رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل تعود حصة الموسيقى بمدارسنا للقضاء على المهرجانات؟

الموسيقى
الموسيقى

لم تعد حصص الموسيقي مفعلة داخل المدارس، لم يجتهد مسئولو التعليم في بناء تلك الأسس التراثية بلوّنها الغنائيّ، فأُذن طلاب المدارس الحكومية، باتت تبعد كثيًار عن أصول الطرب وروعة الموسيقى التي قدمها كبار الملحنين، فقد كان نشاط التربية الموسيقية يحظى باهتمام بالغ، إلّا أنّها الأن أصبحت عبارة عن تسجيلات يتم إلقاءها بطريقة صوتية مُسجله على فلاشات، وباتت بعيدة عن جدران المدارس.

لماذا انعدمت التربية الموسيقية داخل المدارس الحكومية؟، لماذا يعتمدّ التعليم فكرة الانتهاء وعدم الرجوع مرة أخرى؟، كيف يُمكن تفتيت ما يُسمى المهرجانات إلى بُقع ونقوط غير معلومة عندما ترجع الحصص الموسيقية مرةً أخرى؟.."الدستور" تجيب عن هذه الأسئلة، بعد مطالبات شريحة كبيرة في المجتمع بإسقاط "المهرجانات"، وإعادة النظر في الهدف من مادة التربية الموسيقية داخل المدارس.

قبل أيّام تقدم جون طلعت، عضو مجلس النواب، بطلب مناقشة عامة لرئيس مجلس الوزراء، وزير التربية والتعليم، بشأن سياسة الحكومة تجاه ما يُسمى "فوضى المهرجانات" التي انتشرت مؤخرًا بالشارع، دورها في الانحدار الفني والأخلاقي وتزييف الوعي ونشر القبح وإفساد الذوق العام، وضرورة إعادة الهيبة لحصة الموسيقى بالمدارس؛ باعتبارها المكون الرئيسي للذوق العام لدى الأجيال المقبلة.

وتضمن الطلب أن الشارع المصري شهد خلال الفترة الأخيرة تزايد وانتشار ظاهرة "المهرجانات" من قبل عدد يطلقون زعمًا على أنفسهم "فنانين"، من خلال أغان يتم تصنيعها "تحت بير السلم"، متضمنة "كلمات مبتذلة" وليست لها علاقة بالشعر أو الغناء، تتناول ألفاظًا خارجة وإيحاءات وتحض على الفحش ونشر الرذيلة في المجتمع، وهو الأمر الذي يتطلب سياسة محددة من الحكومة تجاه هذه الفوضى ومواجهتها بشكل حاسم ورادع.

وأكد جون- في الطلب أيضا- أن التربية والتعليم عليها دور في مواجهة هذه الفوضى، ولا بد أن تكون لديها رؤية واضحة من خلال إعادة هيبة الموسيقى بمختلف المدارس، وأن تكون حصة معتمدة من جانب الوزارة بأنشطة مختلفة وفاعلة ومطبقة وليست شكلية فقط، وأن تكون محمسة للطلاب من أجل أن يتم تأسيسهم على الفن الراقي والموسيقى الراقية وتصحيح المفاهيم الخاطئة التي روجت بشأن هذه الفوضى.

ولفت عضو مجلس النواب، إلى أن مصر صاحبة الريادة في الموسيقى، والتي أخرجت مئات المطربين والفنانين كأمثال أم كلثوم وعبدالحليم، ومثل الفن القوة الناعمة لها، ومن ثم ليس من المنطقي أن تكون صورة الفن خلال هذه المرحلة وفق هذه الفوضى و"أغاني بير السلم"، والمهرجانات الشعبية المبتذلة.

يقول شحته إبراهيم، 36 عامًا، مدرس تربية موسيقية، بمحافظة كفر الشيخ، إنَّ المدارس أصبحت خاوية من تلك المعازف التراثية، وإنَّ مدرسي التربية الموسيقية لم تكُن لديهم إمكانية تدريس الحصص الموسيقية، لأنَّ المدارس أصبح لديها نقص كبير في الآلات، وضعف الإمكانيات المادية.

