزراعية كونها أحد مقدرات الدولة في الحفاظ على الأمن الغذائي.

وتابع أن الاتحاد والجمعيات العامة والمركزية الزراعية وصولا إلى المحلية، من خلال ٧ آلاف جمعية زراعية، ستواجه التعديات على الأراضي الزراعية، كونها عصب القطاع الزراعي في مصر، إذ يعمل الاتحاد التعاوني على خدمة الفلاحين في مختلف المحافظات لتوفير مستلزمات الإنتاج من الأسمدة والمبيدات والتقاوي، كما تشارك الجمعيات العامة في تسويق المحاصيل وفقا للخطط والقرارات التي تعتمد عليها الوزارت المعنية.

وأضاف "حمادة" أن الاتحاد يسعى إلى زيادة فعاليات مؤسسات صغار المزارعين وإعادة هيكلة المؤسسات الكيانات التعاونية الضعيفة في كيان واحد واكتساب الأجهزة العاملة بالتعاون مهارات جديدة في مجالات التسويق والتوريد والتصدير بعد تطوير أساليب الإنتاج والعمل على زيادته، مؤكدا أن الاتحاد يسعى لإنشاء قاعدة بيانات متكاملة وشاملة عن الكيانات الزراعية بالتنسيق مع الوزارات المعنية والسعي إلى المشاركة الفعلية في رسم السياسات الزراعية والسرية لتحقيق الأمن الغذائي وتحقيق أهداف التصدير والتنمية، وأصبح من الضروري أن تسوق التعاونيات المحاصيل الزراعية كالقطن والقمح والأرز والذرة.


طوارئ لحماية الأراضي الزراعية


وقال الدكتور محمد القرش، المتحدث الرسمي لوزارة الزراعة، إن عمليات الطوارئ مستمرة في في حماية الأراضي الزراعية ووقف التعديات عليها، كونه أحد أهم ملفات الدولة للحفاظ على الرقعة الزراعية وبناء منظومة للحفاظ عليها وإضافة جديدة من خلال التكنولوجيا الزراعية الحديثة والاهتمام بتطوير البحث العلمي، مؤكدا أهمية تعظيم الاستفادة من وحدة الأراضي والمياه، مشيرا إلى أن التعديات من التحديات التي تواجه الدولة، كون البناء على الرقعة الزراعية يقلل من المساحة المزروعة التي نحتاج في الوقت الحالي لزيادتها والتوسع في المساحات للأجيال القادمة لتوفير الغذاء اللازم للمواطنين.

وأضاف القرش لـ"الدستور" أن الريف المصري لا يعتمد على الإنتاج النباتي فقط، بل الإنتاج الحيواني والداجني وبعض المشروعات اليدوية أيضا، لتحسين مصادر دخول سكانه، والتعدي على الأراضي الزراعية يؤثر على فرص العمل ما يؤدي إلى الهجرة، فما تحتاج الدولة إلى إنفاق المليارات لتوفير الخدمات للمواطنين في المناطق العشوائية وكذلك استصلاح أراض زراعية جديدة، مشيرا إلى أن التوسعات والبناء المخالف وغير المدروس يحتاج إلى بنية أساسية وخدمات، كما تؤدي إلى تأكل الرقعة الزراعية، فيما لم تكن الأراضي حديثة الاستصلاح بنفس كفاءة الأراضي القديمة، علما بأن استصلاح الفدان الواحد يكلف 200 ألف جنيه كحد أدنى، وهي تكلفة باهظة، تهدف للحفاظ على توفير الغذاء للمواطن المصري حاليا والأجيال القادمة.
ـ الزحف العمراني العشوائي «سرطان» في جسد الرقعة الزراعية


من جهته، قال حسين عبدالرحمن أبوصدام، نقيب عام الفلاحين، إن الزحف العمراني العشوائي سرطان يتوغل في جسد الرقعة الزراعية، التي تتعرض لأنواع كثيرة من التعديات ويشكل الزحف العمراني العشوائي أخطرها، مضيفا أن الأرض الزراعية هي مخزن الأمن الغذائي والتعدي عليها يعد من أكثر الأخطار التي تهدد أمن كل المصريين الغذائي، وحمايتها إلزام دستوري على الدولة وواجب وطني وإنساني على كل المصريين، ويحسب للحكومة الحالية الاعتراف بفداحة هذه المشكلة كما يحسب للرئيس عبدالفتاح السيسي شجاعته النادرة في التصدي لهذا الملف بكل تحدياته.

