رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عبدالرحيم طايع: 30 يونيو أنقذت مستقبل الوطن من الضياع المؤكد

عبد الرحيم طايع
عبد الرحيم طايع

يحل شهر يونيو من كل عام ومعه تحل ذكرى أعظم أيام تاريخ مصر، يوم الثلاثين من يونيو 2013، ذكرى ثورة شعب استعاد هويته ومصره المختطفة من أنياب جماعة الإخوان الإرهابية.. «الدستور»، حاورت المثقفين حول ثورة 30 يونيو، ذكرياتهم معها، أثرها عليهم وعلى إبداعاتهم، والأهم ماذا لو كان استمر حكم الإخوان لمصر حتى الآن؟

وقال الشاعر "عبد الرحيم طايع": في آخر الأم يراد لوطننا الغالي أن تحكمه قوى همجية ظلامية، تزعم أنها تحكم بما أنزله الله، ومن ثمَّ فالمعادون لها هم معادون للحكم الإلهي نفسه، وهي الفكرة الخبيثة التى ألقتها التيارات الدينية المتشددة بين الناس منذ بداية ظهورها؛ لوضع المؤسسة الدينية الرسمية فى موضع الحرج، وخدعة العوام واستقطابهم إليها، وتأليب المتحمسين السذج على حاكميهم الفعليين ومؤسساتهم الرسمية لتعُمَّ الفوضى؛ فتعميمها رجاؤهم الأكبر ليتمكَّنوا من الكراسي التى يحلمون بها ليل نهار ويقودوا العباد كالأغنام ويتحكَّموا في النِّيل والأهرام.

وشدد على أن "جوهر يونيو كان إنقاذ المستقبل من الضياع المؤكد الذى بدا كالشمس، ولأنها تصدَّت لهؤلاء الذين أذرعهم فى كل مكان من العالم، كان لا بد أن تقع قلاقل وفتن من حين حدوث الانفراجة إلى وقتنا الراهن، قد لا يكون رضا النخب المتعلمة والمثقفة كاملًا عن بعض الأمور والمجالات بعد يونيو، ولا بأس بذلك، لكن المهم رقى التعبير عن الموضوع وخلوه من مؤازرة كارهي وئامنا وصفائه من الارتياب في حُرَّاس حدودنا النبلاء".


وتابع "طايع" موضحًا: لا يتحدث هؤلاء البتة عن خطط اقتصادية ولا اجتماعية للصعود بالبلد، ولا يملكون مثل ذلك من الأساس، ولا يفهمونه، لكنهم يدخلون العقول الفارغة من باب واحد، باب الحاكمية التي يجب أن تكون لله وحده في صورة إنفاذ شريعته في الأرض، هكذا يغزون مثل هذه العقول غزوًا، مستغلِّين محبة المصريين الخالصة الكبرى لله ورسوله، ومن العجيب حقًا أنهم يخالفون الشريعة الإسلامية في الصميم، يخالفون مقاصدها وخلاصاتها ومعانيها الجامعة وأخلاقها العليا وقيمها الإيجابية المرادة، وبالمناسبة هم لا يعرفون كيفية إنفاذها فى الأرض، ولا المقصود بإنفاذها أصلًا.

وأضاف: "قضية هؤلاء محسومة في ظني، مهما أثاروا الزوابع في الفناجين، لكن المعضلة المستمرة تكمن في القطيع الذي صدقهم أو تعاطف معهم فأيدهم، في الخفاء أو العلن، ومنحهم دعمه أيًّا كان، إن المتأمل لساحات الحوار في مواقع التواصل الاجتماعي التي صارت غرام الجميع، سيندهش تمامًا حين يرى كثيرًا "انحيازًا مدنيًا" للتوجهات الدينية الصارمة من خلال الميل إلى أصحابها بل الميل المفرط في بعض الأحيان للأسف، لدى المدنيين من الساقطين في هذا الفخ المهين ما يظنونه حججا منطقية لانحرافهم المبين كحديثهم عن الظلم الذي يتعرض له أصحاب الإسلام الموغل في السياسة وحدها لا الإسلام المنشغل بما آلت إليه الأخلاق وما وصلت إليه الأحوال الروحية من التردي الكبير، والإسلام الذي صار على أيدي المتطرفين لحية وجلبابا ومساويك وعلامات صلاة ضخمة تتوسط الجباه، وألفاظا بعينها تقال بآلية بلهاء كأن قائليها الببَّغاوات، أي صار شكلانيا صرفا وفرغ من مضمونه النَّيِّر العظيم، ذلك الذي يتوخَّى الحق والخير والجمال ويتجنَّب الباطل والشر والقبح.

واستطرد مؤكدا: "كلنا يجب أن نؤمن بالحرية، لكنني أركز على الحرية الناضجة المسؤولة، ولا أرى الفوضى حرية، ولا أرى تبني القتل ولا ممالأة القتلة حرية من أي نوع، كما لا أرى حكمة ولا أشمُّ رائحة ذكاء في الاتحاد معخصم الوطن لأنه بالصدفة، له رأي معارض يوافق رأيي، فما أعرفه أنني يجب أن أكون مع الوطن ما دمت أيقنت أن "فلانا" خصمه، وأن أجعل رأيي المعارض بريئا من مخالطة رأيه وشريفا عن أن يعضِّد، قاصدا أو غافلا، عدوًّا يحمل نفس جنسيتي بكامل الأسى".

ولفت إلى أن " العمليات الإرهابية القذرة ليست في سيناء والعريش وحدهما، إنما تشمل غسل الأدمغة طبعا؛ فقبل الغدر بجنودنا على الرمال تكون الجيوش الإلكترونية المنشقة عن الصفوف والخارجة على النظام العام مهَّدت لمثله الطريق، وبعد الغدر بجنودنا على الرمال تكون هذه الجيوش أول طاعن في الدماء الطاهرة التي سالت، وتسخر بشدة من وصفها بالذكية ووصف أبنائها بالشهداء، ويتبع خطاها المخدوعون المضطربون، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وقبل يونيو 2013 كانت الأوضاع كارثية بكل معنى الكلمة، كل ما هنالك أن حفنة من المجرمين أولي السوابق، من أنصار الاتجاه الديني العبثي الدموي المصالحي، وجدوا أنفسهم حكامًا ومسئولين، في لحظة غافلة أو ذات سر عظيم ستكشفه الأيام، وترتب على ذلك أنهم صاروا نجومًا بين يوم وليلة، وترتب على نجوميتهم الزائفة زيف الأمور كلها، وتراجع التقدميون ليتقدم الرجعيون، وصار البلد المتحضر كأنه منحدر جبل.