رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الدستور» تنشر مسودة «مؤتمر برلين حول ليبيا» قبل عقده

مؤتمر برلين
مؤتمر برلين

تستضيف ألمانيا مؤتمر برلين بشأن ليبيا، بعد أيام من فشل اجتماع موسكو لتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار بين المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطنى الليبى، وفايز السراج، رئيس ما يسمى «حكومة الوفاق».
وأعلنت برلين قائمة المشاركين فى المؤتمر، وهم أعضاء مجلس الأمن الدائمون: الولايات المتحدة، وروسيا، وفرنسا، وبريطانيا، والصين، بجانب كل من مصر، والإمارات، والجزائر، وتركيا، وإيطاليا، والكونغو.
وكان من المخطط ألا يشارك أى من الأطراف الليبية فى المؤتمر، لكن وزير الخارجية الألمانى هايكو ماس التقى «حفتر» فى مقر القوات المسلحة ببنغازى، الخميس الماضى، ووجه له دعوة لحضور المؤتمر وقبلها، مع حضور «السراج» كذلك.
وسيكون لبعض المنظمات الدولية ممثلون فى المؤتمر، على رأسها الأمم المتحدة عبر بعثتها إلى ليبيا برئاسة غسان سلامة، بجانب ممثلين للاتحاد الإفريقى، والجامعة العربية، والاتحاد الأوروبى.
واعترضت تونس بشدة على عدم دعوتها لحضور المؤتمر، وعبر أحمد شفرة، السفير التونسى لدى ألمانيا، عن «استغراب كبير» جراء إقصاء تونس من المؤتمر، فيما سعى «أردوغان» إلى الزج بقطر فى المؤتمر لدعم موقفه، لكنّ كثيرين رفضوا حضورها.
وكذلك أعرب رئيس الوزراء اليونانى، كيرياكوس ميتسوتاكيس، خلال اتصال هاتفى مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أمس، عن استيائه من عدم دعوة اليونان، لحضور المؤتمر، متعهدًا بالاعتراض على أى حل بشأن ليبيا إذا لم يتم إلغاء اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين «حكومة الوفاق» الليبية وتركيا، حسبما نقلت صحيفة «كاثيميرينى» اليونانية.
ومن المقرر أن يبحث المؤتمر العديد من النقاط الجوهرية، على رأسها التوصل إلى اتفاق لـ«تثبيت» وقف إطلاق النار فى المناطق الليبية كافة، خاصة بعد فشل مؤتمر موسكو فى هذا الأمر، بجانب بحث العدوان التركى على ليبيا، وإرسال أنقرة ميليشيات إرهابية إلى هناك، فضلًا عن مذكرات التفاهم غير الشرعية التى وقعها «أردوغان» مع فائز السراج، نهاية نوفمبر الماضى، وتتيح له التدخل عسكريًا فى ليبيا، وترسيم الحدود البحرية بين الدولتين بشكل غير قانونى.
وكشف رئيس الوزراء الإيطالى جوزيبى كونتى، خلال زيارته الجزائر، الخميس الماضى، عن بحث احتمال نشر قوات أوروبية لدعم السلام فى ليبيا، مشيرًا إلى أنها مدرجة على أجندة «مؤتمر برلين».
ونشرت وسائل إعلام ألمانية مسودة بنود «مؤتمر برلين»، التى لم يتم التوافق عليها حتى الآن، فى ظل خلافات بين بعض المشاركين، وعدم وجود توافق على آليات الحل.
وذكرت مسودة المؤتمر أن «المشاركين سيؤكدون سيادة ليبيا ووحدتها الوطنية عبر دعم العملية السياسية والحل السياسى، ودعوة الجهات الدولية إلى الالتزام بالامتناع عن التدخل الخارجى فى البلاد»، كما تضمنت موافقة الدول المشاركة فى القمة على إنشاء مجلس رئاسى فاعل، وتشكيل حكومة وطنية واحدة معتمَدة من مجلس النواب.
