رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

آثار كفر الشيخ الفرعونية والإسلامية تواجه مصيرًا مجهولًا (صور)

آثار كفر الشيخ الفرعونية
آثار كفر الشيخ الفرعونية

تزخر محافظة كفر الشيخ بالعديد من الآثار الثمينة والتي ترجع إلى حقب تاريخية مختلفة فمنها الفرعونية والإسلامية والقبطية، ويقطع لها السياح من جميع أنحاء العالم آلاف الكيلو مترات لكي يلقون نظرة عليها، ولكن للأسف تحول عدد كبير منها لمقالب قمامة و"خرابات" تأوي الكلاب الضالة والمدمنين.

تعاني أغلب آثار محافظة كفر الشيخ من إهمال شديد على مر العصور من قبل المسؤولين وكثيرًا ما وعد البعض بالتطوير والتجميل لكنها لم تخرج من مجرد الوصف بـ"وعود" وفيما يلي تستعرض "الدستور" أبرز هذه الآثار، ورأي المسؤولين في هذا الأمر خلال هذا التقرير.


طابية عرابي أصابها الصدأ وأصبحت تباع خردة

تعد طابية عرابي الملقاة بالقرب من البحر الأبيض المتوسط بمدينة بلطيم كفر الشيخ، شاهدا حيا على الإهمال المتسلسل منذ سنوات، وهذه الطابية استخدمها الزعيم أحمد عرابي عام 1882 لصد هجمات الإنجليز، وعثر بها من فترة على 3 مخازن للأسلحة وكمية كبيرة من القنابل، والدانات كبيرة الحجم وكمية من الفخار والخزف تعود إلى 1100 عام ويوجد بجوار الطابية مدافع قديمة، وأصابها الصدأ نتيجة عوامل التعرية والجفاف والملوحة، وأصبحت تباع كقطع خردة من قبل الخارجين عن القانون.



فنار البرلس.. ثاني أقدم برج حديدي بعد برج إيفل

يعد فنار البرلس أقدم ثاني برج حديدي في العالم بعد برج إيفل، وهو الفنار الوحيد المتبقي بمصر من ضمن مجموعة فنارات أقامها الخديوى إسماعيل بمناسبة افتتاح قناة السويس، وكانت له أهمية كبيرة جدًا، حيث كان يرشد السفن ليلا عن طريق عدسات توجد في أعلى الفنار، وهذه العدسات تعمل على عكس الضوء، وتصل قوة إشاراتها في جهة البحر المتوسط، بحوالي 30 كم.



تم إنشاء الفنار عام 1869 على يد المهندس الفرنسي بركار‏، وكان يحتوي على عدسات فى قمة البرج الزجاجي، وغرفة الإضاءة تعمل بـ"الكيروسين"، وتصل مدى إشارتها إلى بُعد 17 ميلًا بحريًا ترشد السفن، ويحيط بالفنار مجموعة من الغرف لإقامة الموظفين والعمال، وتم ضمه إلى هيئة الآثار في 1998، وهو الآن في حالة سيئة من الصدأ وتآكل ألواحه المعدنية يهدد بسقوطه.
المحطة الملكية.. تحولت لمقلب وتحوي المدمنين

أصبحت المحطة الملكية للملك فاروق مقلبا للقمامة ومأوى للخارجين عن القانون والمدمنين، فأصبح مصدر إزعاج لسكان المنطقة وطالبوا اللواء جمال نور الدين محافظ كفر الشيخ، بالتدخل الفوري والعاجل لإنقاذ الأثر التاريخي وترميمه وإعادته إلى هيئته السابقة، وهي تقع على شريط السكة الحديد بمدينة كفر الشيخ يراها أي راكب للقطار داخل المدينة.

- قصر الملك فؤاد مهدد بالانهيار 

القصر الملكي أحد شهود العيان على إهمال المسؤولين، فقد تم إنشاؤه على يد محمد سعيد باشا ابن محمد علي باشا عام 1853، وأصبح استراحة للملك فؤاد ثم للملك فاروق، وملحق بالقصر محطة للسكة الحديد خاصة بالقطار الملكي، وكذلك صهاريج للمياه ومبنى لماكينة ضخ المياه، وملحق به مسجد صغير كان الملك يؤدي فيه شعائر الصلاة أثناء مروره بكفر الشيخ.

الآن أصبح مقرًا لمعهد الخدمة الاجتماعية بكفر الشيخ، وصدر قرار بتسجيل القصر في هيئة الآثار وتحويله إلى متحف، تعرض فيه المقتنيات والمجوهرات الملكية في العصور المختلفة إلا إن المعهد يرفض تركه إلا بعد توفير مقر بديل له، على الرغم من حدوث هبوط أرضي في بهو القصر وتأثر أساساته مما يعرضه للانهيار في وقت، وترفض إدارة المعهد ترميمه لعدم وجود موارد مالية.

