رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

8 نقاط في «سد النهضة».. إدارة حكيمة لملف «حق النيل»

وزيرة الهجرة
وزيرة الهجرة

أكدت وزارة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج أن دوائر الأمن القومي المصري على المستوى الإقليمي - عمقا استراتيجيا - ممتدا على مختلف الاتجاهات، بدء من الاتجاه الشمالي الشرقي المتمثل في سوريا، وشمالًا في منطقة شرقي المتوسط شاملة قبرص واليونان، وغربا في ليبيا وشرقًا في دول الخليج، ليبقى الاتجاه الجنوبي الذي يتسع ليشمل حزام الساحل والصحراء ودول حوض النيل والقرن الإفريقي ومضيق باب المندب.

جاء ذلك خلال تقرير يستعرض جهود الدولة المصرية في إدارة ملف سد النهضة مستعينة خلاله الباحث في الشؤون العسكرية بالمنتدى العربي لتحليل السياسات محمد الكناني، وذلك عبر عددها الثامن عشر من مجلتها الشهرية "مصر معاك".

علاقات قوية وراسخة
وأوضحت الوزارة أنه انطلاقًا من وجود علاقات قوية وراسخة وخطط ومشاريع تنموية مُستدامة مع دول حوض النيل بما تمثله من منابع لنهر النيل الذي يُعد شريان الحياة الرئيس لمصر التي تعتمد على مياهه بنسبة 95% كمصدر للشرب والري، فإن مسألة سد النهضة مسألة بالغة في الحساسية للأمن المائي المصري، وخاصة في إطار تعنت أديس أبابا في الآونة الأخيرة ومماطلتها المستمرة دون التوقيع على اتفاق نهائي مع مصر والسودان يضمن حقوق الأولى في التنمية وإنتاج الكهرباء ويضمن حقوق دولتي المصب في مياه نهر النيل، بما يتضمنه من قواعد الملء والتشغيل للسد.

وأكدت أنه رغم استغلال إثيوبيا لحالة السيولة والفوضى التي تعرضت لها الدولة المصرية عام 2011، لتشرع في بناء السد بقرار أحادي الجانب، إلا أن الدولة المصرية بعد ثورة الثلاثين من يونيو عام 2013، وفي ظل قيادة جديدة ذات رؤية استراتيجية قائمة على استعادة النفوذ المصري الناعم في إفريقيا من خلال الشراكة والمنفعة المشتركة والتنمية والتعاون مع الأشقاء والأصدقاء، اختارت طريق التفاوض لا الصدام، ليخرج الرئيس ‬عبدالفتاح السيسي، ‬ورئيس الوزراء الإثيوبي -آنذاك- ‬هايلي مريم ديسالين في ‬28 ‬يونيو ‬2014 ‬ببيان مشترك بعاصمة غينيا الاستوائية مالابو، أكدا فيه محورية نهر النيل كمورد أساسي لحياة الشعب المصري ووجوده، ‬وكذلك إدراكهما لاحتياجات الشعب الإثيوبي التنموية.

التفاوض بين مصر وإثيوبيا
وأشارت إلى أنه ثم تطورت مسارات التفاوض بين مصر وإثيوبيا والسودان إلى توقيع اتفاق المبادئ الصادر في العاصمة السودانية الخرطوم في مارس 2015 يحدد إطار التزامات وتعهدات تضمن التوصل إلى اتفاق كامل يشمل 10 مبادئ أساسية تنسق مع القواعد العامة في مبادئ القانون الدولي والاتفاقيات الحاكمة للتعامل مع الأنهار الدولية، نص على عدم ملء بحيرة السد إلا بالتوافق بين الدول الثلاثة، وأشرك القاهرة والخرطوم في وضع قواعد تشغيل السد وملء بحيرته بما لا يؤثر عليهما، وكذا تنفيذ التوصيات الخاصة بأمان السد بناءً على الدراسات الفنية التي تحدد آثار السد على دولتي المصب، وليمنح مصر تعهدًا إثيوبيًا كتابيًا بعدم الإضرار بحقوقها التاريخية في مياه النيل. ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

إنهاء أزمة المواطنين الإثيوبيين المحتجزين في ليبيا
وأكدت أنه في العام نفسه، وفي بيان عملي من الدولة المصرية على إثبات حسن النية، وإزكاءً لروح التعاون والأخوة بين الدولتين، وبما يدعم ويعزز ما جاء في كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي بالبرلمان الإثيوبي، والتي أكد خلالها على حرص مصر حق التنمية للشعب الإثيوبي مقابل تقديره لحياة الشعب المصري.

ونجحت مصر في إنهاء أزمة المواطنين الإثيوبيين الذين كانوا محتجزين في ليبيا بعد أن تم ذبح تنظيم داعش الإرهابي 28 مواطنًا، وذلك من خلال جهود دبلوماسية واستخباراتية مُكثّفة، وليستقبل الرئيس السيسي بنفسه المواطنين العائدين بسلام لأرض مصر، ومنها إلى إثيوبيا التي أجرى رئيس وزرائها اتصالا بالرئيس المصري عبر خلاله عن خالص شكره وعميق امتنانه لمصر، قيادة وحكومة وشعبًا.

