رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبراء اقتصاديون: «قناة السويس الجديدة» تجعل مصر الوجهة الاستثمارية الأهم بعد «كورونا»

محمد دياب، الباحث
محمد دياب، الباحث الاقتصادى

رأى محمد دياب، الباحث الاقتصادى، أن مصر استطاعت- بعد مرور ٥ سنوات على افتتاح القناة الجديدة- الرد على كل المشككين فى المشروع من الدول والأفراد، بعدما أسهم فى زيادة دعم الاقتصاد العالمى عبر تقليل تكلفة التجارة الدولية.
وقال «دياب»: «حفر مجرى ملاحى جديد يوازى قناة السويس القديمة يعد من المشروعات الأكثر أهمية فى السنوات الماضية، فبعد الركود الاقتصادى الذى عانى منه العالم منذ عام ٢٠٠٨، كان هذا المشروع هو الأجرأ إقليميًا ودوليًا، لأن كل الدول انشغلت بمعالجة آثار الكساد دون تنفيذ أى مشروعات تنموية».
وأضاف: «مصر تحملت على عاتقها تدشين مشروع ذى كلفة اقتصادية عالية، دون اللجوء للاقتراض، فى وقت حرج عانت فيه من آثار ثورتين ومحاربة الإرهاب فى شمال سيناء، ومع ذلك، لم تلق الدعم المعنوى المطلوب، وواجهت مشككين فى نجاح إنشاء المشروع بالاعتماد على مساهمات المواطنين».
وأشار إلى أنه «حتى بعدما نجحت الدولة فى تدشين قناة السويس الجديدة، شكك كثيرون فى استمرار تنفيذها دون دراسة جدوى، رغم أنها توسعة لمشروع قائم بالفعل، لكن فى النهاية تم تنفيذها، ونجحت فى تقليل كلفة النقل والشحن واختصار ساعات مرور السفن».
وأوضح دياب أنه «بدلًا من قضاء السفينة نحو ١٤ ساعة للمرور، أصبحت تمر فى نحو ١١ ساعة فقط، من خلال القناة الجديدة، ما يخفض من استهلاك الوقود المُسير للعابرات ومصروفات الشحن، ويساعد فى خفض التكلفة بالتالى، كما بينت كل المنصات الاقتصادية على مستوى العالم، خاصة فى شرق آسيا».
وكشف عن أن تأجيل تنفيذ المشروع، الذى كان حتميًا فى ظل ضيق مجرى القناة القديمة، وتنفيذه اليوم، كان سيعنى تحمل مصر زيادة تكلفة بنسبة ٣٥٪ فوق القيمة التى تكلفها المشروع، نظرًا لارتفاع التضخم خلال هذه المدة، لكن البلاد «نجحت فى زيادة قيمة أصولها الثابتة، ما رفع من قيمتها وتصنيفها العالمى، وسهل حصولها على المنح والمساعدات دون اشتراطات ائتمانية متعسفة».
واختتم: «بسبب استحواذها على أصل متفرد، وهو الممر الملاحى الذى لا مثيل له على مستوى العالم، فإن جميع الدوريات العالمية ذكرت أن مصر ستكون من الوجهات الاستثمارية الأهم فى الفترة المقبلة، نظرًا لاستفادتها من تسهيل حركة الملاحة التى توقفت لأشهر بسبب انتشار وباء كورونا، وقدرت الدراسات أن دول العالم ستعانى من آثارها السلبية لـ٣ سنوات على الأقل».
من جانبه، ذكر الدكتور خالد رحومة، الخبير الاقتصادى، أن قناة السويس الجديدة عززت الدور الإقليمى لمصر فى المنطقة، وجعلتها تتحكم فى حركة تجارة دولية من خلال منفذ ملاحى، الأمر الذى دعم قوتها التفاوضية.
وكشف «رحومة» عن حدوث تحول إيجابى كبير فى إيرادات قناة السويس، خلال الخمسة أعوام الماضية، بعدما سمحت القناة الجديدة بمرور ناقلات عملاقة ذات حمولات أكبر، مبينًا أن «عملية المحاسبة تجرى وفقًا لحجم الحمولة، لا عدد الناقلات، لذلك زادت الإيرادات».