الأثار الفرعونية بـ"تل الفراعين" تعرضت للسرقة مرتين

بين مدينتي كفر الشيخ ودسوق، تقع منطقة تل الفراعين الأثرية التي تضم كنوزا مهمة، لا مثيل لها في أرجاء القطر المصري، ورغم أهميتها التاريخية والأثرية باعتبارها عاصمة دينية لمصر القديمة قبل توحيد القطرين، فإنها لا تزال تعاني من الإهمال.

وتعد منطقة تل الفراعين مقصدا للصوص والمسلحين، لاحتوائها على قطع أثرية مهمة، متناثرة في أرجاء المنطقة، من دون توفير حماية حقيقية، رغم تمكن قوات الأمن من إلقاء القبض على بعض اللصوص على مدار السنوات الماضية، لكنها تعرضت للسرقة مرتين، الأولى عام 2000، واختفت 52 قطعة أثرية متنوعة، وألقى القبض على الجناة، قبل أن تتعرض مجددا للسرقة أيام ثورة يناير 2011، واختفت 27 قطعة أثرية متنوعة، ولم تتم إعادة القطع الأثرية لتصرف الجناة فيها.

منطقة تل الفراعين الأثرية، بها كثير من القطع الأثرية المهمة، منها تمثالان على هيئة أبو الهول من البازلت، يعودان إلى الأسرة التاسعة والعشرين الفرعونية، وتمثال للإله "حورس" من أروع التماثيل التي اكتشفت بمصر حتى الآن، وتمثال مزدوج من الجرانيت الوردي للملك رمسيس الثاني والإله "سخمت".

وكذلك لوحة من الجرانيت الأسود تعود إلى عصر الملك تحتمس الثالث من عصر الأسرة الثامنة عشرة الفرعونية، ولوحة هبات تعود لعصر الملك تحتمس الثالث، وأعلى اللوحة منظر يمثل الملك تحتمس الثالث راكعا يسكب الماء المقدس ويقدم القرابين.

الآثار تعترف: الموارد المالية السبب.. والوضع سيتحسن قريبا

قالت سلوى الراعي مدير هيئة الآثار الإسلامية والقبطية بكفر الشيخ، إن وضع الآثار الإسلامية بدأ يشهد تحسنا خلال الفترة الماضية بعد تحركات حثيثة قام بها مسئولو وزارة الآثار مع المحافظة، لمحاولة إحياء الآثار وجعلها مزارًا سياحيًا يرتاده زوار المحافظة، وأن الوضع سيتحسن أكثر خلال الفترة القليلة المقبلة على كافة المستويات، وأن الموارد المالية اللازمة للترميم هي العائق الوحيد.

وأضافت خلال تصريحات لـ"الدستور"، أنه تم البدء في أعمال صيانة طابية عرابي لإزالة الصدأ عنها وإخراج جسدها الأصلي وخاصة بعد العثور على قطع وعملات أثرية في محيط مكانها على شاطئ البحر الأبيض المتوسط ببلطيم، وأنها ستكون مزارًا سياحيًا خلال الفترة المقبلة، كما أن فنار البرلس هو الآخر مدرج في عملية التطوير قبل انهياره، وهناك مقترح بجعله مثل برج القاهرة، حيث يصعد إليه الزوار لالتقاط الصور التذكارية ورؤية بلطيم والبحر بصورة أوضح.

وأوضحت أنه فيما يخص الآثار الملكية فإن المحطة الملكية للملك فاروق في طريقها للتطوير ووعد اللواء جمال نورالدين محافظ كفر الشيخ، بذلك في أقرب وقت، وهناك مقترح بتحويلها إلى مكتبة عامة مع الحفاظ على أثريتها، وقصر الملك فؤاد الذي تم تحويله لمعهد خدمة اجتماعية هو بالفعل في خطر شبح الانهيار نتيجة عدم ترميمه من قبل المعهد، وحدثت مخاطبة للمعهد لكنهم رفضوا بحجة عدم توفير إمكانيات مادية.

واختتمت سلوى الراعي، حديثها مؤكدة إن المتحف الإقليمي للمحافظة سيتم افتتاحه في شهر يونيو المقبل وسيضم كافة آثار المحافظة وهو من شأنه الحفاظ عليها من السرقة والإهمال، وهو بادرة الأمل جديدة بالنسبة للمحافظة.