رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

باحث إيطالى يحذر من خطر نفوذ الإخوان فى أوروبا: ليسوا ممثلين للإسلام

الإخوان في أوروبا
الإخوان في أوروبا

- باحث إيطالي يحذر من خطر نفوذ الإخوان في أوروبا
- فيدينو: قطر وتركيا تمولان أنشطة عناصر الإخوان في الدول الأوروبية لتنفيذ مخططاتهم
- عناصر الإخوان في لندن يقومون بتحركات إعلامية واجتماعية لتحدي النظام المصري


حذر لورينزو فيدينو الكاتب والأكاديمي الإيطالي ومدير برنامج التطرف في جامعة جورج واشنطن والخبير في الإسلام السياسي، من خطر جماعة الإخوان ونفوذها.

وقال فيدينو الذي شغل أيضا مناصب في مركز بيلفر للعلوم والشئون الدولية بجامعة هارفارد ومركز الدراسات الأمنية في زيورخ، في حوار لصحيفة "Arab News" نشرتها على موقعها الإلكتروني، إن الحكومات الأوروبية لا ينبغي أن تعتبر جماعة الإخوان ممثلة للمسلمين، مضيفا أنه يجب أن تحذر أوروبا من محاولات الإخوان المسلمين للتغلغل في المجتمعات الغربية.

وأشار فيدينو الذي أصدر كتابه "الدائرة المغلقة: الانضمام والانشقاق عن جماعة الإخوان" مؤخرًا لدار نشر مطبعة جامعة كولومبيا الأمريكية، إن جماعة الإخوان كيان إشكالي داخل المجتمع ونفوذهم خطير، موضحًا أن تحديد دور الإخوان في أوروبا صعب للغاية؛ لأنه "على عكس الشرق الأوسط لا توجد مجموعات أو أفراد يعرّفون صراحةً على أنهم مرتبطون بالإخوان في أي دولة أوروبية".

وأضاف فيدينو للصحيفة أنه منذ ستينيات القرن الماضي، انتقل الأفراد والمنظمات الذين لهم صلات بجماعة الإخوان المسلمين في العالم العربي إلى الغرب، وأنشأوا شبكات في جميع أنحاء أوروبا أصبحت الآن مستقلة تمامًا عن الشرق الأوسط.

وقال فيدينو، الذي تركز عمله البحثي على أدوات وطرق التعبئة للشبكات الموالية للإخوان في الغرب وأنشطة الإخوان، أنه تمكنت هذه الشبكات من ممارسة تأثير أكبر بكثير من أعدادها الصغيرة، وعلى الرغم من قلة الأعداد في أوروبا عن الشرق الأوسط فإن عناصر الإخوان تؤثر بشكل كبير على التماسك الاجتماعي والتكامل داخل الدول الأوروبية.

وأوضح فيدينو أن خطورة الإخوان أنهم يعملون بشكل استقطابي وهو ما يخلق عقلية "نحن" و"هم"، الأمر الذي يصنع شخصًا يمثل دور الضحية المستمرة، مما يعزز بالفكرة القائلة بأن الغرب يسعى لإخراج المسلمين وأنه ضد الإسلام، وهم يلعبون على ذلك الوتر وعلى ظاهرة الإسلاموفوبيا مما يخلق مجتمعًا شديد الانقسام، ويمنع عملية التكامل في المجتمعات الغربية ويسمم العلاقات داخلها.

وأشارت الصحيفة إلى أن جماعة الإخوان المسلمين أصبحت أرضًا خصبة للإرهابيين، فعلى سبيل المثال، انضم أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة الحالي، إلى جماعة الإخوان في الستينيات، عندما كان في الرابعة عشرة من عمره، ويؤكد المحللون أن المنظمات الإرهابية مثل القاعدة وداعش استلهمت أفكارها العنيفة والدموية من منظري الإخوان المسلمين.

وحدد فيدينو في ورقة بحثية نُشرت عام 2015 بعنوان "الإخوان المسلمون في المملكة المتحدة"، إلى فئات من الأفراد والمنظمات العاملة داخل المملكة المتحدة والتي يمكن اعتبارها جماعة الإخوان المسلمين وهما المنتسبين والمنظمات المتأثرة بالإخوان.

وأضاف فيدينو: تم إيلاء اهتمام كبير لأنشطة أعضاء الفرع المصري للإخوان المسلمين المقيمين في لندن، حيث إن هذه المجموعة الصغيرة المكونة من حفنة من كبار القادة والنشطاء الشباب تشارك في الجهود الإعلامية والضغوط التي تهدف إلى تحدي النظام المصري الحالي".

أعلنت الحكومة المصرية جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية في ديسمبر 2013، بعد إدانتها بتنفيذ سلسلة من التفجيرات في القاهرة، وبعد وضع الجماعة في قائمة الإرهاب في مصر وعدد من الدول العربية الأخرى، وجد العديد من أعضائها وكبار مؤيديها ملاذًا في تركيا وقطر.

وكشف كتاب نُشر العام الماضي من قبل اثنين من المراسلين الاستقصائيين الفرنسيين، جورج مالبرونو وكريستيان شينو، عن تفاصيل التمويلات الضخمة التي قدمتها قطر لمنظمات الإخوان المسلمين في جميع أنحاء أوروبا، وذلك في كتاب حمل عنوان "أوراق قطر: كيف تمول الدولة الإسلام في فرنسا وأوروبا"، وهو يستند إلى وثائق وشهادات رسمية تلقي الضوء على تمويل الدوحة الواسع لتعزيز أيديولوجية الإخوان في القارة العجوز.

