رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بـ«الموسيقى والألوان».. طبيب نفسي يعالج مرضى كورونا بالإسكندرية

الدكتور محمد الجوهري
الدكتور محمد الجوهري

بعد المعاناة مع تجربة علاج فيروس«كورونا» المستجد، وقضاء مدة داخل الحجر الصحي، يصبح الكثير من المصابين لديهم هاجس يعانون منه عن كيفية تخطي فكرة إصابتهم ومواجهة العالم الخارجي، لذلك يتم تحويل العديد من المرضى إلى المدن الجامعية والشبابية، حتى يتمكن الأطباء النفسيون الموجودون بها من مساعدتهم من خلال الأنشطة الترفيهية والاجتماعية، وإزالة كافة العوائق التي يواجهونها.

"الدستور'' حاورت أحد الأطباء النفسيين الموجودين بعزل المدينة الجامعية، للتعرف على الأنشطة المتبعة التي تعمل بدورها على إزالة العوائق النفسية التي يواجهونها، بالإضافة إلى مدى اختلافها من سن لسن آخر.

و قال الدكتور محمد الجوهري، أخصائي الطب النفسي، وأمراض المخ والأعصاب وعلاج الإدمان، والذي بدأ تكليفه بالعمل في مستشفى المدينة الجامعية لعلاج مصابي فيروس كورونا، إن الحالات التي تستقبلها المدينة هي حالات مستقرة، ولكنها تعتمد بقدر كبير في الشفاء على الحالة النفسية للمريض، مما حقق نسبة شفاء جيدة في بداية عمل المستشفى.
ــ برنامج خاص للتوعية

وأضاف لـ« الدستور» أن عزل المدينة الجامعية استقبل أصغر مصابة في سن 3 شهور، وأكبر المصابين في سن الـ 71، لذلك يكون لكل سن تعامل خاص، حيث نعمل على تنفيذ برنامج خاص لجميع الفئات العمرية، حيث تستهدف رفع الوعى لدى المرضى، بداية من توعيتهم بوجودهم داخل العزل، وما يجب عليهم فعله، وما يتطلب منه عند الخروج بعد الشفاء.

وأكد « الجوهري» أنه بدأ العمل في عزل المدينة الجامعية بداية من يوم 2 مايو، وكان التكليف مفاجئا، حيث طلب منه أن يكون في الصباح في المدينة لاستلام عمله، قائلًا« مكنش عندي أي إعتراض، لأنه واجب ولابد أن نؤديه، كانت المشكلة هي الأهل وتخوفهم، خاصة زوجتي، التي تركت لها رعاية ابنتي الصغيرة التي لم تكمل الثلاثة أشهر»، متابعًا تواجدت في المستشفى مع زملائي قبل وصول المرضى بـ 4 أيام تم خلالها التدريب على التعامل في العزل وكيفية ارتداء الملابس الوقائية، وذلك مع الفريق بالمدينة المكون من 9 أطباء، و15 تمريض، و10 عمال».
ــ أنشطة ترفيهية وجلسات جماعية

وأوضح أن غرف المرضى هي نفس غرف الطاقم الطبي، يكون المريض فيها منعزلا بمفرده ما عدا الأطفال الصغار، يكونون مع أحد أفراد أسرتهم، ولذلك يتم الاتفاق مع المرضى على كيفية جعل المكوث في الغرفة لمدة طويلة محتملة، من خلال بعض الأنشطة الترفيهية، التي تتم من خلال جلسات جماعية.
وتابع الطبيب النفسي قائلا، أنه بسبب تزايد أعداد الإصابة، أصبح من الصعب أن نوجه تلك التوعية لكل مريض داخل غرفته، لذا يطبق ذلك من خلال اختيار فترة لخروج المصابين في مجموعات لحديقة المدينة، بحيث لا تزيد المجموعة عن 6 أفراد للحديث معهم وإيصال تلك التعليمات والتوعية لهم، ويتم تطبيق ذلك من خلال بعض اللمسات البسيطة وعمل دوائر مرسومة على الأرض بالدهانات، وتكون بين كل منهما مسافة، وعلى عدد تلك الدوائر يتم إخراج مجموعة من المرضى بعددها والتي نحافظ فيها على التباعد بين المرضى، وكل ذلك مع مراعاة ارتداء ملابس الوقاية لمدة من 3 إلى 5 ساعات، فضلًا عن الحالات التي تحتاج المرور الخاص، لذا نرتدي الوقايات مرة أخرى للمرور عليها ومتابعة حالتها.
ــ حالات الأطفال الأكثر صعوبة

وأوضح أن الأطفال هم الأكثر صعوبة في التعامل، وذلك لأنهم يجهلون سبب وجودهم في هذا المكان وعدم السماح لهم باللعب مع بعضهم، أو التقرب إلى أهاليهم بقدر الإمكان، لذلك بدأت أن أستخدم معهم نوعا من العلاج عن طريق الألعاب والفن، وهو بإحضار بعض اللعب البسيطة للاستخدام شخصي، بجانب طباعة العديد من الرسومات، وتوفير الألوان لهم للتلوين لشغل الوقت الطويل بالعزل، بجانب الاتفاق مع أسرهم بإرسال بعض القصص على الهواتف الخاصة بهم، مثل قصص الأنبياء لإشغال الأطفال بها.
وتابع أنه يتم يوميًا تقسيم المرضى لمجموعات للنزول إلى الحديقة والجلوس في الهواء والشمس، مع ممارسة بعض تمارين التنفس، والتمارين الرياضية الخفيفة، والتي من فوائدها تقليل التوتر وتحسين وظائف التنفس، وهي التي تساعد على أن يكون المريض إيجابي في التعامل، مما يؤثر على سرعة الشفاء، كما يتم استخدام أيضًا العلاج بسماع الموسيقى، ونختار يوميًا الموسيقي والأغاني التي نستمع لها سويا، ومن خلال جروب «الواتس أب» نتشارك الأشياء المفضلة لنا، كما اقوم بنشر الحالات التي تم شفائها، ويتم عمل احتفال للمتعافين والتقاط الصور التذكارية لرفع الروح المعنوية للمرضى.
ــ أهمية الالتزام بعد التعافي

ونوه إلى أن جميع المرضى في العزل هم حالة خاصة، وكل مريض يتم التعامل معه على ذلك، وهناك العديد من الحالات المؤثرة، خاصة المغتربين عن المحافظة والأسر التي أبعدهم العزل عن بعضهم، حيث يتم فصل الأطفال عن أسرهم بداية من سن 15 عاما، ولا يتقابلون إلا في وقت التريض متباعدين مع مراعاة المسافات.
وأشار « الجوهري» أنه يؤكد على المرضى أنهم بعد تعافيهم وخروجهم لا بد من أن يلتزموا بالمنزل لمدة 14 يوم آخرين، قبل التعامل مع أفراد عائلاتهم، والرجوع للعمل والتعامل مع المواطنين، واتباع قواعد السلامة العامة، لافتًا إلى « الفيروس ينتقل بسرعة جدا والحالات في ازدياد، ولابد من أخذ الأمور على محمل الجد، والالتزام هو الطريق الوحيد لإنهاء تلك الازمة».