رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هؤلاء تضرروا من الطائرات الورقية.. هل تحولت إلى خطر كارثي؟

متضرر من الطائرات
متضرر من الطائرات


طائرات ورقية مبهجة الألوان والأشكال، تزين سماء عروس البحر المتوسط، ليتحول كورنيش الإسكندرية والشوارع الحيوية وأسطح المنازل إلى مطارات تقلع منها الطائرات الورقية لتملأ وقت الفراغ لدى الشباب، خاصة في أوقات حظر التجوال وإغلاق مناطق التسلية والترفيه الحيوية طبقا للقرارات الحكومية جراء منع انتشار وباء كورونا المستجد "كوفيد-19".

وعلى الرغم من التطور التكنولوجي، وانتشار مختلف الألعاب الإلكترونية إلا أن هواية الطائرات الورقية عادت من جديد لتتصدر ساحة المنافسة للهوايات الشبابية بقوة، لتجد أن الشباب يتنافسون فيما بينهم على من سيعلى طائرته في السماء أكثر، أو من ستكون طائرته أكبر وأكثر تميزا وجمالا.
- الطائرات الورقية "وسيلة تسلية أم سبب للخطر"

وانتشرت تلك الهواية في مختلف محافظات الجمهورية، وعلى رصيف كورنيش الإسكندرية ومع هدوء أشعة الشمس ونزولها إلى الغروب ترتفع الخيوط لترتفع معها الطائرات الورقية وتملأ سماء الإسكندرية، ليقطع هذا المشهد صوت صافرة إحدى العربات أو الدراجات البخارية في إشارة إنقاذ لتوخى الحذر قبل حدوث حادث مروري أو إصابات بشرية.

- الطائرات الورقية تشوه وجه طفل سكندري

لم يكن يعلم علي كرم، الطفل البالغ من العمر 11 عاما، أن مكوثه مع والدته على كورنيش في منطقة سيدي بشر لاستنشاقه الهواء سيصيبه بتشوه في الوجه والعنق بسبب الطائرات الورقية، ليحكي علي: في العاشرة مساء ونحن في طريقنا للتلتقاء بوالدنا في محله التجاري، بقينا قليلا على كورنيش الإسكندرية وتحديدا بمنطقة شارع خالد بن الوليد لتلتقط أمي الأنفاس واستنشاق الهواء، وإذ بخيط بلاستيكي لطائرة ورقية يلتف حول عنقي، ويحاول الشخص صاحب الطائرة والذي يتواجد في مكان بعيد من موقعي أن ينقذ طائرته، فيقوم بشد الخيط البلاستيكي بقوة، لأسقط أرضا فاقدا للوعي، ويصيب وجهي وعنقي بجروح وتشوهات بسبب خيط الطائرة الورقية.

ليناشد كرم البوري والد الطفل أثناء حديثه مع "الدستور"، محافظ الإسكندرية والجهات المسؤولة معلقا "يرضي مين طفل لسه بادىء حياته يحصل في وشه ورقبته كده، ولابد من صدور إجراءات لتقنين أو منع هذه الهواية نظرا لكونها تحولت من التسلية إلى سبب للحوادث، فحياة وصحة أبناءنا أولى وأهم".
- الطائرات الورقية تقضي على ملل وقت فراغ الصديقين

بدافع التسلية والقضاء على وقت الفراغ، يقف الصديقان عادل مصطفى وأحمد السيد، في العشرينيات من العمرعلى كورنيش الإسكندرية وتحديدا بمنطقة كليوبترا، بعد أن استغرقا وقتا كبيرا في صنع طائرتهما الورقية بصورة مبهجة زينتها الألوان اللامعة، ليقف بمساعدة صديقه في محاولة أن يعلي بطائرته لتحلق في السماء.

يقول عادل مصطفى، إن الأمر بالنسبة لنا هي هواية قديمة أنعشها وقت الحظر لشغل وقت فراغنا، خاصة مع إختفاء وسائل الترفيه وغلق الأماكن الحيوية ومنع الرحلات والسفر بسبب وباء كورونا، وهذه الظروف هي من ساعدت هواية الطائرات الورقية تنتعش بهذه الصورة الكبيرة مجددا مرة أخرى.

يتابع الشاب العشريني، أن هذه الهواية لم تندثر بمرور الزمن ولكنها كانت قليلة الممارسة، وأماكن انتشارها قليلا على أسطح المنازل، أو بداخل الشواطىء، ولكن مع الرغبة في تغيير الأماكن والخروج للأماكن المفتوحة للقضاء على ملل حظر التجوال هي من ساعدها على الانتشار بالأماكن والشوارع الحيوية بهذا المشهد اليوم.