ونشر الكتاب أدلة على الشيكات والتحويلات المالية من قطر والتي تم استخدامها لضمان المشاريع المرتبطة بالإخوان في جميع أنحاء أوروبا.

ويقول فيدينو، الذي أدلى بشهادته أمام الكونجرس الأمريكي وبرلمانات دولية أخرى، وقدم المشورة لمسئولي إنفاذ القانون في جميع أنحاء العالم، إن جماعة الإخوان المسلمين في الغرب منظمة سرية للغاية، حتى إنها تنفي وجودها بالفعل.

وأضاف فيدينو: لهذا السبب اعتقدت أن إحدى أفضل الطرق للحصول على معلومات حولها وبنيتها، حول ما تفكر فيه وتريده، هي إجراء مقابلات مع عناصر يمثلون جزءًا من تنظيم الإخوان في الغرب وانشقوا عنها بعد ذلك، وذلك لعمل كتابي الأخير.

وأشار إلى أنه في حين أن هناك تجارب مختلفة بين أولئك الذين أجرى معهم مقابلات لكتابه، إلا أنه تم تجنيدهم جميعًا بعد عملية طويلة جدًا، حيث أصبحوا جزءًا مما وصفوه بأنه آلة متطورة جدًا في كل دولة أوروبية.

وتابع فيدينو: انشقوا عن الجماعة جميعًا في النهاية لأسباب مختلفة ولكن كان هناك شيء مشترك فقد رأوا جميعًا فسادًا داخليًا داخل الجماعة وانعدامًا للديمقراطية الداخلية، وأجمعوا على أن جماعة الإخوان المسلمين تنظيم مخادع وبه الكثير من النفاق، والكثير من استخدام الدين لتحقيق أهداف سياسية بحتة.

وقال فيدينو إن الأشخاص الذين انشقوا عن الجماعة أصبحوا منبوذين، حيث إنهم يخسرون الكثير من دوائرهم الاجتماعية لأن العضوية في جماعة الإخوان هي تجربة سيئة ومنغلقة تماما.

وأضاف: من الواضح أنه من الصعب على أي شخص كرس 10 أو 20 عامًا من حياته أن يقول إنه مخطئ، وأن التنظيم والأيديولوجية التي كرسوا حياتهم من أجلها كانت غير صحيحة؛ إذ يتطلب الأمر الكثير من الشجاعة الفكرية للقيام بذلك.

وأشار فيدينو إلى تقرير صدر مؤخرًا في وسائل الإعلام الألمانية لوثائق سرية مسربة تلقي الضوء على استخدام قطر لثرواتها وجمعياتها الخيرية لتمويل المساجد واختراقها وتنشيط شبكات الإخوان المسلمين وشراء النفوذ في جميع أنحاء ألمانيا.

وتكشف الوثائق أن مؤسسة قطر الخيرية مولت ما لا يقل عن 140 مسجدًا ومركزًا إسلاميًا في جميع أنحاء ألمانيا منذ أن بدأت حملتها بتكلفة تقدر بنحو 72 مليون يورو (84.69 مليون دولار) في عام 2016 وحده، وأنفقت المؤسسة الخيرية ما يقرب من 5 ملايين يورو على العديد من مشاريع البناء في المدن الألمانية الكبرى، بما في ذلك برلين وميونيخ.

وأشار فيدينو إلى ورقة بحثية حديثة للباحث ماجنوس نوريل بعنوان "تأثير أردوغان في أوروبا: دراسة حالة سويدية" عرضها بمعهد واشنطن قال فيها أن قطر وتركيا قدمتا أشكالًا مختلفة من الدعم لجماعة الإخوان المسلمين، بما في ذلك منح اللجوء لأعضاء الإخوان المطلوبين وتجهيزهم بمحطات فضائية وإذاعية، مؤكدا أن القيادة السياسية التركية تستثمر بعمق في عدد من الأحزاب الأوروبية الصغيرة التي تتماشى مع أفكار وإيديولوجية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وقال نوريل إن أردوغان أوضح سياسته بشكل صريح على تليفزيون ألبانيا في يونيو 2017، عندما قال إنه لا حرج في دعم الأحزاب السياسية في البلقان والدول الأوروبية الأخرى التي تشترك في أيديولوجية مماثلة لإيديولوجية حزب العدالة والتنمية الذراع السياسي للإخوان في تركيا والذي ينتمي إليه أردوغان.

وتابع فيدينو في حواره للصحيفة أن جماعة الإخوان انتقائية للغاية في من ينضم إليها، مضيفا "نحن لا نتحدث عن أرقام كبيرة جدًا. نحن نتحدث عن ربما بضع مئات من الأشخاص في بلد مثل إيطاليا، وربما 1000 في دول مثل فرنسا أو ألمانيا. تكمن قوتهم في قدرتهم على حشد الناس الآخرين، للتأثير على المجتمع المسلم في تلك الدول، للتأثير في صنع السياسات في الغرب.. لديهم قدرة قوية على التكيف مع البيئة".

وقال إن أعضاء جماعة الإخوان المسلمين يريدون أن ينظر إليهم من قبل المؤسسات الغربية والحكومات ووسائل الإعلام وما إلى ذلك كممثلين عن الجاليات المسلمة، وأن يصبحوا أساسًا أولئك الذين شكلوا الإسلام في إيطاليا وألمانيا والسويد وبلجيكا وما إلى ذلك.

واختتم فيدينو حواره مع الصحيفة قائلا: الأمر متروك لقدرة الحكومات الأوروبية على فهم أن جماعة الإخوان ليست ممثلة للمجتمع الإسلامي، وهي كيان إشكالي داخل المجتمع المسلم وذات تأثير خطير ويجب مواجهته.