رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«سيف نور أبيه».. «الدستور» داخل منزل عامل اليومية الكفيف (صور)

عامل البناء أيمن
عامل البناء أيمن سعد

قصة كفاح وتحدّي تجسدت معالمها وأدوارها في شخص واحد، أفقده القدر أعز ما يملكه وهو نعمة البصر، ليقرر ألا يسلم للقدر أمله في الحياة وحبه للعمل فرأى بقلبه أن ينظر إلى العالم من منظور المبصر الذي لم تفقده الحياة شيئًا مما أكسبته لغيره.



بطل هذه القصة هو عامل البناء أيمن سعد عبد الحميد 46 عامًا، الذي تداولت وسائل التواصل الاجتماعي صورته وهو يحمل على كتفيه «شكائر الرّمال» لينقلها إلى داخل العمارة التي يعمل بها، وذلك بمساعدة طفله ذو السنوات الست، لإرشاده الطريق وتوجيهه وحمايته من الوقوع، ليعمل أيمن وكأن لم ينقصه شئ وهي نعمة البصر.

«فقدت بصري منذ 2014» بسبب مشاجرة بطلقات نارية أصيبت فيها عيناي متسببة في إزالة إحداهما بشكل كامل وإجراء عملية جراحية بأخرى نتج عنها فقدان البصر بها هي الأخرى"، كانت هي كلمات أيمن الذي قال فيها لـ«الدستور» إن حياته كانت تسير بشكل طبيعي قبل وقوع تلك الحادثة إذ كان يعمل سائقًا على ميكروباص ويُكافح من أجل لقمة العيش لينفق على زوجته وابنها الذي اعتبره ابنًا له، وولديه الاثنين.

بعد تلك الحادثة انقلبت حياته رأسًا على عقب إذ لم يستطع أن يكمل عمله كسائق ميكروباص وكان عبئه الأكبر هو من أين له أن ينفق على أولاده الثلاثة، خاصة بعد مرض زوجته وتوقفها عن العمل هي الأخرى: «قررت أن أشارك في أي فرصة عمل أسمع عنها، فأنا لم أقتنع بالعجز، ولا أحب الشعور به".

يؤكد أنه بعد أن علم من أحد أصدقائه، مبيّض محارة، أن هناك حاجة لعمالة لاستكمال أعمال البناء بأحد الشقق السكنية بحي الزمالك، لم يتردد بطلب الالتحاق للعمل معه، على الرغم من معارضة زميله نظرًا لظروفه الصحية إلا أن أيمن قرر أن يثبت له قدرته على العمل وتحدي فقدان البصر، بل والعمل كأفضل الرجال المبصرين.

هذا ما كان منه بالفعل، إذ التقته «الدستور» مع بعض زملاء العمل الذين أكدوا جميعهم تحديه لظروفه الصعبة وعدم طلبه للمساعدة من أحد، بل قرر العمل حتى لا يتعرض لتلك اللحظات المهينة ليعمل كأفضل الرجال المبصرين إلى الدرجة التي يندهش فيها كثيرين، فيظنه أنه يبصر.

ويختتم أيمن حديثه مع «الدستور» قائلًا: «كل ما أتمناه فرصة لعمل ثابت، كأن أقف في كشك بقالة صغير أستطيع منه أن أنفق على أسرتي دون أن أمد يدي لمَخلوق، فإنّي أحب العمل الشريف وأكُافح من أجل أن أعلم أبنائي، وأرى بهم نور عيني الذي فقدته».