ويرى مدرس التربية الموسيقية أنَّه لا بد من تفعيل المادة وتوفير جميع الآلات الموسيقية واستعادة الفن الراقي مرةً أخرى، مشيرًا إلى أنَّ "المهرجانات" أصبحت تلوّث وبوادر ناقلة لإفساد العقول، مما يترتب عليه ضياع القيم الأخلاقية لدى أطفالنا وداخل بوتنا.

وأوضح إبراهيم، أنَّ معظم المدارس أصبحت تُحيى "طابور الصباح" بأغاني مُسجّلة وتشغيلها من خلال "المحمول"، مشيرًا إلى أنَّ هذه عادة تم تطبيقها منذُ سنوات، مما جعل المدارس في استغناء تام عن تدريس المادة الموسيقية، والتي هي فرع من فروع الرُقيّ والذوق العام.

ويقول معتز الصياد، 38 عامًا، مدرس تربية موسيقي، إنَّ المعامل الموسيقية داخل المدراس الحكومية تحتاج إلى تفعيل دورها مرة أخرى، إضافة إلى تدرب معلمي التربية الموسيقية على طُرق التدريس المثلي، رفع كفاءتهم، موضحًا أنَّ 90% من معلمي المادة لا يمتلكون خبرة كافية، ولم يجتازوا العزف على جميع ألوان الموسيقى.

وتابع الصياد، أنَّ بعض المدارس لا توجد بها غرفة موسيقية ؛ فهي عبارة عن شكليات، بالإضافة إلى معلمي المادة، فهم قليلون جدًّا وعددهم لا يكافئ الحد المطلوب

أما رمزي حسن، أحد مدرسي الموسيقى بمدرسة حكومية، فأكد على أهمية حصة الموسيقى في تربية جيل جديد على الحس الموسيقي والفن الهادف، معلقًا:" على أيامنا كنا بننتظر حصة الموسيقى من الأسبوع للأسبوع، من أجل الترفيه عن أنفسنا وروحنا، وكان محتوى الحصص بيختلف مع كل مرة، مرة العزف على الآلات المختلفة، ومرة الغناء وسماع الأغاني ذات الطرب الأصيل، ولكن لم يعد هذا يحدث الآن".

واستكمل "رمزي": جميع الطلبة انساقوا خلف الموضة الجديدة وهي المهرجانات، ولم يعد لديهم شغف وحب التعرف على الفن أو العزف أو ما شابه، مضيفًا أن الحس الموسيقي أو الفن الراقي لا يستطيع أحد إجبار شخص عليه، حتى وإن كانت المدرسة والمعلم يقومان بالدور الأمثل تجاه طلابه في حصص الموسيقى، فلطالما الطفل يسمع هذا الذوق من الأغاني أو ما يُسمى المهرجانات في كل مكان يذهب إليه، باتت حصة الموسيقى ليس لها أي فائدة.

شدد مدرس الموسيقى على أهمية دور المنزل حتى تتم تنشئة الطفل على الذوق الفني الرفيع، وعدم الانسياق والانغماس مع الأغاني بشكل كبير، فكلما كانت أسرة الطالب تميل إلى الفن الراقي والطرب الأصيل، بشكل تلقائي يعتاد الطفل على سماع تلك الأنواع، بل وسيصل الأمر به إلى رفض سماع أي نوع آخر من الأغاني يتسبب له في الإزعاج أو التلوث السمعي، وهذا هو المطلوب.

فيما أكدت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى، أن حصة التربية الموسيقية لا تزال موجودة في المدارس الحكومية بانتظام، ومفعلة مثل باقى الأنشطة الرياضية والفنية، ولها تواجد داخل جدول الحصص الأسبوعى، فضلًا عن التزام كل مدرسة ومدرسيها بتنظيم المسابقات في المجال الفني لتحفيز الطلبة في المراحل الختلفة من الابتدائي والإعدادي والثانوي خلال العام الدراسى.

كما تم تفعيل أدلة المعلم للتربية الموسيقية للمرحلة الابتدائية والثانوية وتنوع ألوان وفنون نشاط الحصة، مثل الغناء الجماعي أو العزف الجماعي، والغناء الفردى والعزف الفردى، هذا فضلًا عن بدء الوزارة فى تنمية الهوايات الموسيقية لدى التلاميذ وإعداد مسابقات العزف والغناء والفنون البيئية والفرق النحاسية لقرابة 10500 فى المرحلة الابتدائية.