رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«قبلة الحياة» للمصانع المتعثرة تبعث التفاؤل بين المستثمرين

هاني توفيق
هاني توفيق

أثلجت توجيات الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة اتخاذ الإجراءات الفورية لدعم الكيانات الاقتصادية المتعثرة وتمكنها من استعادة ممارسة نشاطها، صدور المصنعين وأعضاء جمعيات المستثمرين، متوقعين انفراجة فى جميع القطاعات إذ ما تم الانتهاء من ملف التعثر الذي طال عددًا من المصانع منذ عاد 2011 وحتى الآن، مطالبين بضرروة دراسة أسباب التعثر، خاصة أن هناك عدة عوامر أثرت في عمليات التعثر لوضع أولوية للقطاعات الاكثر الاستحقاقا، خاصة أن هناك أسباب تعثر بسبب إعادة هيكلة رأس المال وأخرى وبسبب التسويق وثالثة بسبب تراكم فوائد البنوك وارتفاع المواد الخام، الأمر الذي يساهم في تحديد أولويات ووضع درايات محددة لمستحقي دعم التعثر.

المصانع المتعثرة

هناك أكثر من 5184 مصنع متعثر منذ 2011 نتيجة الأحداث السياسية في ذلك الوقت والانفلات الأمني وما صاحبه من أعمال سرقة واعتداءات على المصانع ووقف عجلة الإنتاج، إضافة للوقفات الاحتجاجية من العاملين بالقطاعات المختلفة، الأمر الذي أهدر سمعة تلك الشركات والمصانع سواء بالسوق المحلي أو بفقدان الأسواق الخارجية وفرص التصدير؛ ما أدى إلى تسريح أعداد هائلة من العمالة، حتى صبح الكثير من اصحاب المصانع والمستثمرين يعانون من مشكلة كبيرة وهي ازمة تمويل المصانع المتعثرة إضافة إلى فرض الضرائب على المصانع المتوقفة.

كان للمستثمرين لقاءات كثيرة مع الحكومة ولكن دون حل، فالأيام السابقة شهد المستثمرون حالة من التفاؤل سادت مجتمع الأعمال بشأن أزمة المصانع المتعثرة، وذلك بعد اهتمام الرئيس بالمصانع المتعثرة، والأمر بحل جميع مشاكلها.


مبادرات سابقة

وأطلق مجلس الوزراء والبنك المركزي في ديسمبر 2019 مبادرة تقتضي تخصيص 100 مليار جنيه، تقدم من خلالها البنوك تسهيلات ائتمانية للمشروعات الصناعية المتوسطة والكبيرة التي تبلغ مبيعاتها مليار جنيه كحد أقصى سنويًا، تخصص لتمويل السلع الاستثمارية أو لتمويل رأس المال العامل، بسعر فائدة 10% متناقصة سنويًا، من خلال قروض طويلة الأجل أو قصيرة الأجل على حسب الاحتياجات، ستكون فيها الأولوية للصناعات البديلة للواردات أو الصناعات التصديرية.

من جهتهم، التقى المستثمرون بطارق عامر محافظ البنك المركزي مرتين، الأولى منذ شهر بعد إطلاق المبادرة لبحث ومناقضة سبل تدعيم المبادرة وتم الاتفاق على إنشاء لجنة مشتركة بين الاتحاد والبنك المركزي لمتابعة تنفيذ المبادرة والعمل على حل مشاكل المصانع المتعثرة، والمرة الثانية الأحد الماضي، لحل أزمة المصانع المتعثرة وأزمة تمويل البنوك.

اتحاد المستثمرين

وقال الدكتور سميرعارف، عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين، رئيس جمعية مستثمري العاشر من رمضان، إن اللقاء مع طارق عامر محافظ البنك المركزي كان مثمرا ومرضيا لجميع المستثمرين، مؤكدًا أن محافظ البنك المركزي يوميًا يجتمع مع 14 شركة لبحث أزماتهم التمويلية مع البنوك.

وأكد عارف لـ"الدستور"، أن محافظ البنك المركزي وعد المستثمرين أن يوصل أصواتهم ومطالبهم إلى القيادة السياسية، ومن ضمن مطالب المستثمرين، في أثناء اجتماعهم معه، هو تخفيض اسعار الغاز إلى المصانع، خاصة التي تعمل في تصنيع السيراميك والحديد ومواد البناء، حتى تستطيع المنافسة بالأسواق الخارجية.

وتابع عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين، أن المرحلة الثانية لمبادرة دعم المصانع المتعثرة ستصل إلى حل مشكلة 2000 مصنع متعثر، لافتًا أن تلك المصانع تعمل في جميع القطاعات، ولكن أغلبها يعمل في مواد البناء، والملابس الجاهزة، وصناعة الأخشاب والأثاث.

من ناحيته، قال علي حمزة، عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين، إن محافظ البنك المركزي وعدهم باستمرار مبادرة الـ5%، والعمل على حل جميع مشاكل المستثمرين سواء كانت تمويلية أو مشاكل أخرى، وتوصيل مطالبهم إلى القيادة السياسية العليا.

