رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«تبغ مغشوش».. «الدستور» تحقق في عودة انتشار السجائر الصيني

سجائر
سجائر

على مدار السنوات الأخيرة، وتحديدا بداية من 2013، ظهرت في الشارع المصري أنواع من السجائر المغشوشة عرفت بـ"الصينية"، لاقت رواجا كبيرا نظرا لبيعها بأسعار منخفضة، الناتج عن إدخالها البلاد عن طريق تهريبها من الموانئ دون دفع الجمارك المستحقة، ما أدى لأن تجد طريقها إلى أصحاب الميزانيات الضئيلة بسرعة، والذين باتوا يتعاطونها بشراهة، دون الإلمام بأضرارها الكبيرة على الرئة.

كانت بداية ظهور السجائر الصيني في مصر لأول مره عام 2013، قبل أن يضيق الخناق على تجارها عام 2015 وتكاد تكون قد اختفت تماما، قبل أن تعاود الظهور مرة أخرى في الشوارع والأسواق، ويتهاتف على شرائها تجار التجزئة ومنها للشباب.

"الدستور" أجرت جولة في شارع "باب البحر" الذي يكثر فيه تواجد تجار جملة السجائر الصيني، وظهرت بكل أنواعها وأشهرها "ماليمبو" و"مانشستر" و"بلاتين"، في عدد من المحلات التي تبيعها، وأول من تصادفنا معه علي عوف، أحد تجار السجائر بالجملة، والذي أوضح أن سعر "خرطوشة السجائر الصيني" يتراوح ما بين 100 لـ 120 جنيها، يشترونها من مصدرها ويضعون نسبتهم من الأرباح وهكذا كل واحد حتى تصل للمستهلك.

جلال شريف (اسم مستعار)، بائع جملة أربعيني يقطن في شارع "باب البحر"، أخبرنا مفاجأة غير متوقعة، وهي أن الأمر لا يقتصر على السجائر الصينية فقط، لكنها شعبية أردأ من العادية، من الكوري والياباني، لكن تسمى جزافا بـ"السجائر الصينية"، واختلف معه زميله خالد خولي (اسم مستعار)، وقال إن كثيرا منها صيني المنشأ ولكنه تقليد للماركات الكورية واليابانية عالية السعر.

إسماعيل خالد، صاحب أحد أكشاك بيع السجائر المنتشرة، نفى تعامله في السجائر الصينية، ولكنه لاحظ زيادة الطلب عليها من الجمهور خاصة ممن تتضح عليهم ملامح الفقر، مضيفا أنه لا يتاجر بأي نوع "مشبوه" منها خوفا من المساءلة القانونية، على حد قوله، واصفا إياها بالمنتجات الشعبية ذات "السمعة السيئة"، أيده زميله سيد عبدالغني، صاحب كشك آخر، مشيرا إلى أن السجائر الصينية غالبا ما تكون موجودة في المناطق العشوائية، أو الأكشاك المترامية على حواف الطرق الرئيسية، بعيدا عن المراقبة القانونية.

عبدالرحمن عيد، شاب في بدايات العشرين من العمر، قال لـ"الدستور"، إنه يشرب هذه السجائر من نوع "بلاك"، لجأ إليها بسبب الظروف المادية، قبل أن يلاحظ معاناته من أوجاع بالصدر وسعال.

أخطار السجائر الصينية

في دراسة أجراها المركز القومي للبحوث بخصوص السجائر المهربة في السوق المحلية، كشفت في دورية مكافحة التبغ، أن السجائر المهربة بالسوق المحلية تحتوي على 24 مركبا مجهولا تم التعرف على 11 منها بنسب تأكيدية عالية.

وأرسل المركز خطابا لشركة "الشرقية للدخان" طبقا لتعاقد أبرم بينهما، قالت فيه إن أحد مكونات السجائر ومشتقاتها ضار، ويؤدي لتلف الحمض النووي (دي إن إيه) وهو ما يسبب طفرات تؤدي لانقسام الخلايا، وتكوين أمراض سرطانية بجسم الإنسان.

وأشارت الرسالة إلى التعرف على مركب آخر يحمل تأثيرًا ضارًا على سلوك الجهاز العصبي، مضيفًة أن العينات التي تم تجميعها من الإنتاج المحلي، وجد أن المركبات المجهولة في مستخلصها غير مدرجة ضمن المركبات المسرطنة، طبقا لما جاء بالدراسات التى تمت في الوكالة الدولية لبحوث السرطان بفرنسا.

خالد طلبة، أخصائي صدر وحساسية، قال إن التدخين ضار بالصحة، وهذا الضرر يتضاعف في حالة كون التبغ مغشوشا، مضيفًا أن المواد السامة التي تدخل الرئة جراء السجائر المغشوشة والصينية تتسبب تدريجيا في قلة كفاءة الرئة، وثبت علميا أن حجرات الرئة تتضرر لدى المدخنين وتقل وظائفها، مما يؤدي في النهاية لالتهاب الشعب الهوائية أو السرطان، وغيرها من المضاعفات، وحتى الوفاة.

وطبقا لما أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأحدث الدراسات الخاصة بالتدخين، فإن نسبة الأفراد الذين يدخنون حاليًا أي منتج من منتجات التبغ المصنع بلغت نحو 22.7%، وتتراواح أعمارهم ما بين (15- 69 سنة).

وطبقا للأرقام الصادرة عن مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، فقد بلغ استهلاك المصريين للسجائر خلال العام 2017-2018 حوالي 83 مليار سيجارة، تقدر تكلفتها بـ73 مليار جنيه.