وأضاف، أن الزحف العمراني العشوائي- أحد أخطر صور التعدي على الأراضي الزراعية- أفقدنا نحو 400 ألف فدان من أجود الأراضي الزراعية منذ الثمانينات، منهم ما يقارب 100 ألف فدان في العشر سنوات الأخيرة، ما يستلزم أكثر من 15 مليار جنيه لاستصلاح جديده تعويضا لما فقدناه، علما أن المستصلحة حديثا لن تكون بجودة وخصوبة المفقودة،
بالإضافة إلى حاجتنا لمليارات الجنيهات الأخرى لتصحيح أوضاع المباني العشوائية الجديدة وتوصيل الخدمات.

وأوضح أبوصدام، أن التعدي على الأراضي الزراعية اتخذ صورا كثيرة في الأونه الأخيرة، حيث كان يقتصر على البناء أو تبويرها أو تجريفها، ما يتوجب علينا سن تشريعات قوانين جديدة للتصدي إلى الحديثة منها وضرورة نشر الوعي بها وتشجيع البحث العلمي في هذا المجال، ففي السنوات الأخيرة ظهرت صور لإفساد الأرض الزراعية بالتلوث من مخلفات الكتل السكانيةة والمصانع المجاورة وتسرب مياه الصرف الصحي، كما يؤدي الإفراط في استخدام المبيدات والأسمدة الكيماوية إلى تلوث التربة وضعف الإنتاجية، كما اتسع حجم استقطاع الأراضي الزراعية للمنافع العامة لإقامة بنية أساسية أو إضافة أراض للأحوزة والكردونات العمرانية لمواكبة الزيادة السكانية الكبيرة، كما ظهرت صورة أخرى للتعدي على الأراضي الزراعية، تتمثل في إقامة شبكات المحمول والتي اقتطعت آلاف الأفدنة.



ـ الردع يقلص التعديات على الأراضي الزراعية


أكد الدكتور عباس الشناوي، رئيس قطاع الخدمات والمتابعة بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، توقف كامل للتعديات على الأراضي الزراعية خلال سبتمبر الجاري، بعد إثبات جدية الدولة والدور الفاعل للمسئولين في الملف، فضلا عن الردع الكامل لكل من تسول له نفسه الإقدام على التعدي على الأراضي الزراعية سواء بالبناء أو التبوير أو التسوية والتجريف، مشيرا إلى أن الإزالات في المهد من أهم أسباب تراجع التعديات.

وأضاف لـ"الدستور" أن التعديات على الأراضي الزراعية إهدار للأرض وضياع لفرص العمل، إلى جانب الانتشار العشوائي للأبنية وانتشار الأمراض من جراء التعديات على الأراضي الزراعية، مؤكدا أن أي متعد في أي توقيت يعتبر في حكم المخالف، والتصالح في مخالفات البناء من جانب وزارة الزراعة هو على بعض مخالفات البناء للأماكن المتاخمة للأحوزة العمرانية أو القريبة منها، وهناك أماكن مأهولة بالسكان هي جزء من الحيز العمراني، الذي تحدده وزارة الإسكان.

ـ التحول الرقمي ودور رئيسي في مواجهة التعديات

أكد الدكتور حسن الفولي، مدير الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بوزارة الزراعة، أن الوزارة اتجهت للتحول الرقمي لمواجهة التعديات على الأراضي الزراعية، من خلال حصر الحالات ومتابعة أداء العاملين في حماية الأراضي بشكل إلكتروني، من خلال منظومة التغيرات الإمكانية التي أنشأتها الحكومة عى مساحة 650 ألف فدان من أراضي الإصلاح الزراعي، لافتا إلى أنه تم التشديد على مسئولي مديريات الزراعة بحصر الأصول التابعة للوزارة لإعادة استغلالها والاستفادة منها، وكذلك أهمية تطوير منظومة الري وسرعة الإنجاز فيها باعتبارها في مقدمة الأولويات للحكومة في المرحلة الحالية وضرورة توفير كافة الأسمدة الكيماوية والتقاوي للمزارعين ومتابعة المبيدات وتنفيذ حملات مستمرة لمواجهة الغش في مستلزمات الإنتاج.

وأكد الفولي لـ"لدستور" أهمية حصر مراكز تجميع الألبان وتطويرها والتنسيق بشأنها مع كل الجهات المعنية ومتابعة المشروع القومي لإحياء البتلو، وكذلك ترخيص مزارع الدواجن والماشية وضرورة حصر الزراعات ومواجهة أي آفة قد تؤثر على الإنتاج النباتي.