رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مجموعة تطوعية على «فيسبوك» لحل أزمة المواصلات

توصيلة
توصيلة

"اعمل خير هيتردلك خير".. تحت هذا الشعار اجتمع عدد من الشباب لاقتراح فكرة تطوعية جديدة بهدف حل أزمة المواصلات، التي يعاني منها العديد من الأشخاص، منهم من يتأخر عن مواعيد عمله، ومنهم من يملك سيارة خاصة به لكنه يشعر بالملل الدائم أثناء رحلته اليومية في زحام الشارع.

البداية كانت حين قرر محمد قشطة، الشاب الثلاثيني، وأحد قاطني منطقة الهرم، تأسيس جروب خاص به هو وأصدقائه على "فيسبوك" تحت عنوان "توصيلة" في عام 2017، لتسهيل عملية الانتقال بينهم بشكل يومي، بهدف تطوعي دون أي مقابل.

فالشخص الذي يملك منهم سيارة يكتب منشورا عن مساره اليومي، فإذا توافق هذا المسار مع أحد الأشخاص يقوم بالرد عليه ليستقلوا السيارة سويًا صباح اليوم التالي، وإذا أراد أحد الأشخاص الذين لا يملكون سيارة التوجه إلى مكان معين يكتب خريطة طريقه على الجروب، ليقوم شخص آخر سوف يسلك ذات الطريق بالرد عليه للاتفاق على السير سويًا.


"في ناس كتير معاها عربيات بتزهق من كتر ما بيعملوا مشاويرهم لوحدهم، وفي ناس أكتر مش معاها عربيات وبيطلع عنيها في المواصلات"، بدأ قشطة، حديثه لـ"الدستور" موضحًا فكرة الجروب الذي قام بتأسيسه منذ 3 أعوام، والذي كان مقتصر في البداية على مجموعة من أصدقائه فقط، لكن مع مرور الوقت استطاع تطوير الفكرة وأصبح هناك أكثر 20 ألف عضو.

"لو معاك عربية اكتب هتتحرك منين لفين، وشوف لو حد مش معاه عربية ممكن تاخده فطريقك" بتلك الكلمات أشار قشطة، إلى الطريقة التنظيمية المتبعة بين أعضاء جروب "توصيلة" في الاتفاق سويًا بشكل يومي على الانتقال إلى الأماكن المتجهين إليها، بعيدًا عن التعرض لمعاناة المواصلات، أو الشعور بالملل في السير وحدهم.

وتطورت الفكرة تلقائيًا وامتدت لأكثر من 20 ألف عضو، لذا كان يجب وضع شروط وأساسيات للتحكم في الأمر بشكل سليم، ما دفع مؤسس الجروب للاستعانة بأشخاص آخرين ليكونوا مسئولين معه عن التنسيق بين الأعضاء، والتأكد من مدى سلامة وأمان رحلتهم.

وعن وسائل الأمان، يقول "قشطة" أن التنسيق على "توصيلة" يكون من خلاله فقط أو من خلال الأشخاص المسئولين معه، فعندما يتفق بعض الأشخاص على استقلال سيارة ما للسير سويًا، يتدخل مؤسسو الجروب على الفور لطلب بياناتهم الشخصية وصورة من رخصة السيارة، بالإضافة إلى تصفح الحساب الشخصي التابع لهم، لتكون تلك هي عوامل الاطمئنان والسلامة لدى الأعضاء على الجروب.
لم تقتصر مهمة جروب "توصيلة" على مساعدة الأعضاء في السير للأماكن المتجهين إليها فقط، بل امتد العطاء والخير فيه إلى مساعدة الأشخاص المقبلين على الزواج، فكان أقرب مثال شاب طلب سيارة تقله في زفافه بمدينة الإسكندرية، وعلى الفور بادر عدد كبير من أعضاء الجروب للمشاركة في زفاف الشاب.

العلاقات الشخصية الناجحة كانت أبرز الآثار الإيجابية التي نتجت عن تأسيس الجروب، وهذا ما أكده بعض المتطوعين خلال حديثنا معهم في السطور التالية من التقرير، فمنهم من تعرف على فتاة أثناء رحلتهما سويًا، وانتهت قصتهما بالزواج، ولم تكن تلك قصة الزواج الوحيدة التي عقدت من خلال الجروب.

اختتم "قشطة" حديثه معبرًا عن مدى سعادته بالفكرة التي تطورت أمام عينيه يومًا تلو الآخر، والثقة التي استطاع توفيرها بين أعضاء الجروب، معلقًا باختصار عن رأيه الشخصي "كلنا بنركب مع ناس منعرفهاش كتير سواء تاكسي أو أوبر وكريم، هنا على الأقل هتكون عارف الشخص من بروفايله، وهيتم التواصل من على الجروب".



تواصلنا أيضًا مع أحد الأشخاص الذين تطوعوا بسيارتهم الخاصة لتقديم المساعدة الدورية لأعضاء جروب "توصيلة"، في التحرك سويًا صباح كل يوم، وقال خالد علي، من محافظة القاهرة، إنه كرر الأمر عدة مرات من خلال التواصل على الجروب "لو حد نازل في طريقي ايه المشكلة لو ركب معايا، منها بنعمل خير وبنحل أزمة التكدس في المواصلات".

"جروب توصيلة يساهم بشكل مباشر في حل أزمة التكدس المروري"، أوضح الشاب رأيه الشخصي عن الفكرة قائلًا أنها تساعد على تقديم المساعدة للأشخاص الذين لا يعرفون بعضهم، منوهًا بأن الفتيات كان ينتابهن شعور بالقلق في بداية الأمر كونهم سيستقلون سيارات أشخاص لا يعرفونهم، لكن مع مرور الوقت استطاعوا كسب ثقة الجروب وأصبح الأمر شيء طبيعي.

يقترح "خالد" في ختام حديثه مع "الدستور"، فكرة لتطوير جروب "توصيلة" بتأسيس تطبيق إلكتروني مدعوم من الدولة يكون له شركة أو أشخاص قائمين عليه، يستطيعون من خلاله تنفيذ العديد من الأفكار التي تساعد على حل أزمة المواصلات، وتقديم يد العون.
سلمى سعيد، هي إحدى الفتيات اللاتي استفدن من تجربة المشاركة في جروب "توصيلة"، تحكي لـ"الدستور"، تجربتها التي خاضتها دون أي شعور بالقلق تجاه الأمر، قائلة: "توصيلة بالنسبالي مش جروب عادي هو عيلة وأهل، بيخدم الناس بدون مقابل".

"قواعد الجروب والأمان المتوفر به جعلني اطمئن للمشاركة أكثر من مرة"، توجه الفتاة شكرها لمؤسسي الجروب الذين استطاعوا توفير جميع السبل الممكنة لنجاح الفكرة، فهم على قدر كافي من المسئولية، أما عن أعضاء الجروب "مش هشوف خير زي اللي شوفته هنا، الناس مقتصرتش على التوصيل بس دا بينزلوا يتبرعوا بالدم لأهل الأعضاء".