رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إيد واحدة.. شركات ومؤسسات ترفض تأجيل سداد المستحقات

شركات
شركات

اتخذت الدولة المصرية، مؤخرًا، مجموعة من القرارات للسيطرة على انتشار فيروس كورونا، وتخفيف الأعباء عن المواطنين المتضررين بفعل القرارات الاحترازية، منها تأجيل مواعيد دفع أقساط البنوك، ولكن فى المقابل لم تكن بعض الشركات والجمعيات الأهلية على قدر المسئولية إذ لم تستجب للمبادرة، وطالبت المواطنين بدفع الأقساط فى مواعيدها المقررة.
«الدستور» تفتح هذا الملف، حيث تواصلت مع مسئولى بعض الشركات التى لم تعلن- حتى الآن- عن نيتها تأجيل تحصيل الأقساط من المواطنين، تماشيًا مع المبادرات الحكومية وإعلاءً لمبدأ التكافل، ونقلت مطالبات المواطنين بتأجيل مواعيد سداد الأقساط حتى تمر هذه الأزمة.


عملاء «بى تك»: نطالب بإرجاء الدفع لفترة فقط.. والإدارة: لا تهاون فى التحصيل

فى فرع شركة «بى تك» بمحافظة الغربية التقينا اثنين من العملاء كانا يتفاوضان مع مسئولى الفرع لتأجيل دفع أقساطهما.
الأول هو المواطن «عبدالحميد. ع»، ٤٣ عامًا، وقال إنه ابتاع بعض الأجهزة الإلكترونية من الشركة منذ فترة، بغرض استخدامها فى المقهى الذى كان على وشك افتتاحه قريبًا، ولكنه اضطر إلى تأجيل الافتتاح بسبب انتشار «كورونا»، وقرارات الحكومة المصرية بمنع التجمعات وإغلاق المقاهى والمطاعم، لذا توقف المشروع فى مهده ولم يعد باستطاعته دفع الأقساط.
وأضاف «عبدالحميد»: «فضلًا عن الأقساط التى فشلت فى تأجيل مواعيد سدادها، تراكمت علىّ الديون ولا سبيل لسدادها مع توقف حال البلد، وكنت أتمنى أن تراعى الشركة ظروف عملائها، خاصة فى هذا الظرف الذى يمر به العالم».
التقينا كذلك المواطنة «صفاء. ا»، من أهالى المحلة الكبرى، وقالت: «أعمل مدرسة لغة عربية فى إحدى المدارس الحكومية، كما أعمل فى بعض مراكز الدروس الخصوصية، وبعد أزمة انتشار فيروس كورونا تعطلت الدراسة وتأثرت ميزانيات المصريين بشدة، ولم يعد باستطاعة أحد توفير قوت يومه وليس أقساط القروض».
وأضافت: «ابتعت من الشركة بعض الأجهزة المنزلية التى تتجاوز أسعارها ٣٠ ألف جنيه منذ نحو ٣ أشهر، وكنت أخطط لدفع الأقساط من عملى بالدروس الخصوصية، ولكن الآن لم يعد باستطاعتى ذلك».
وواصلت: «طالبت مسئولى الشركة بتأجيل دفع الأقساط إلى أن يكشف الله هذه الغمة، ولكنهم أبلغونى وأبلغوا جميع العملاء بأن تسديد الأقساط سيكون وفقًا للمواعيد المنصوص عليها فى عقود الشراء دون أى تغيير».
فى المقابل، قال محاسب فرع الشركة بالغربية، لـ«الدستور»، إن إدارة «بى تك» رأت أن يدفع العملاء أقساطهم فى مواعيدها رغم أزمة انتشار الفيروس، ولم توافق كذلك على دفع جزء من القسط.
وأضاف المحاسب، الذى رفض نشر اسمه: «الكثير من العملاء يزورون مقرات الشركة حاليًا ويطالبون بتأجيل أو تقسيط الأقساط التى من المقرر تسديدها بداية الشهر المقبل، لكن الإدارة أبلغت جميع الفروع بعدم التهاون فى هذا الأمر»، مشيرًا إلى أن العروض التى يجرى تطبيقها على منتجات الشركة لا تتعارض مع أزمة «كورونا».

