رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ذكرى وفاة سلطان العاشقين.. جلال الدين الرومي شاعر وعالم بفقه الحنفية

جلال الدين الرومي
جلال الدين الرومي

يصادف اليوم ذكرى وفاة سلطان العاشقين "جلال الدين الرومي" وهو محمد بن محمد بن حسين بهاء الدين البلخي، شاعر وعالم بفقه الحنفية والخلاف وأنواع العلوم، تصوف واخترع الطريقة المولوية، ولد في أفغانستان وانتقل مع أبيه إلى بغداد.

درس في المدرسة المستنصرية، ولم تطل إقامته هناك، فقد قام أبوه برحلة واسعة ومكث في بعض بلدان العالم أيام طويلة وهو معه، ثم استقر في مدينة قونية التركية، كانت عائلته تحظى بمصاهرة البيت الحاكم في "خوارزم" وكانت أمه "مؤمنة خاتون" ابنة خوارزم شاه علاء الدين محمد أستاذ علوم الدين والقانون.

عرف جلال الدين بالبراعة في الفقه وغيره من العلوم الإسلامية، وتولي التدريس بقونية في أربع مدارس، ترك التدريس بعد وفاة أبيه وتصوف عام 642 هـ، وانشغل بالرياضة وسماع الموسيقى وكتابة الأشعار وإنشادها.

كان الرومي يستعمل الموسيقى والشعر والذكر كسبيل أكيد للوصول إلى الله عز وجل، فالموسيقى الروحية بالنسبة له تساعد المريد على تعرف الله والتعلق به وحده لدرجة أن المريد يفنى ثم يعود إلى الواقع بشكل مختلف.

من هذا المنطلق تطورت فكرة الرقص الدائري التي وصلت إلى درجة الطقوس، وشجع الرومي على الإصغاء للموسيقى فيما سماه الصوفية السماع فيما يقوم الشخص بالدوران حول نفسه فعند المولويين الإنصات للموسيقى هي رحلة روحية تأخذ الإنسان في رحلة تصاعدية من خلال النفس والمحبة للوصول إلى الكمال، والرحلة تبدأ من الدوران التي تكبر المحبة في الإنسان فتخفت أنانيته ليجد الحق الطريق للوصول إلى الكمال، وحين يعود المريد إلى الواقع، يعود بنضوج أكبر ممتلئ بالمحبة، ليكون خادم لغيره من البشر دون تمييز أو مصلحة ذاتية.

تركت أشعاره ومؤلفاته الصوفية تأثير واسع في العالم الإسلامي وخاصة على الثقافة الفارسية والعربية والأردية والبنغالية والتركية، في عام 1244م وصل إلى مدينة قونية الشاعر الفارسي شمس الدين تبريزي، باحثا عن شخص يجد فيه خير الصحبة ووجد في الرومي ضالته، ولم يفترق الصاحبان منذ لقائهما حتى إن تقاربهما ظل دافع لحسد كثيرين على جلال الدين لاستئثاره بمحبة القطب الصوفي التبريزي، وفي عام 1248 م اغتيل التبريزي ولم يعرف قاتله ويقال إن شمس الدين التبريزي سمع طرقا على الباب وخرج ولم يعد منذ ذلك الحين.

حزن الرومي على موت التبريزي وأحبه حب عميق خلف وراءه أشعار وموسيقى ورقصات تحولت إلى ديوان سماه ديوان شمس الدين التبريزى أو الديوان الكبير، وحتى مماته كان الرومي يقدم المواعظ والمحاضرات إلى مريديه ومعارفه وللمجتمع، ووضع معظم أفكاره في كتب بطلب من مريديه.

توفي عام 1273 م، ودفن في مدينة قونية، وحمل نعشه أشخاص من ملل خمسة، إلى قبر بجانب قبر والده وسمى أتباعه هذه الليلة بالعرس وما زالوا يحتفلون بهذه الليلة حتى الآن، وأصبح مدفنه مزارا سياحيا، وبعد مماته قام أتباعه وابنه "سلطان" بتأسيس الطريقة المولوية الصوفية واشتهرت بدراويشها ورقصتهم الروحية الدائرية التي عرفت بالسماح والرقصة المميزة.

بعد وفاة الرومي حول ابنه سلطان ولد تعاليم أبيه إلى سلوك للمريد، وعُرف بالطريقة المولوية، وانتشرت هذه الطريقة في مختلف أصقاع العالم الإسلامي، ولقيتْ صدًى واسعًا في العالم الغربي في العصر الحديث.