التزام مصر بحماية حقوقها المائية
وأضافت أن ذلك لم يُترجم لأي تقدم يُذكر على أرض الواقع في المسار التفاوضي الذي مر بأكثر من فشل في أعوام 2016 و2018 و2019، وتضمن رفضًا إثيوبيًا لإشراك البنك الدولي في أعمال اللجنة الثلاثية، ليعلن الرئيس السيسي في سبتمبر 2019 خلال اجتماعات الأمم المتحدة عن التزام مصر بحماية حقوقها المائية، لتبدأ مصر مذاك الحين مسارا دوليًا جديدًا قائمًا على إطلاع المجتمع الدولي بكافة جوانب التفاوض وحقيقة الموقف الإثيوبي المتعنت والغير ملتزم باتفاق المبادئ الموقع عام 2015.

تنظيم ملء السد
وأكدت أنه تبلور عن المسار الدولي تدخل الولايات المتحدة كوسيط بين الدول الثلاثة ممثلة في وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الدولي، لتُعقد عدة جولات من المفاوضات في أديس أبابا والخرطوم وواشنطن تمحورت في المقام الأول حول سنوات ملء بحيرة السد، حيث تمسكت مصر بأن يكون خلال 7 سنوات بينما أصرت إثيوبيا على 3 سنوات. ورغم ذلك.

وتم الخروج بتوافق مبدئي على خارطة طريق كان أهم بنودها لمصر هو تنظيم ملء السد خلال فترات الجفاف والجفاف الممتد، بل كانت هناك رؤية متكاملة حول تعاون شامل وربط كهربي ومنفعة متبادلة بين الدول الثلاثة طبقا لتصريحات وزير الري المصري الدكتور محمد عبدالعاطي. إلا أن إثيوبيا قاطعت الجولة الأخيرة من المفاوضات في تغير مفاجىء في موقفها، وتتهم الولايات المتحدة بالتحيز لصالح مصر.‬‬‬‬‬‬‬‬‬

ولفتت إلى أنه بدأ مسؤولو إثيوبيا في اتخاذ مسارٍ إعلامي ودبلوماسي تصادمي مع الدولة المصرية، بإصدارهم تصريحاتٍ تتحدث عن استعداد إثيوبيا للحرب إذا اقتضى الأمر، وكذا تصريحات وزير الخارجية الإثيوبي عن إصرار بلاده على المضي قدمًا في بدء عملية الملء دون اتفاق مع مصر والسودان.

إبرام اتفاقية ملزمة للدول الثلاث
وأكدت وزارة الموارد المائية المصرية في بيانها يوم 17 من شهر يونيو الجاري أن إثيوبيا خلال اجتماعات وزراء الري للدول الثلاثة، رفضت مناقشة الجوانب القانونية أن تقوم الدول الثلاث بإبرام إتفاقية ملزمة وفق القانون الدولي، وتمسكت بالتوصل إلى مجرد قواعد إرشادية يمكن لإثيوبيا تعديلها بشكل منفرد، كما سعت إلى الحصول على حق مطلق في إقامة مشروعات في أعالي النيل الأزرق، فضلًا عن رفضها الموافقة على أن يتضمن اتفاق سد النهضة آلية قانونية ملزمة لفض النزاعات، واعترضت أيضا على تضمين الاتفاق إجراءات ذات فعالية لمجابهة الجفاف.

إحالة ملف سد النهضة إلى مجلس الأمن
ونتيجة لذلك، وفي إطار التزامها بالمسار الدبلوماسي والأعراف الدولية، قررت مصر إحالة ملف سد النهضة إلى مجلس الأمن للتدخل لإيجاد حل عادل لقضية السد وكذا الحيلولة دون أية إجراءات أحادية تؤثر على فرص التوصل لاتفاق، واستندت القاهرة على المادة ٣٥ من ميثاق الأمم المتحدة التي تجيز للدول الأعضاء أن تنبه المجلس إلى أي أزمة من شأنها أن تهدد الأمن والسلم الدوليين.

مصر تتمسك بالمسار السياسي والدبلوماسي
وخلال تفقده لاصطفاف عناصر القوات المسلحة في المنطقة الغربية، وفي كلمات هادئة النبرة ومُتّزنة، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن مصر متمسكة بالمسار السياسي والدبلوماسي حتى النهاية، والتي كانت نابعة من مركز قوة وثقل وثقة تتحرك بهم الدولة المصرية، استنادًا إلى حقوقها المشروعة على كافة الأوجه والأصعدة وعناصر قوتها الشاملة بقدراتها الدبلوماسية والعسكرية ونفوذها الإقليمي والدولي المؤثر.

وذلك على عكس الجانب الإثيوبي الذي لم يوقف مسلسل التصريحات غير المسؤولة والتي لا تتفق مع حقيقة أوضاعه السياسية والاقتصادية وأزماته الداخلية ومشاكل سده الفنية الناجمة عن دراسات غير مكتملة، والتي يسعى جاهدًا ليخفيها خلف هكذا تصريحات.