رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كاتبات مصريات: إسرائيل سرقت أعمالنا.. واتحاد الكتاب أضاع حقوقنا

 سعاد سليمان
سعاد سليمان

منذ عامين وتحديدًا في شهر سبتمبر 2018، فوجئ الوسط الثقافي المصري بكارثة حقيقية، وهي ترجمة إسرائيل لعدد من القصص القصيرة، والتي طرحت في كتاب بعنوان "حرية"، ونشرت جريدة "الدستور" وقتها تفاصيل الترجمة وتحدثت مع الكاتبات المصريات اللواتي أبدين اعتراضهن عليها بدون أخذ موافقتهن بشكل مسبق، وإلا كن رفضن هذه الترجمة نظرًا لما يثيره الأمر من بعد سياسي آخر.

الحكاية بدأت حين نشرت الروائية والناشطة الفلسطينية خلود خميس التي تقيم في حيفا منشورًا على مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" تؤكد فيه أن دار "راسلينج" نشرت كتابا بعنوان حرية وفيه قصص قصيرة مترجمة للعبرية، وذكرت "خميس" أسماء من ترجم لهن الكيان الصهيوني قصصا بدون موافقتهن، ومنهن الكاتبات المصريات انتصار عبد المنعم وسعاد سليمان وشاهيناز فواز وسندس جمال الحسيني وغيرهن.

وكان رد فعل الكاتبات عنيفا إذ وصفن ما حدث بعملية سطو على إبداعاتهن طالما أن الدار والمترجم "آلون فريجمان" منسّق دراسات اللغة العربية في قسم دراسات الشرق الأوسط بجامعة "بن غوريون"، لم يقوما باستشارتهن في نشر قصصهن وإلا رفضن الأمر تماما، ويبدو أن "فريجمان" كان يتوقع الرفض المسبق لذلك قام بترجمة القصص ونشرها لتأتي في شكل دراسة حول إبداع المرأة فيما بعد ثورات الربيع العربي.

وجاء في مقدمة المترجم آلون فريجمان في كتاب "حرية": "في العقد الأخير نساء كثيرات من أنحاء العالم العربي يكتبن بجرأة عن التجربة النسائية من خلال نتاج أدبي، فني، اجتماعي، ثقافي وسياسي بارز".

يبدو هذا الأمر أكثر وضوحًا منذ اندلاع "الربيع العربي"، وجدير بالذكر أن هذه الصحوة هي جزء من مسار متواصل ومركّب لم يبدأ في السنوات الأخيرة فحسب، إذ يمكن ملاحظة جذوره في القرن الماضي أو ربما قبل ذلك أيضًا، وهو لا يزال طبعًا في أوج تكوّنه.

ويأتي ذكر الربيع العربيّ هنا كنقطة انطلاق في المحور الزمني خدمة للنقاش الحالي فحسب، أكثر من كونه ربيعًا سياسيًا واجتماعيًا، فإن الربيع العربي يرمز إلى حدث فارقٍ في تاريخ الشعوب العربية، يعوّل عليه في التعبير عن أغنيات الأمل التي حملتها الشعوب لسنوات طويلة، الأمل في التخلص من نير القمع والإذلال وسلب الحريات بحسب ما ذكرت بديعة زيدان في مقال لها.

وتقدمت الكاتبات المصريات المشار إليهن بشكوى لاتحاد الكتاب المصري لعمل ما يلزم وجاء في الشكوى " إلى اتحاد الكتاب المصري ممثلا في علاء عبد الهادي رئيس الاتحاد، تحية طيبة وبعد، مقدم من الكاتبات المصريات عضوات اتحاد كتاب مصر انتصار عبد المنعم، سعاد سليمان، شاهيناز فواز، سندس جمال الحسيني، نحيطكم علما بالتالي.

قام الدكتور "آلون فريجمان" بنشر كتاب تحت عنوان "حرية" وجاء فيه ترجمة قصص قصيرة لنا، وذلك دون الرجوع إلينا، ودون غذن منا سواء بالترجمة أو النشر في اسرائيل، ويأتي ذلك منافيا لحقوق الملكية الفكرية، ومخالفة صريحة لثوابت امتنا العربية، فإننا نطالب علاء عبد الهادي رئيس اتحاد كتاب مصر بتكليف السيد محامي الاتحاد باتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة، وكذلك مخاطبة رئيس اتحاد الكتاب العرب، وتصعيد الموقف إلى أعلى المستويات".

غيرها من الخطابات والشكاوى التي تحث الاتحاد على عمل ما انشئ من أجله وهو الوقوف ضمنيا إلى جانب الكاتبات والكتاب وخصوصا أنهن عضوات فيه ولن يحدث مثلما حدث مع أزمة رفعت سلام، حين قال رئيس الاتحاد أن "سلام" ليس عضوًا في الاتحاد ولذلك ليس علينا علاجه، ولكن حدث أن الاتحاد تقاعس تماما عن الدور المنوط به، وكأنه مبنى فقط شيد ليحمل تلك العبارة الرنانة "اتحاد كتاب مصر" ويكون مقره في الزمالك ليناقش ندوات ويمنح تصريحات دون الوقوف إلى جانب الأزمات الحقيقية للكتاب والكاتبات وهو الغرض الذي قام من أحله.

وتواصلت "الدستور" وقتها مع مختار عيسى، نائب رئيس الاتحاد والذي قال: "سيتم استدعاء الكاتبات المصريات ممن نشرت أعمالهم الأدبية عبر دار نشر إسرائيلية للتحقق من الموقف ما اذا كان الأمر على دراية من قبلهن أو بدون علمهم".