وشددت على أن «الصراع لا يزال فى ليبيا، والتدخلات الخارجية والانقسامات المؤسسية وانتشار كمية هائلة من الأسلحة غير الخاضعة للرقابة والاقتصاد القائم على الافتراس والنهب- تشكل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين، من خلال توفير أسباب خصبة للمهربين والجماعات المسلحة والمنظمات الإرهابية».
وأعلنت الدول المشاركة، وفقًا للمسودة المعلنة حتى الآن، التزامها بالامتناع عن التدخل فى النزاع المسلح أو فى الشئون الداخلية لليبيا، وحث جميع الجهات الدولية الفاعلة على أن تحذو حذوها، مشددة فى الوقت ذاته على استعادة الدولة الاستخدام المشروع للقوة وتأييد «إنشاء قوات الأمن الوطنى والقوات العسكرية الموحدة تحت سلطة مركزية فى ليبيا».
ودعت المسودة الأطراف الليبية إلى إقرار هدنة شاملة ودائمة، وإنهاء التحركات العسكرية فى ليبيا، واتخاذ تدابير لبناء الثقة وتبادل الأسرى والجثامين، مطالبة مجلس الأمن باتخاذ عقوبات ضد من ينتهكون وقف إطلاق النار، مشددة على أن عملية برلين هدفها الوحيد مساعدة الأمم المتحدة فى توحيد جهود المجتمع الدولى فى دعمهم لحل سلمى للأزمة الليبية، بعيدًا عن الحل العسكرى.
ودعت المسودة إلى نزع سلاح المجموعات المسلحة بإشراف الأمم المتحدة، ومطالبة الأطراف بالانفصال عن الجماعات الإرهابية المدرجة على قائمة الأمم المتحدة، إضافة إلى الدعوة إلى حظر السفر وتجميد الأموال للأطراف المرتبطة بالجماعات الإرهابية، وتأكيد التوزيع العادل للثروة بين المناطق الليبية.
من ناحية أخرى، يخشى كثيرون من فشل «مؤتمر برلين» على غرار اجتماع موسكو الذى رعته روسيا، الإثنين الماضى، لتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، بعد تمسك الجيش الليبى بمطالبه الرئيسية، وعلى رأسها نزع السلاح من الميليشيات والجماعات الإرهابية، وطرد الميليشيات الأجنبية وتركيا من ليبيا، الأمر الذى رفضه «السراج» متمسكًا بتعاونه مع «أردوغان» والجماعات الإرهابية.
وتعليقًا على هذا السيناريو، قال أولريك ديمر، نائبة المتحدث باسم الحكومة الألمانية، إن المؤتمر مهم لكنه مجرد بداية فقط، مشيرة إلى أنهم يأملون فى أن يشكل المؤتمر حجر الأساس على طريق الحل السياسى، لأن حل كل المشكلات التى تعانى منها ليبيا لا يمكن أن يتحقق خلال يوم واحد، وذلك فى تلميحات إلى عدم حدوث توافق على حل سياسى للأزمة.
وأضافت «ديمر»: «الحكومة الألمانية تريد من مؤتمر برلين التوصل إلى تفاهم دولى حول التصرف فى النزاع الليبى كخطوة أولى، لأن المؤتمر ليس نقطة نهاية، بل بداية عملية سياسية»، معتبرة أن «حل المشكلات الليبية لا يمكن أن يتم خلال يوم واحد»، وأن «هدف المؤتمر هو دعم مساعى الأمم المتحدة لحل الأزمة فى ليبيا سياسيًا».
من جهته، قال السفير الليبى السابق لدى السعودية، محمد القشاط، لـ«الدستور»، إن الغرب المجتمع فى مؤتمر برلين هو من خرب وهدم ليبيا عبر حلف شمال الأطنطى «ناتو»، الذى تدخل فى ليبيا عام ٢٠١١، والآن يجتمع الغرب لبحث الأمر بطريقته الخاصة ويسعى لـ«اقتسام كعكعة ليبيا».