وعن الحوادث التي تسببها الطائرات الورقية، قائلا نحاول توخي الحذر، وصنع الطائرة في حجم متوسط، وعند ارتخاء الحبل بسبب ضعف الهواء أو رغبة في إنزالها نحاول إنجاز هذا مسرعين حتى لا تسقط فوق أحد المارة أو تعرقل السيارات أو تتسبب في حوادث مرورية كما نقرأ ونشاهد الحوادث المتداولة في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بسبب الطائرات الورقية.
- خيط الطائرة الورقية يهدد حياة سائق الدليفري

بشهادة أخرى واصل لؤي البدرشيني، أحد سائقي الدراجات البخارية، أنه منذ انتشار هواية الطائرات الورقية وأصبح تركيزنا في الطريق أثناء القيادة مضاعف تجنبا لحدوث أي حادث مروري، ليحكي، أنه منذ يومين على طريق كورنيش الإسكندرية، التف خيط الطائرة الورقية البلاستيكي على عنق أحد سائقي توصيل الطلبات للمنازل "دليفري" ليسقط الشاب بدراجته البخارية أرضا، معلقا: "أنا كنت وراه ولو مخدتش بالي وهديت السرعة، كانت حصلت حادثة كبيرة، غير كده شاب الدليفري اتجرح في وشه بسبب حده خيط البلاستيك للطائرة الورقية".

- سائق الدراجة البخارية: لابد من تقنين الهواية

فعلى الرغم من جمال أشكالها وألوانها ومشهدها المميز في سماء الإسكندرية إلا أن أرواحنا أهم، ليواصل أبانوب زكريا، بعد تعليقه هذا، أنه أثناء قيادته هو وصديقه إحدى الدراجات البخارية على طريق محور المحمودية الجديد، تفاجأنا بحبل طائرة ورقية من النوع القوي، حاولنا تفاديه بقدر الإمكان، ولكن كان هذا من الصعب، ليصطدم بوجهي ويضيع تركيزي ونسقط أرضا على طريق تسرع فيه السيارات والمواصلات العامة.

حاول أبانوب التحدث مع صاحب الطائرة الورقية ولكنه كان لا يبالي -بحسب تعليقه- بما كان سيتسبب من حادث تحصد من ورائه الأرواح أو بحدوث إصابات على أقل تقدير، مطالبا بتقنين هواية الطائرات الورقية وليس منعها على الإطلاق وذلك بتحديد أماكن لها بعيدا عن الطرق السريعة تجنبا لوقوع الحوادث.
- خطأ غير مقصود

ليفسر سامح إبراهيم، 31 سنة، أحد ممارسي هواية الطائرات الورقية، سبب الحوادث التي تتسبب فيها الطائرات الورقية بأنها "خطأ غير مقصود"، فنحن نرغب في ممارسة هوايتنا فقط للقضاء على ملل الوقت بشكل فردي أو بصحبة أصدقائنا، ولكن من المؤكد أننا لا نرغب في أن نكون سبب في وقوع حوادث مرورية أو إنهاء حياة أي شخص أو إصابته على الإطلاق.

وعلق الشاب الثلاثيني، أنه من المتوقع أن في مواسم الصيف المقبلة أن لا تختفي هواية الطائرات الورقية مجددا حتى مع رجوع وعودة الحياة إلى طبيعتها، مقترحا من وزارة الشباب والرياضة والجهات التابعة لها باحتواء هذه الهواية وتنظيمها سواء في أماكن محددة أو من الممكن عمل بها مسابقات وغيرها من الأفكار التي تقنن الهواية ولا تمنعها.

لدى علي الشريف شهاده أخرى، فيحكي أنه أثناء تناوله وجبة الغذاء بمنطقة ميامي، كان يتابع أحد الشباب أثناء ممارسة هوايته للطائرات الورقية، وليرتخي حبلها المشدود وتسقط فوق إحدى العربات أثناء سيرها، فيتوقف سائق السيارة ويفرمل سيارته فجأه لاختلال تركيزه، ولكن لن يتوقف المشهد إلى هنا لتصطدم به سيارة أخرى من الخلف بسبب الوقوف المفاجىء، وهو المشهد الذي كان سيحدث بسببه حادث ضياع لأرواح بشرية.
- دار الإفتاء تحذر

من جانبها علقت دار الإفتاء المصرية بخصوص كثرة حالات الوفاة للأطفال والشباب بسبب الطائرات الورقية في مختلف محافظات الجمهورية، أن اللعب مِن وسائل الترفيه والترويح عن النفس التي أباحها الإسلام لكونه من متطلبات الفطرة الإنسانية والنفس البشرية.

وتابعت في بيانها على صفحتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، أن اللعب مباحٌ وجائزٌ إذا كان فيه ما ينفع الناس في عقولهم واستعادة نشاطهم والتَّقوِّي على مواصلة حياتهم؛ وهو ممنوع إذا كان مضيعة للوقت وانشغل به الشخص عن مصالحه الدينية والدنيوية أو عاد على صاحبه بالضرر أو التأثير على جَسَده أو أخلاقه وعقله بشكل سَلْبيٍ؛ مما قد يُحَوِّل اللعب من مصدر للبهجة والسعادة إلى سببٍ مباشر لحصد الأرواح بطرق متعددة.

تواصل الإفتاء تحذيراتها: "انتبهوا أيها الأطفال والشباب وخذوا حذركم للحفاظ على حياتكم".