سائقون يعرضون سياراتهم للبيع: «مش لاقيين شغل.. هندفع اللى علينا إزاى؟»

من أبرز الشركات التى رفضت التجاوب مع مبادرات الدولة للتخفيف عن المواطنين فى هذا الظرف الحرج شركات السيارات، إذ التقت «الدستور» اثنين من السائقين، كشفا عما يتعرضان له من ضغوط لتسديد الأقساط فى مواعيدها رغم أن الشوارع خالية.
الأول يدعى «وائل. أ»، ٣٦ عامًا، من مطروح، يعمل بإحدى شركات المقاولات بالمحافظة، قال إنه ابتاع سيارة شيفرولية «الدبابة» منذ عام ٢٠١٨، ليعمل بها فى الشركة وينقل البضائع إلى محافظة القاهرة، كما يستغلها لتحقيق دخل إضافى مساءً.
وأضاف: «كان سعر السيارة حينها ٢٢٠ ألف جنيه، سددت فى البداية ١٠٠ ألف جنيه كمقدم للشراء، وتعاقدت على تقسيط المبلغ المتبقى لأدفع شهريًا ٣٦٥٠ جنيهًا، واستطعت خلال الفترة الماضية تسديد جميع الأقساط فى مواعيدها إلى أن تبقى ٥٠ ألف جنيه، وهنا ظهرت أزمة كورونا».
وواصل: «لم أكن أتوقع أن يأتى عام ٢٠٢٠ بهذه الكوارث التى أثرت على جميع القطاعات فى العالم كله، فعلى الرغم من أن قطاع المقاولات قد لا يسبب انتشار الفيروس إلا أنه بعد قرار حظر التجول قل عدد الساعات التى يمكننى استغلالها لكسب المال بالسيارة، وبالتالى لن أتمكن من سداد الأقساط فى مواعيدها».
وتابع: «كنت أجرى فى اليوم أكثر من نقلة بين المحافظات، ولكن حاليًا الشغل كله نايم فعدد النقلات قل ومابقتش قادر أدفع القسط»، مشيرًا إلى أنه عرض سيارته للبيع بسبب عجزه عن تسديد الأقساط فى موعدها، وعدم تأجيل الشركة مواعيد تحصيل الأقساط من أصحاب السيارات.
لم يجد «وائل» حتى الآن مشتريًا للسيارة، بسبب ركود السوق، لا سيما أنه أراد بيعها بالأقساط المتراكمة عليه لعدم قدرته على تسديدها، بعدما تأثر عمله بانتشار الفيروس: «لحد دلوقتى مش عارف أعمل إية فى الأقساط الجاية، الحال وقف، والشركة هاتحصل من السواقين الأقساط فى مواعيدها»، متمنيًا أن ترجئ الشركة الأقساط فترة قليلة حتى تنتهى تلك الأزمة.
ولم يختلف حال «أحمد. ا»، ٢٧ عامًا، الذى ابتاع سيارة شيفرولية «أفيو» خلال عام ٢٠١٩، من أجل العمل سائقًا فى شركة «أوبر» خلال الفترة المسائية، بعد عمله الصباحى مدرس لغة عربية بوزارة التربية والتعليم فى محافظة القاهرة.
ابتاع «أحمد» السيارة حينها بمبلغ ٢٠٠ ألف جنيه، ودفع ٥٠ ألف جنيه مقدمًا على أن يسدد قسطًا شهريًا قدره ٣١٠٠ جنيه، واستطاع خلال الفترة الماضية تسديد القسط الشهرى، إلا أن أزمة انتشار الفيروس أثرت عليه بشكل كبير.
وقال «أحمد»: «بدأت الأزمة تظهر مع استجابة الناس لدعوات خليك فى البيت، وبالتالى أصبح الطلب على سائقى أوبر قليلًا جدًا، مثل جميع وسائل المواصلات، وزادت الأزمة مع قرار غلق المحلات من الساعة ٧ مساء.. بدأت الرجل تخف فى الشوارع وماحدش بيطلبنا، ولسة الأزمة هاتزيد».
وأضاف: «كنت أبدأ عملى كسائق باكرًا جدًا قبل عملى فى المدرسة، حتى أضمن تنفيذ أكبر عدد ممكن من الرحلات، وبعد أن تعطلت الدراسة حاولت استغلال اليوم بأكمله فى العمل بأوبر، ولكن الطلب كان قليلًا جدًا».
لم يستطع «أحمد» تحصيل نصف ما كان يحصله قبل أزمة «كورونا» يوميًا، فخسر ما يقرب من نصف دخله أو أكثر، لا سيما مع وقف المدارس والدروس الخصوصية، ولم يعد لديه دخل سوى راتبه الشهرى لكون الإجازة الحكومية مدفوعة الأجر: «دلوقتى مافيش فلوس من كل النواحي، وفى نفس الوقت فيه أقساط من الشركة على العربية لازم أدفعها، ومافيش أى منفذ تانى نجيب منه فلوس الأقساط لأن حال البلد كله واقف».
وواصل: «الشركة قالت إن قرار تأجيل الأقساط غير ملزم لها، لأن البنك المركزى لم يوجه لها خطابًا رسميًا»، وتابع: «إحنا كسواقين هانجيب فلوس منين؟.. إحنا أكتر ناس اتضرت بسبب كورونا».