وبشأن مشاركة المشير خليفة حفتر، قال «القشاط» إن الليبيين لا يشككون فى وطنية «حفتر»، فهو من الضباط الأحرار الذين شاركوا فى «ثورة الفاتح»، ومن الناس الذين تصدوا للعدوان على ليبيا.
وأضاف: «نجاح مؤتمر برلين يتوقف على تصرفات المشاركين فيه، فإذا وقفوا مع حرية وأمن ليبيا، ومنع تركيا من إرسال إرهابييها إلى البلاد، ودعم نزع السلاح من الميليشيات الإرهابية- فسيكون المؤتمر ناجحًا، وغير ذلك فإن الشعب الليبى سيرفض ما يأتى به المؤتمر، لأنه قادر على تحديد مصيره».
وتعليقًا على إعلان «أردوغان»، الخميس الماضى، إرسال قوات إضافية إلى ليبيا وبعث شركاته للتنقيب عن الغاز قبالة البلاد، قال «القشاط»: «هذا الأمر موجه ضد مصر واليونان وفلسطين ودول المنطقة العربية وليس ضد ليبيا فقط»، مشيرًا إلى أن «أردوغان» ينسق مع الغرب فى هذا الشأن باعتباره عضوًا فى «الناتو».
وشدد السفير الليبى السابق على أن الليبيين مستعدون لصد أى عدوان، حيث تم فتح مكاتب التطوع للقتال ضد العدوان التركى والجماعات الإرهابية، وتجمعت القبائل كلها للالتحام بالجيش الليبى، وسبق أن هزم الليبيون إيطاليا الاستعمارية فى أوج قوتها، واليوم قادرون على التصدى لتركيا وغيرها.
وطالب السفير الليبى السابق بأن يتصدى الغرب فعليًا لـ«أردوغان»، وليس إصدار بيانات ضد المجنون التركى الذى سبق أن ساعد الليبيون بلده وحزبه، واصفًا غدر «أردوغان» بليبيا بأنه «تجسيد لمقولة اتق شر من أحسنت إليه».
وشدد «القشاط» على أهمية التنسيق مع الدول الأخرى، معتبرًا أن زيارة المشير «حفتر» إلى اليونان، الخميس الماضى، تصب فى هذا الأمر، لأن التنسيق مطلوب مع اليونان ومصر وغيرهما، مشيرًا إلى أن الجماعات الإرهابية فى ليبيا خطر على مصر بشكل كبير، وكذلك باقى الدول العربية.
ورأى سفير ليبيا السابق لدى الرياض أن العدوان التركى والتدخل الأجنبى فى ليبيا وحّد الليبيين، «فرب ضارة نافعة»، لأن المجموعات المختلفة وحّدها عدوان «أردوغان».
واعتبر أن وقف إطلاق النار ليس فى صالح الجيش الليبى أو الليبيين، لأن هذا الأمر معناه السماح لـ«أردوغان» ببعث مرتزقته وتجهيز نفسه للعدوان على ليبيا، معتقدًا أنه «بعد مؤتمر برلين إن كانت نتائجه لصالح ليبيا ومنعت أردوغان من عدوانه على ليبيا ومنعه من بعث إرهابيه لليبيا فربما يستمر وقف إطلاق النار، لكن إن فشل هذا الأمر فيجب أن يستأنف الجيش الليبى عملياته ضد الإرهابيين».
وأشاد «القشاط» بالدور المصرى فى دعم ليبيا، قائلًا: «ما دام هناك أبطال مثل الشعب المصرى والرئيس عبدالفتاح السيسى داعمين لليبيا فسننتصر بإذن الله»، مختتمًا بأن «المصريين سند وإخوة لليبيين على مر العصور».