رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دراما إسرائيل (3): مسلسل "منى".. قصة حب عربية ويهودى تكشف خبايا المجتمع

مسلسل منى
مسلسل منى

"إسرائيل منجم للصراعات، ويمكن للصراعات أن تنتج "ذهب" في الدراما، ويمكن أيضاً أن تضع جميع المتفجرات التي يمكن تفكيكها أو تفجيرها أمام المشاهد بجرأة وقسوة.

حتى السنوات الأخيرة كانت إسرائيل تهتم بصناعة السينما وتمنح لها الإنتاجات الضخمة، لكن مؤخراً بدأ الاهتمام بالدراما الإسرائيلية التي لديها بحكم الوضع السياسي العديد من الملفات الساخنة التي يمكن أن تقدم أعمالا شديدة التنوع والاختلاف. المسلسل الإسرائيلي "منى" يمكن اعتباره واحداً من تلك الأعمال شديدة الواقعية وشديدة القسوة في آن واحد، التي تكشف أوجاع المجتمع في 8 حلقات.
جملة من الصراعات في المسلسل

الدقائق القليلة الأولى من مسلسل "منى" ، تمنحك كل ما تريد معرفته عن الصراعات في المسلسل، فتظهر البطلة "منى" من عرب 48، وهي ثملة مع صديقها العربي "راني" وتتحدث عن حبها لليهودي "يانيف"، فيقول لها راني بالعبرية "إن هذا الشيء معقد"، ويتلعثم عندما لا يتذكر مرادف الكلمة باللغة العربية.

يتعرض المسلسل بقوة لحياة عرب 48 داخل إِسرائيل، فيلقي المسلسل جميع تعقيدات الوجود العربي في إسرائيل، وأزمة هوية الشباب العربي في المجتمع الإسرائيلي، وكذلك التحديات التي تواجه العلاقة بين مني "المسلمة"، ويانيف "اليهودي".

بعد نهاية الحلقة الأولى من المسلسل ، سيكون كل شيء واضحًا، مثل الخلاف بين منى ووالدها التقليدي وقضايا والعنف المنزلي في القطاع العربي، وفشل منى المتكرر في مهنة التصوير التي ورثتها عن عمتها المناضلة، واغترابها بين هويتها الفلسطينية وكذلك وضعها داخل المجتمع الإسرائيلي حاملة للجنسية الإسرائيلية، خاصة بعدما تم اختيارها للمشاركة في معرض هام بباريس، ويرفضها القائمون على ترشيحها بسبب الصور التي تصورها، وتعرض المعاناة الفلسطينيين، ويتهمونها بتشويه إسرائيل.

مسلسل "منى" ، من تأليف البطلة ميرا عوض، وهي أيضاً مقدمة برامج في التليفزيون الإسرائيلي، وإخراج أوري سيفان، وتم عرضه على قناة "كان" الإسرائيلية، وبثت حلقاته مترجمة على الإنترنت وحققت نجاحاً ملحوظاً.
أزمة الهوية العربية في المجتمع الإسرائيلي
للسود في أمريكا مسلسلاتهم الخاصة، ولذلك فإنه يجب أن يكون لدى العرب مسلسلات تناقش قضاياهم داخل المجتمع الإسرائيلي، مسلسل منى أحد تلك المسلسلات، التي تقترب بشكل شديد التعقيد والبساطة من الصراعات بين العرب واليهود، وكذلك الصراعات الفرعية بين القرية والمدينة، النظام الأبوي والنسوية. التقاليد والحداثة، الرجال والنساء، ، الآباء والبنات، وفي الواقع لدى المسلسل جميع المتفجرات التي يمكن تفكيكها أو تفجيرها أمام المشاهد.

يتناول المسلسل نظرة اليهود لعرب 48، ويكشف أنه مازال هناك حاجز حول اعتبارهم مواطنين حقيقيين في إسرائيل، ويظهر هذا في المشهد الذي ينشر فيه مقال صحفي ضد منى بسبب صورها التي تدعم الفلسطينيين، ويطالب المقال بوقف ترشيحها للمعرض في باريس، ويظهر بوضوح أن هناك من يتهم عرب 48 بأنهم طابور خامس.

ومن ناحية أخرى، يبرز المسلسل نظرة المجتمع العربي داخل إسرائيل لمن يتعاون مع المؤسسة الصهيونية حيث يطلق عليهم العرب أنهم خونة، وهو ما يجعل منى في صراع طوال الحلقات بين هويتها الفلسطينية وبين جنسيتها الإسرائيلية.

حب بين مسلمة ويهودي
يزداد التعقيد في المسلسل بالقضية المثيرة للجدل، وهي قصة الحب بين مسلمة ويهودي، فالحب بين الأعراق المختلفة كان من المحرمات في المجتمع اليهودي، وكذلك العربي، فيما يحاول المسلسل أن يكسرها.
تعرض قصة الحب بين منى ويانيف بشكل حماسي ومثير، ويظهر "يانيف" شخصا رومانسيا يدعم منى ويحبها، ويتم عرضه بشكل مختلف تماماً عن صديقها العربي الذي يبدو أنه يتصرف بصبيانية وعدم نضج وعبثية ولا يهتم بالسياسة، بينما يبدو "يانيف" شخصا مسئولا ووسيما ورومانسيا مما يمنحها سببا للوقوع في حبه، بينما والدته ترفض هذه العلاقة فإن والده يعجب بمنى، لكن تترك النهاية مفتوحة فليس واضحاً فعلاً هل استطاع الثنائي تجاوز أزماتهما أم لا.

واجه المسلسل عدة انتقادات من قبل المجتمع الإسرئيلي، فهناك العديد من المقالات التي انتقدته، واتهمته بأنه قام بتشويه الواقع، وأنه غير ناضج ويقدم صورًا نمطية، حيث يقوم المسلسل بتسطيح القضايا الهامة والتركيز على قضايا أقل أهمية، فضلاً عن اهتمام المسلسل بأجندته الخاصة وليست أجندة المجتمع العربي الحقيقية، وهناك من وصفه بأنه قدم صورة حقيقية وقاسية لوضع العرب داخل إسرائيل بشكل صادم وواقعي لدرجة كبيرة.