وأضاف: «المنطقة اللوجستية المجاورة للقناة المتوافرة فيها المرافق الأساسية، وانخفاض تكاليف النقل، وغيرها من الأمور الإيجابية، خلقت بنية أساسية تساعد على ظهور صناعات تجميع محلية تعتمد بدرجة كبيرة على المكون المحلى وبعض المكونات المستوردة من الخارج، وهو ما كان له مردود على خلق فرص عمل فى مصر وتعظيم القيمة المضافة للمنتجات المحلية المصرية».
وتوقع أن يكون لقناة السويس دور كبير جدًا فى «طريق الحرير» المزمع إنشاؤه، لأنها ستكون مركز تجارة إقليميًا يعتمد بدرجة كبيرة على المنتجات التى تمر فى طريقها ويغذى القارة الإفريقية باحتياجاتها ويسهم فى ترويج وزيادة تنافسية المنتجات الخاصة بالقارة وليس مصر فقط، فى ظل كونها أقرب خط ملاحى يتميز بانخفاض تكاليف النقل عليه.
وقال الدكتور خالد الشافعى، رئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، إن قناة السويس الجديدة تمتد من الكيلومتر ٥٠ إلى الكيلومتر ١٢٢، ما يجعلها بمثابة قناة جديدة لا تقل أهمية عن سابقتها، لذا صنفت فى أول عام على افتتاحها بأنها «أفضل الطرق البحرية التى تصل ما بين قارة أوروبا وباقى قارات العالم».
وتابع الشافعى: «ذلك التصنيف يأتى لكونها اختصرت المدة الزمنية إلى النصف تقريبًا، مقارنة بمدّة طريق رأس الرجاء الصالح، واكتسبت أهمية إضافية بعد اكتشاف النفط فى أراضى الدول الواقعة على سواحل البحر الأحمر والخليج العربى فى الثلاثة أعوام الماضية، فضلًا عن مساهمتها فى تقليل مدة العبور».
وأشار إلى أن شركات الشحن العالمية تقدر أهمية القناة جيدًا، والتى تزيد من قيمة السلعة على حسب ما تكلفته من نفط واستئجار أطقم ملاحة وضيافة للسفن، لذا أسهمت فى انخفاض أسعار أكثر السلع الاستهلاكية بين دول شرق آسيا وجنوب أوروبا.
وذكر أن القناة لم تقم منفردة، وتزامن معها تدشين مشروعات محور قناة السويس، التى يبلغ عددها نحو ٤٠ مشروعًا، وخصصت الحكومة لها استثمارات تبلغ ٥١ مليار جنيه.
وبين الشافعى أن من بين المشروعات التنموية فى محور قناة السويس إقامة مدينة صناعية متخصصة فى صناعة الأمصال والدواء، بهدف العمل على ملف الأمراض والدواء فى القارة السمراء، التى تعتبر سوقًا كبيرة وضخمة، إلى جانب إنشاء مدينة صناعية متخصصة فى الصناعات الغذائية، خاصة أن مصر تستورد أكثر من ٩٠٪ من هذه المنتجات من دول الاتحاد الأوروبى، التى من شأنها أن تستحوذ على السوق الإفريقية والعربية ودول الاتحاد الأوروبى.
وهناك أيضًا مشروع منطقة صناعية لصناعة التعبئة والتغليف بمحور تنمية قناة السويس، باستثمارات تقدر بـ٢ مليار جنيه، فضلًا عن إحياء مشروعات الهيئة العربية للتصنيع الخاصة بالمركبات والجرارات، كما كانت فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، الذى بدوره سيساعد فى تنفيذ المشروع، نظرًا لما سيحتاجه من جرارات وحفارات وغيرها من معدات ثقيلة تساعد فى إنجاز المشروع، وفق الخبير الاقتصادى.
وعن أزمة «كورونا» والقناة، قال: «٢٠٢٠ يصنف على أنه عام نكبة اقتصادية، لأن حركة التجارة العالمية تضررت كثيرًا من فيروس كورونا وهبطت بنسبة تجاوزت ٤٠٪، لكن مع عودة الاقتصاديات العالمية للعمل مرة أخرى، فإنها ستكون بحاجة إلى ممرات سريعة للانتقال، وهنا سيكون دور قناة السويس، باعتبارها أداة رئيسية فى تسهيل حركة التجارة العالمية».