رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محرر «المسرح» عن فاطمة رشدي: لا تستحم.. والأخيرة ترد: أضع حذائي أمامه باحتقار

فاطمة رشدي
فاطمة رشدي

على طريقة "العصفورة قالت" ظهرت معارك النميمة المتبادلة بين الصحافة الفنية وفناني مطلع القرن العشرين. ففي عددها المنشور 1 مارس 1926 نشرت مجلة المسرح مقال بعنوان "كلمة طيبة.. صورة وصفية لمخلوق خيالي" لمحررها الفني بتوقيع "ميما لافلام"٬ يصف فيه بأوصاف مبتذلة إحدى فنانات تلك الفترة قائلا: "نشأت في أحضان الفاقة التي لم تسببها تقلبات الدهر٬ وإنما جاءت نتيجة طبيعية للبيئة التي نشأت بينها. وعندما كانت صغيرة كانت تحبو على "روث البهائم" وتلعب بأقراص "الجلة"٬ كانت تعيش على ما يتفضل به أهل الجود على أسرتها المدقعة.

هي الآن قذرة٬ يقسم كل من يعرفها أنها لا تستحم في السنة مرة٬ إذا جلست إلى جوارها فأنت في حاجة إلى كمامة كالتي يلبسونها أيام الحرب اتقاء للغازات الخانقة. تراها من بعيد فيخيل إليك أنها مخلوق بشري ولكنك لا تكاد تقترب منها وتسمعها تتحدث حتى يداخلك الشك في أنها نصف حيوان.

تأكل السردين والسمك ثم تمسح يديها في ثيابها وشعرها. إذا أشفقت عليها حين تراها منبوذة من الناس٬ وأقبلت عليها تحادثها تجعل همها في أن تخدعك٬ تضم عينيها ــ رغم صغرهما ودمامتهما ــ لتوهمك أنها تفكر٬ ثم تحدثك عن أشياء تريدك أن تعتقد أنها تفهمها٬ بينما هي قد قضت ساعات طويلة في التمرن على قولها لتخدعك وتخدع غيرك من الناس.

هي امرأة ولكنها فقدت أنوثتها وأكبر برهان على ذلك أنها لم يعجبها من بين كل من في العالم من الرجال إلا قزم مشوه هو أقرب ما يكون إلى الحيوانات. ولكنها لا يهمها ذلك إذ هي لا بالمرأة ولا بالرجل٬ سمعت بعض صيادي اللؤلؤ يقولون أنها والدة ولولا هذا لما كنت أصدق أنها امرأة.

منبوذة محتقرة من كل من يحتك بها٬ لذا تراها دائما وحدها٬ ولكنها تفسر ذلك بأنها تغرق في التفكير بينما الحقيقة هي أنه لا يرضى أحد بالتحدث إليها أو الجلوس بجانبها.

ويختتم الكاتب مقاله مشددا: "ولكنها بالرغم من كل ذلك مازالت مخلوقا بشريا ــمخلوقا ناقصا ــ ولكنه مازال محسوبا علينا. إذن يحسن بنا أن نعطف عليها وإلا نصبح بين أمرين لا ثالث لهما: إما أن تموت جوعا٬ وإما أن تسقط. ولا يكون ذنبها في رقبتنا٬ لذلك لم أتردد عندما جاءت إلي سوزان البائسة كما يسميها أهل الحي تطلب إلي أن أساعدها على التوظف في معمل صديقي فيكتور إدوار وعندما جاء صديقي يسألني عنها قلت: أنها امرأة طيبة. كانت تلك كلمة طيبة: أما كذلك فقد تكون كذبا ولكنها سيكتبها ملاك اليمين.

ــ فاطمة رشدي تقصف جبهة محرر مجلة المسرح وترد عليه

في العدد الذي تلاه المنشور في 8 مارس 1926 نشرت المجلة ردا من أشهر فنانات عصرها ونجمة مسرح رمسيس "فاطمة رشدي" ونشر ردها أيضا تحت عنوان "كلمة طيبة؟!؟" كتبت فيه: سيدي: لا أكتب إليك الآن بصفتي ممثلة٬ كانت في فترات متقطعات٬ هدفا صامتا لسهام نقدك ــ الجدي منه والهزلي ــ وإنما أكتب إليك٬ دون غيرك سيدي٬ بصفتي ممثلة لها حق محروم في مجلتك.

إننا نرفع أبصارنا من الحضيض٬ وتسمو بنا آمالنا إلى الأوج٬ ويجب سيدي أن تتمشى مجلتك ــ أعني أنت ــ مع رفعة البصر٬ وسمو الأمل٬ لتستطيع أن تتمازج معنا وتتآلف عملا٬ وان افترقنا خطة وسيرا منزعا.

في عالم الكتابة كما في عالم الفن٬ سواسية حشرات إذا تطاولت علينا نحن المشتغلين بالمسرح٬ فليس لها إلا النعال٬ أما أنت سيدي المحرر٬ فقد سمحت لبعض الحشرات٬ كائنة ما تكون أن تتسلق صداقتك٬ لتصل إلى صفحات مجلتك٬ وهناك تلقى بقاذوراتها وأدرانها المنتنة على عباد الله جميعا.

تتابع "رشدي": مجلتك فنية أي أنها خاصة بنا نحن الممثلين٬ فيجب والحالة هذه أن يكون لنا رأي فيما يختص بنا وما هو قائم لأجلنا أما كذلك سيدي؟!. بحسن نية قد يكون ذلك٬ سمحت لصديقك ربما أن يستعمل بمعونتك٬ أخلاقه المنحطة وطبيعة نفسه السافلة٬ لإثارة الشقاق واستدامة النزاع٬ بين أفراد فرقة لم يكن بينهم إلا كل وفاق ومحبة وسلام. لقد سمحت لصديقك بأن ينفث سمومه من صفحات مجلتك على قوم أبرياء ليبدل أحوالهم ويفسد أعمالهم٬ فهل تظنك أحسنت عملا.

وتمضي "رشدي" في رسالتها: ذلك الشخص دائما أضع أمامه حذائي باحتقار واستهانة٬ وحين ينبح أو يحاول "العض" أعرف كيف ألقمه حجرا. أما أنت فنصيحتي لك أن تكون أقوى عزيمة٬ فلا تلين لابتسامات أصدقائك٬ ولا تخضع في سبيل نصرة الفن لتجريح الشخصيات٬ فأنا أرى حيوان حقير تحسبه إنسانا.

ليأت صديقك إلي إذا كانت عنده جرأة الرجل وشجاعة البطل٬ أما أن يختفي وراءك ويدفع بك إلينا فهذا أمر له حساب آخر.