وأضاف حمزة، أن مشاكل المستثمرين ليست متعلقة بالتمويل فقط، فنحن نعاني من ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء إلى المصانع، إضافة لفرض الضرائب على المتوقفة التي سببت الكثير من الأعباء على المستثمر.

في سياق متصل، أضاف خميس شعبان، الأمين العام للاتحاد المصري لجميعات المستثمرين، أنه تم الاتفاق مع طارق عامر محافظ البنك المركزي بتفعيل لجنة مشتركة بين الاتحاد والمركزي، من الأسبوع المقبل، لبحث سبل تسهيل الإجراءات على المستثمرين والعمل على حل مشاكلهم، مشيرًا إلى أن محافظ البنك المركزي أصدر قرارًا بأن لا تأخذ البنوك ضمانات أو شيكات للتسهيلات والاكتفاء بالحصول على السندات فقط.

وأضاف الأمين العام للاتحاد المصري لجميعات المستثمرين: "أعضاء مجلس إدارة الاتحاد فوجئوا أثناء اجتماعهم مع محافظ البنك المركزي بسيل من التسهيلات تفوق سقف توقعاتهم، على رأسها تعديل مهلة المصانع المتعثرة أو التي في طريقها للتعثر بحيث يسدد 20% في موعد غايته 30 يونيو 2020، والمتبقي من نسبة الـ 50% فى موعد غايته نهاية ديسمبر2020".

وتابع أن البنك المركزي سيحذف بعد ذلك المستثمرين من القوائم السلبية لديه ولدى الشركة المصرية للاستعلام الائتماني، وعدم سريان حظر التعامل فيما يخص هذه المديونية، إضافة إلى التنازل عن جميع القضايا المتداولة والمتبادلة لدى المحاكم فور الاتفاق على السداد.

واشتملت تعليمات البنك المركزي للبنوك المحلية أيضا على ضرورة إجراء الدراسة الائتمانية وجدارة المشروع، بحيث يكون الاعتماد على إيرادات المشروع كمصدر لسداد المديونية وتفادي الإفراط في الحصول على كفالات شخصية وضمانات من العملاء، وأن لا تقوم البنوك بالحصول على شيكات كضمانات للتسهيلات أو ضمانات تكافلية والاكتفاء بالحصول على السندات الأذنية، وعدم اللجود إلى القضاء إلا في حالة ثبوت عمليات تحايل من قبل العملاء فقط.

وقال الدكتور محمد سعد الدين، نائب رئيس الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين، رئيس لجنة الطاقة باتحاد الصناعات المصرية، إن مطالب المستثمرين لم تقتصر على تمويل المصانع المتعثرة فقط، وإنما كان لنا مطلب أخر وهو ضرورة توحيد الدولة لسعر الغاز لكافة المصانع والشركات وتوجيه الدعم على الإنتاج والتصدير فقط، منعًا لوجود أي تلاعب وخلق أسواق موازية.

وأضاف، أن السياسات الجديدة لطارق عامر محافظ البنك المركزي في ملف الصناعة ستحقق طفرة غير مسبوقة في الإنتاج المحلي خلال السنوات المقبلة، موضحًا أن أغلب التحديات التي كانت تواجه الصناع في مصر في ملف السياسات النقدية أصبحت عبارة عن تسهيلات وحوافز ائتمانية تتمتع بها كافة القطاعات الصناعية لتخفيف الأعباء عن كاهل المستثمرين لتسهيل عملية الإنتاج وتحريك السوق.

وأكد نائب رئيس الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين، أن البنك المركزي نجح حتى الآن في حل أكثر من مشاكل 16 مصنع متعثر ضمن المرحلة الثانية من مبادرة المصانع المتعثرة التي تتجاوز 10 ملايين جنيه، والتي عقد الاجتماع الأول لها الأسبوع الماضي، في إشارة إيجابية تعكس حرص وجدية البنك المركزي لحل أزمة المصنعين المتعثرين.


وأشار إلى أنه تم خلال الاجتماع الاتفاق على اتخاذ مجموعة من القرارات الهامة، وهي وقف جميع الإجراءات القضائية المتخذة من قبل البنوك ضد المصانع بشكل فوري، ودراسة كافة المشاكل ضمن المرحلة الثانية حالة بحالة، في سلسلة من الاجتماعات يحضرها عدد من ممثلين البنوك والشركات وممثل عن الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين، لبحث سبل السداد، على أن يتم مراعاة أن تناسب طرق السداد الشركات الصناعية.

خبراء اقتصاد

وقال هاني توفيق، الخبير الاقتصادي ورئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر، إن اتجاه الدولة نحو إنقاذ المصانع المتعثرة أمر في غاية الأهمية، لكنه يحتاج إلى دراسة مستفيضة للوقوف على أسباب التعثر، خاصة أن هناك عدة مصانع لديها أزمات في التسويق، والذي يعد سببا مباشرا لتعثرها، موضحا أن عوامل التعثر لدى المصانع المختلفة متعددة، فمنها ما يحتاج إلى إعادة في هيكلة رأس المال، وأخر بسبب أزمات مالية وفوائد متراكمة لدى البنوك، مشيرًا إلى أن دراسة أسباب التعثر ستكون عادلة، خاصة أن بعض المصانع التزمت بما تم وضعه من قواعد لإدارة التعثر من قبل شركة مصر لإدارة المخاطر، كان يتولى توفيق رئاستها منذ 3 سنوات، والتي أسندت إليها مهمة تحديد معايير التعثر وكيفية إدارة أزماتها.


