رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«كعب داير».. مرضى الفشل الكلوى فى خطر بسبب كورونا

مرضى الفشل الكلوي
مرضى الفشل الكلوي

مأساة كبيرة عاشها الرجل الخمسيني وائل إبراهيم، بعد أن أصيب بفشل كلوي قبل عدة أشهر، وخضع للعلاج داخل أحد المستشفيات بمحافظة الجيزة، وبعد قضاء فترة دامت 40 يومًا داخل غرفة الرعاية المركزة، استطاع الخروج من المستشفى لكن أبلغه الطبيب بالتوجه للغسيل الكلوي مرتين في الأسبوع، وكان يخضع الرجل بالفعل لإجراء الغسيل بشكل دائم، حتى ظهرت أزمة فيروس كورونا المستجد، وجعلت المستشفيات جميعها في حالة طوارئ.

قبل شهر والنصف، ذهب "وائل" إلى المستشفى الذي كان يجري بداخلها الغسيل الكلوي، وفوجئ حينها برفض استقباله بسبب الزحام الشديد على غرف الرعاية المركزة، ونقص وحدات الغسيل الكلوي بالمستشفى، لما تسبب فيه الفيروس من إقبال مرضى عليها، وتحويل أغلب المستشفيات إلى العزل الصحي واستقبال مصابي المرض.

7 أيام من البحث المتواصل عن مستشفى، قضاها الرجل الخمسيني وهو يتألم من شدة المرض، آملًا في الحصول على علاجه وإجراء الغسيل الكلوي، لكنهم كانوا بلا جدوى، فقد رفضت جميع المستشفيات التي توجه إليها استقباله: "معندناش غسيل يا حاج.. حاول تشوف مستشفى خاصة"، لكنه كان يعلم جيدًا أن أي مستشفى خاص سيطلب الكثير من المال مقابل علاجه، لكنه لم يجد حلًا آخر واستعان بشقيقه الأكبر لدفع مصاريف المستشفى الخاص وإجراء الغسيل الكلوي.

لم يكن "وائل" المريض الوحيد الذي وجد صعوبة في إجراء غسيل كلوي بسبب فيروس كورونا المستجد، لكن هناك العديد من الحالات المشابهة التي انتشرت قصصها على صفحات التواصل الاجتماعي، بعد رفض المستشفيات لاستقبالهم، كان أبرزهم سيدة مسنة عانت من المرض مؤخرًا ولم تجد مكان تحصل فيه على العلاج.

خضعت "فوزية" السيدة السبعينية، للعلاج داخل الرعاية الصحية بأحد المستشفيات لمدة 25 يومًا في شهر مايو الماضي، إثر إصابتها بمياه على الرئة نتيجة فشل كلوي، ما أدى إلى قصور في عضلة القلب، حتى أصبح القلب يعمل بـ40% من قوته فقط، وأصيبت مؤخرًا بالتهاب رئوي حاد.

استقرت حالة السيدة بعد قضاء فترة العلاج داخل المستشفى، وخرجت منها بعد 31 يومًا، لكن أبلغها الطبيب المتابع لحالتها الصحية أن تتوجه ثلاث مرات في الأسبوع إلى المستشفى لغسل الكلى، وفي يوم موعد الغسيل توجهت السيدة إلى المستشفى برفقة ابنتها، حتى حدث ما لم يكن في الحسبان، وهو رفض المستشفى لاستقبالهم بحجة أنه لا يوجد وحدة غسيل كلوي.

توجهت السيدة إلى أكثر من 12 مستشفى خاصًا، لأن الحكومي ليس بها أماكن وتحول بعضها إلى مستشفى عزل، وكان حجة الرفض أن الالتهاب الرئوي عرض من أعراض الكورونا، لذا قامت بإجراء 3 مسحات، وتبين أنها غير مصابة بالفيروس، وكانت النتيجة سلبية من داخل معامل وزارة الصحة.

وفي النهاية وافقت أحد المستشفيات الخاصة وطالبوا بعمل حجز من خلال استشاري الكلى، وبالفعل حجزوا ليكون موعدهم الخميس، فوجئوا مساء يوم الأربعاء بالاتصال بهم أن الاستشاري اعتذر، وأمامهم حتى السبت لتبدأ رحلة البحث عن مستشفى آخر.