وأكد "عيسي" أنه لم تصله أية شكاوى من الكاتبات، وأنه حال وصول الشكاوى إليه سيتم تحويلها لمحامي الاتحاد لاتخاذ الإجراءات القانونية، مؤكدًا أنه عقب التحقق من الشكاوى وما إذا كان هناك كاتب تعاون وتطوع للتعاون مع الكيان الصهيوني، سيتم شطب عضويته على الفور، وإذا كان تم الأمر دون علمهن سيتحرك الاتحاد على الفور للمطالبة بحقوقهن.

لم يحدث شيئا مما صرح به عيسى لـ"الدستور"، على حد قول الكاتبات، ولم يتم استدعائهن أو يتخذ محام الاتحاد إجراءً حقيقيًا يعبر عن الأساس من وجود هذا الاتحاد نفسه، وفي هذا الصدد قالت الروائية انتصار عبد المنعم: "كتبت شكوى على صفحة الانترنت أطالب رئيس اتحاد كتاب مصر بالتحقيق في الأمر، فاتصل بي دكتور علاء عبدالهادي، مؤكدا على ضرورة تقديم شكوى مكتوبة في مبنى الاتحاد في القاهرة، كي يتمكن من تفويض محامي الاتحاد بالتصرف القانوني، والمفاجأة أني بعدما كتبت الشكوى، باسم الكاتبات، وأرقام عضويتهم بالاتحاد، سلمتها سعاد سليمان بتاريخ 9-9-2018، فوجئت بالمحامي يرسل لي على لسان زميلة بضرورة عمل توكيل رسمي عام في القضايا باسمه الشخصي، وعندما سألته عن تفاصيل القضية التي سيرفعها بصفتي موكل له، رفض مصرحا بأنه ليس لديه تعليمات من الدكتور علاء باعطاء معلومات.

وأكدت سعاد سليمان، ما قالته انتصار عبد المنعم، واتفقت معها في الإجراءات قائلة: "حتى الآن وبعد مرور وقت طويل جدا لم يتخذ اتحاد الكتاب أي إجراء من أي نوع ضد من قام بترجمة قصتي تشابه إلى اللغة العبرية والتي صدرت في كتاب بعنوان حرية بدون موافقة مني ودون علمي أيضا وبعدما طالبنا الاتحاد بتوضيح موقفنا من الترجمة وإعلان رفضنا لهذه الترجمة حتى لا يلتبس الأمر عليهم وكتبنا رفضا بهذا المعنى ورأسلناه إلى الاتحاد، ثم طلب الاتحاد عمل توكيل لمحاميه شريف العجوز.

وتسائلت الكاتبات عن سر طلب شريف العجوز محامي الاتحاد توكيلات عامه لهن في حين أن الاتحاد يمكنه رفع القضايا طالما تقدمن بشكاوى ولا يحتاج الأمر لتوكيلات، تقول انتصار عبد المنعم، ما هي حقوقي كموكل سيوكله في قضية، أو ككاتب المفترض أن يعمل لصالحي طالما هو موظف في الاتحاد، والمفترض أن يعمل لصالح كل الأعضاء ولا يجعل من نفسه خصما للبعض لصالح البعض ممن تجمهم به علاقات عمل شخصية وأسرية؟ وما فائدة التفويض الذي طلبه رئيس الاتحاد؟.

وقالت سعاد سليمان: "بما أن الاتحاد هو نفسه وكيلنا والمسؤول عن التقاضي باسمنا فلم نحرر توكيل لمحاميه، بالتالي لا أعرف ما حدث أو ما يجب أن يحدث بعد مرور كل هذا الوقت ولا أتعشم اتخاذ أي إجراء من قبل الاتحاد".

وتستنكر الكاتبات ما قام به علاء عبد الهادي في محاولة تهدأة الرأي العام وخروجه بمؤتمرات وشجب واستنكار وإدانة ثم تهميش الأمر تماما بعد ذلك، تقول انتصار عبد المنعم: "المدهش أن رئيس الاتحاد أقام مؤتمرا حاشدا يستنكر ويشجب السطو على أعمالنا، ووعد برفع القضايا إثباتا لحقوقنا، وتبعه اتحاد كتاب العرب أيضا، وإلى اليوم لا شيء، وكلما سألت ما الجديد لا أجد ردا بحجة أنهم ليس لديهم تعليمات من الدكتور علاء رئيس اتحاد كتاب مصر والعرب".

وتتابع: "في النهاية ضاع الأمر تماما بين علاء عبد الهادي رئيس اتحاد الكتاب وشريف العجوز محامي الاتحاد، ولم يتقدم الاتحاد لرفع قضايا، ولم يقم بالبت في الأمر، واكتفى بمتابعة انتخابات التجديد النصفي التي أزاحتها قضية فيروس كورونا جانبا، وضاع حق الكاتبات في إثبات أنهن بريئات تماما من هذا الأمر"، تقول عبد المنعم: "ضاع حقي المعنوي في إثبات عدم التعاون مع الكيان الصهيوني، وأن الترجمة تمت بدون علمي، فلم أكن أسعى لمكاسب مادية، هذا موقف للتاريخ، وكيف نظن أن من لا يعترف بحقنا الفكري أن يعترف بحق أي عربي في الوجود على أرضه؟".