ولفت توفيق إلى أن المصانع المتعثرة تعمل في أغلبية القطاعات المختلفة سواء الغذائية أو الصناعية، مطالبا بضرورة عدم المساواه بين الشركات والمصانع المتعثرة فى عمليات التمويل.

مصنّعون

أشاد الدكتور كمال الدسوقي، عضو مجلس الأعمال المصري المغربي، عضو غرفة مواد البناء باتحاد الصناعات بقرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن اتخاذ إجراءات فورية تدعم الكيانات الاقتصادية وتمكنهم من استعادة ممارسة نشاطهم مرة أخرى.

وأضاف الدسوقي لـ«الدستور»، أن يعتبر خطوه ممتازة ودائمًا ما يتوقع المصنعين من الرئيس اتخاذ قرارات تدعم الصناعة والتجارة في مصر.

وتابع أن قرار الرئيس السيسي بدعم المصانع والكيانات المتعثرة بسبب الانفلات الأمني الذي حدث في 2011 يعتبر دفعة قوية للصناعة، وسيساعد كثير من المصانع المتوقفة والمتعثرة وغير القادرة على حل مشاكلها والعودة للقطاع مره اخري مما سيساهم في عمل نقلة نوعية بالقطاع بشكل عام، ويعتبر ضمن مبادرات الرئيس لتزليل العقبات.

وأشار إلى أن الأجهزة التي تعمل من الحكومة لا تصل إلى مستوى وسرعة أداء الرئيس عبد الفتاح السيسي في حل أزمات الصناعة، ومازال هناك نوع من البيروقراطية يؤثر على القطاع الخاص، لافتا إلى أن هذا القرار سيحل أزمة البطالة وسيوفر فرص عمل جديدة، ويساهم في تقليل معدلات الجريمة.

من ناحيته، أشاد متى بشاي، عضو الغرف التجارية، بقرار رئيس الجمهورية بشأن التدخل في دعم المصانع المتعثرة والعمل على حلها، مشيرا إلى أن كثير من المصانع قامت بالفعل بالتواصل مع البنك المركزي وتم التواصل للعمل على حل مشكلة كل مصنع بحسب ما إذا كانت تمويل او خلافه.

وأضاف بشاي لـ"الدستور"، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يعطي اهتماما خاصا بالصناعة المصرية ويسعى للنهوض بالقطاع، ويعمل على حل المشاكل بشكل سريع، لافتًا إلى أن القرار سيعمل على تشجيع الاستثمار في مصر وكذلك توفير فرص عمل وإعادة جدولة للقطاع بشكل عام.

ولفت إلى أن تدخل البنك المركزي والبنوك يعتبر خطوه جيدة وفعلية تطمئن المصنعين بأن القرار سيتم تنفيذه بشكل سريع.

كان السفير بسام راضي المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، أعلن عن لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي أمس الأول لوزراء المجموعة الاقتصادية لدراسة حالات وأوضاع المصانع المتعثرة، والتي تضررت من أحداث الإنفلات الأمني في 2011 وما تلاها من توقف عن الإنتاج وتسريح العمالة بها وتعرضها لخسائر اقتصادية وأزمات مالية.

ووجه الرئيس في هذا السياق، باتخاذ الإجراءات الفورية التي تدعم تلك الكيانات الاقتصادية وتمكنهم من استعادة ممارسة نشاطهم، بما في ذلك الاتفاق مع البنوك لإعادة تشغيل المصانع المتوقفة بكامل طاقتها وتوفير التمويل اللازم لمستلزمات الإنتاج من خلال مبادرات البنك المركزي المختلفة ذات الفائدة المنخفضة على الإقراض، إضافة لرفع الإجراءات الحكومية التي كانت ضد تلك الشركات وتخفيف الأعباء البنكية عليها.

وأكد شريف الجبلي، رئيس شعبة العامة للمصدرين، بالغرف التجارية، ورئيس غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات إن قرار رئيس الجمهورية بدعم المصانع واتخاذ الإجراءات الفورية لتوفير التمويل اللازم لدعم المصانع المتعثرة يعتبر قرار صائب.


وأضاف الجبلي، في تصريحات لـ"الدستور"، أن تنفيذ القرار يتطلب آلية واضحه وقوية يشترك فيها البنك المركزي والغرف الصناعية باتحاد الصناعات بشكل عام وتقدم الغرف الصناعية حاليا دراسة كاملة عن المصانع التي توجد بها تعثر من 2011 مثلما صرح الرئيس عبد الفتاح السيسي.

ولفت إلى أن منظومة العمل إذا تكونت من البنك المركزي والبنوك بشكل عام واتحاد الصناعات سوف يتم نجاح القرار.