من جانبه وجه الدكتور أيمن أبوالعلا، عضو مجلس النواب بلجنة الصحة، طلب إحاطة لوزيرة الصحة بشأن معاناة المرضى في بعض وحدات الغسيل الكلوي التي ترفض استقبالهم بسبب فيروس كورونا المستجد، وتركيز المستشفيات في تقديم الخدمات العلاجية للمصابين بالفيروس فقط، دون اهتمام كاف ببعض المرضى، خاصة أصحاب الأمراض المزمنة.

وأشار أبوالعلا، في طلب الإحاطة المقدم إلى أن أعدادًا كبيرة ممن يعانون الفشل الكلوي ويحتاجون لجلسات غسيل بشكل منتظم أصبحوا أمام مأساة حقيقية بعدما لفظتهم بعض المستشفيات بسبب فيروس كورونا، محذرًا من عدم الانتظام في جلسات الغسيل، ما يعرضهم لمضاعفات شديدة، فضلًا عن إصابة أعداد منهم بكورونا وهو ما يشكل خطرًا شديدًا على صحتهم.

وأصدرت هيئة التأمين الصحي تعليمات إلى جميع مستشفياتها أن تتحول لاستقبال حالات كورونا، كما خصصت أقسام الاستقبال والطوارئ لعلاج الحالات المشتبه بها على أن يحظر دخول أي حالات أخرى أو خروج حالة إلا بعد موافقة مستشفى آخر عام أو خاص.

وهذا ما جعل المركز المصري للحق في الدواء يحذر من خطورة تلك القرارات على أصحاب الأمراض المزمنة مثل الغسيل الكلوي والأورام وأمراض الدم والمناعة، كونها تعد ضربة تعسفية ضد حقوق منتفعي التأمين الصحي، ولم تكشف الهيئة عن مصيرهم وإلى أي جهات يتوجه هؤلاء المرضى.

وحذر أيضًا من تنفيذ تلك القرارات دون تنسيق كامل أو معرفة الأماكن البديلة، كونها ستؤثر على آلاف المرضى المترددين على مستشفيات التأمين الصحي بشكل يومي، خاصة أصحاب الأمراض المزمنة وأغلبهم بالمعاشات وتوجد خطورة في تواجدهم داخل مستشفيات العزل.

ودشنت وزارة الصحة والسكان، مبادرة لمتابعة وعلاج الأمراض المزمنة واستكمال علاجهم بطرق آمنة داخل المستشفيات والوحدات الصحية والمراكز الطبية، بالإضافة إلى القوافل العلاجية بكل محافظات الجمهورية، وسيتم تفعيلها بداية من الأسبوع الحالي في 8 محافظات تبدأ بـ(القاهرة والجيزة والقليوبية)، بهدف تقليل نسب الوفيات الناجمة عن تلك الأمراض، وأشارت الوزارة إلي انخفاض إصدار قرارات العلاج على نفقة الدولة للمرضي أصحاب الأمراض المزمنة، وذلك نتيجة عزوفهم عن متابعة حالتهم الصحية بالمستشفيات خوفًا من الإصابة بفيروس كورونا المستجد خلال الفترة الماضية.

ومن جهته، أوضح الدكتور خالد مجاهد، المتحدث الرسمي للوزارة، أن الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة ناشدت المرضى أصحاب الأمراض المزمنة التوجه إلى أقرب وحدة صحية أو مركز طبي أو مستشفى لمتابعة حالتهم الصحية، وصرف العلاج لمدة تكفي ثلاثة أشهر قادمين، مشيرًا إلى أنه يمكن للمواطنين أيَضًا التوجه لإجراء الأشعة والتحاليل والفحوصات اللازمة في أقرب مركز أو معمل خاص، تيسيرًا على المواطنين، حيث سيتم التعاقد مع تلك المراكز والمعامل مثلما جرى في مبادرة الرئيس للقضاء على فيروس سي والكشف عن الأمراض غير السارية (100 مليون صحة).

وأضاف مجاهد، أنه تم تخصيص ممرات آمنة مخصصة للدخول والخروج بالعيادات الخارجية بالمستشفيات لمنع الاختلاط بين المرضى المصابين بفيروس كورونا والمرضى غير المصابين بالفيروس، مع اتخاذ كل الإجراءات الوقائية والاحترازية اللازمة واتباع أساليب مكافحة العدوى.