جمعيات للمقترضين: انتظروا المندوب فى الموعد المحدد دون تغيير

بعض الجمعيات الأهلية لم تكن على قدر المسئولية كذلك، وبدلًا من أن تساعد الناس ألزمتهم بدفع الأقساط فى مواعيدها.
«عبدالعزيز. ع»، صاحب مصنع حلويات صغير، قال إنه حصل على قرض من «جمعية تساهيل للقروض الصغيرة»، منذ ثلاثة أشهر، ورغم توقف حركة البيع لديه تمامًا منذ ثلاثة أسابيع إلا أنه فوجئ بطلب مندوب الجمعية تسديد قيمة القسط فى موعده المحدد فى بداية شهر أبريل.
وأضاف «عبدالعزيز»: «الأزمة بالنسبة لى ليس فى تسديد قيمة القسط هذا الشهر، فالمبلغ المطلوب هو ٦٤٥ جنيهًا فقط، ولكن إذا استمر الحال كما هو الآن فكيف سأسدد قيمة القسط وأوفر احتياجات أسرتى اليومية دون وجود أى دخل لى؟».
وواصل: «لدىّ بضاعة يصل سعرها آلاف الجنيهات، ولكنها فى المخازن، ولا أحد يريد الشراء، ورغم أننا كنا ننتظر موسم شهرى رجب وشعبان فإن الناس لا تريد حلويات الآن، لا أحد يريد الشراء، ولا أعرف كيف سأعيش إذا استمر الأمر كذلك».
وتواصلت «الدستور» مع فرع جمعية تساهيل فى محافظة كفر الشيخ، واستفسرت عن إمكانية تأجيل مواعيد سداد الأقساط تماشيًا مع مبادرة البنك المركزى، وقال مندوب الجمعية الذى رفض نشر اسمه: «الرؤساء لم يبلغونا بتأجيل تحصيل الأقساط»، مشيرًا إلى أن «مبادرة البنك المركزى لتأجيل سداد أقساط القروض تخص البنوك الحكومية وأصحاب المشروعات الكبرى فقط، لكن جمعيتنا تقدم قروضًا صغيرة للشباب وأصحاب الشركات الصغيرة، وغالبًا ما يكون القرض قيمته قليلة».
وعن كيفية سداد المقترضين أقساطهم وسط توقف أغلب المشروعات، قال: «الدنيا كلها حالها واقف، ونحن مدركون أن أغلب عملائنا لا يحققون أى دخل الآن، ولكن نحن ننفذ التعليمات، وسنواصل جمع الأقساط من العملاء حتى يقرر المسئولون عن الجمعية وقف سداد القروض تماشيًا مع مبادرة البنك المركزى».
وليست جمعية «تساهيل» الوحيدة التى لم تراع الظروف الاستثنائية التى يمر بها العالم كله، وطلبت من عملائها تسديد الأقساط دون الأخذ فى الاعتبار توقف أغلب المشروعات التى مولتها، ففى محافظة سوهاج واصلت شركة «تنمية لدعم المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر» تحصيل أقساط قروض عملائها بالمحافظة.
وقال «محمد. ع» من مركز البلينا بسوهاج: «كان من المفترض أن أسدد للشركة ١٣٠٠ جنيه منذ ثلاثة أيام إلا أننى لم أستطع توفير قيمه القسط، بسبب توقف حركة البيع».
وأضاف «محمد»: «حصلت على قرض من الشركة بقيمة ١٥ ألف جنيه منذ شهرين، واشتريت بعض أنواع البقالة، وحولت غرفة عندى فى المنزل إلى محل بقالة، حتى أوفر ثمن تأجير محل، وسددت القسط الأول فى موعده المحدد، وعندما جاء موعد القسط الثانى حدثت أزمة كورونا، ولم أبع بضاعة تمكننى من توفير قيمته، وكنت أتمنى أن تؤجل الشركة موعد القسط إلا أننى فوجئت باتصال المسئولين بى لتحصيل قيمة القسط وأخشى أن يتحول الأمر إلى النيابة فى حالة عدم السداد».
«محمد» ومعه عدد كبير من نفس منطقته، ناشدوا الشركة تأجيل قيمة القسط حتى تعود الحياة إلى طبيعتها.
وفى مدينة دكرنس التابعة لمحافظة الدقهلية، ينتظر «عزت. ع»، صاحب محل لكماليات السيارات، وحاصل على قرض من شركة «أمان للقروض الصغيرة»، قرار المندوب سواء بالتحصيل أو التأجيل.
وقال «عزت»: «حصلت على قرض من الشركة بقيمة ٨٠٠٠ جنيه، وأسدد شهريًا ٧٢٠ جنيهًا، ورغم أن قيمة القسط ليست كبيرة إلا أن الوضع إذا ظل كما هو ستكون هناك أزمة فى توفيرها بعد توقف حركة البيع تمامًا الآن».
وتابع: «تواصلت مع مندوب الشركة الذى سيحصل منى قيمة القرض، وقال لى إن الشركة لم تخبره بوقف تسديد الأقساط، وأنه سيأتى فى بداية الشهر المقبل لتحصيل المبلغ».