رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شيخ الأزهر: النبى أوصى بالزهد فى طلب الإمارة خوف فوات العدل

أحمد الطيب
أحمد الطيب

قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم رغّب في العدلِ ورهبّ من الظلمِ، في كثيرِ من الأحاديث النبوية، خاصة العدل في الحكم، والمساواة بين الأبناء والبنات في المعاملة.

وأضاف "الطيب" خلال برنامجه الرمضاني "الإمام الطيب" أن النبي قال: "إذَا حكمَتُم فاعدلُوا بالعدل"، وقوله: "فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم"، موضحًا أن النبي أوصى بالزهدِ في طلبِ الإمارةِ خوفَ فواتِ العدلِ، فعن عوفِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه، قال: قالَ رسولُ الله: "إِنَّ شئتُم أنبأتُكم عنِ الإمارةِ وما هِي؟ قال عوفٌ: فناديتُ بأعلى صوتي ثلاثَ مراتٍ: وما هي يا رسولَ الله؟ قال عليه السلامُ: أوَّلها ملامةٌ، وثانيها ندامةٌ، وثالثُها عذابٌ يومَ القيامةِ، إلَّا مَن عَدَل.

وأشار فضيلته إلى أن "الإمارةَ" ليست هي إمارةُ الدولِ والبلادِ فقط، بل هي الإمارةُ بأوسعِ معانِيها، والتي تنطبقُ على كل مسئولٍ صغيرٍ أو كبيرٍ، فإنه أميرٌ فيما أُسندَ إليه من وظائفَ وأعمالٍ، مدللًا على ذلكَ بقوله صلى الله عليه وسلم: "ما مِنْ رجلٍ يلي أمرَ عشَرةٍ فما فوقَ ذلكَ إلا أتى الله عزَّ وجلَّ مَغلولًا يومَ القيامةِ يدُه إلى عنقِه.. فكَّه بِرُّه، أو أَوْبقَه إثْمُه.

وأردف أن الحديث يُستنبطُ منه التنفيرُ الشديدُ من طلبِ الولايةِ لما تشتملُ عليه من تَبعاتٍ لا يَبعُدُ معها الوقوعُ في مظالمِ العبادِ، وإهانتُهم والإساءةُ إليهم، وبخاصَّةٍ إذا كان الموظفُ أو المسئولُ غيرَ مؤهَّلٍ لإدارةِ ما أُسندَ إليه من وظائفَ ومسئولياتٍ، وفي الحديث كذلك تحذيرُ للذينَ يُرهقونَ أنفسَهم، ويُريقونَ ماءَ وجوهِهم، من أجلِ الظَّفرِ بكرسيٍّ لا يَعلمُ سَلَفًا هل يستطيعُ أن يَنشرَ من فوقه العدلَ والرحمةَ والرفقَ بالعباد، أو أنَّ شيئًا من هذه المظالمِ لا يخطِرُ له على بالٍ.

ولفت إلى أن مهمة القيام بالعدل ليست بالأمرِ الميسور عادةً، وبخاصةٍ في المواقف الدقيقة التي يجد الإنسان فيها نفسَه مدفوعًا بغريزته إلى التَّحيُّز والميل مع الهوى، مشيرًا إلى أنه لا يفهم من هذه الأحاديث أنها تنفِّر الناس من تقبُّل وظائف الولاية؛ مؤكدًا أن هذا الفهم لا تعرفه شريعة الإسلام التي تركت لنا مئات المجلدات في فقه القضاء والإمامة والسياسة الشرعية.

واختتم أن الإمارة ليست في حدِّ ذاتها مطلبًا سيئًا يجب الفرار منه؛ ولكن لعظم مسئولية من يتولاها وخطرها في حياة الناس وجب أن يُدقق النظر في اختياره، وألا يُفتح الباب أمامها لمن ليس أهلًا لها، حماية للناس، وحفظًا لحقوقهم، وصَونًا لكرامتهم.