رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العودة للعب والقصص.. مبادرات تحارب تعلق الأطفال بـ"التابلت"

جريدة الدستور

في السنوات الأخيرة، صار تعلق الأطفال الصغار بالهواتف المحمولة والتابلت شديدًا وملفتًا، ربما يرجع ذلك لتوفر الألعاب المسلية أو مواقع التواصل الاجتماعي، لكن مجموعة من المبادرات وضعت الطفل ومستقبله نصب أعينها، فسعت من خلال برامجها إلى إكساب الصغار بعض القيم، بالإضافة إلى الفنون المتنوعة، وتعلم العلوم، من هنا التقت «الدستور» بمبادرات تقود الأطفال إلى اكتشاف ذواتهم وتنمية قدراتهم بعيدًا عن العالم الافتراضى.

مبادرة " شغف للعلوم"


لدى الكثير من الأطفال شغف العلوم وممارسة التجارب المعملية وحب ارتداء البالطو الأبيض والقفازات، وكيفية علاج الأدوية لجزء معين من الجسم والاستمتاع برؤية الكائنات الدقيقة والميكروبات تحت الميكروسكوب، وغيرها من الأمور التي تأخذهم لعالم خاص يحبونه، هؤلاء الأطفال يجتمعون في مبادرة أطلقها خريجو وطلاب كلية الصيدلة، دفعهم حبهم لما يدرسوه أن ينقلوا هذا الشغف للأطفال وخلق ألعاب مشوقة من العلوم لهم.

وقالت ألفت علي، المسؤلة الإعلامية عن المبادرة، إن الأطفال لا يستجيبون لأوامر من نوعية يجب عليك أن تغسل يديك، أو عليك تغطية الطعام مع تقديم مبررات لا يفهمها الطفل، لذا استطعنا داخل المبادرة أن يتمكن الطفل من رؤية الكائنات الدقيقة والميكروبات تحت الميكروسكوب، وسيتعلم من تلقاء نفسه أن منها المفيد والضار، وماهية وجود كل منهما فى الحياة.

وأوضحت ألفت لـ«الدستور»، أن الطفل أيضًا يتعرف على الغازات وخصائصها الكيمائية فيشاهد كيف يساعد بعضها على إخماد النار، وكيف يزيد بعضها من اشتعالها، وسيستمتع بـ"فرقعة" بعضها، ومن خلال تبسيط باقي العلوم كعلم الحيوانات، والنباتات، والإلكترونيات، والفضاء، وتعلم مجموعة من المهارات مثل الإسعافات الأولية، والتعرف على بعض الحشرات والزواحف كالثعابين والتماسيح.

فيما شرحت مروة الدالي، طالبة بكلية الصيدلة وصاحبة الفكرة، أن المواد المستخدمة تكون لمرة واحدة فقط، ومن ضمن النماذج العلمية ملء بالون بغاز الهيدروجين وإشعاله، فيفهم الطفل عبارة أن غاز الهيدروجين يساعد على الاشتعال، وغيرها من التجارب بهذا الشكل، إلا أن بعض التجارب تكتفى المبادرة برؤية الطفل لها من بعيد كما أن المكان بالكامل مجهز لإعداد هذه التجارب للطفل.

مبادرة العودة للطبيعة " Natura"



سافرت الدكتورة حنان موسى، طبيبة بشرية متخصصة في الصحة العامة والأطفال، إلى إنجلترا، لتدرس هناك نظام جديد وتتعمق به، وهو اعتماد الأطفال على الطبيعة خلال الدراسة يطلق عليه "برنامج مدرسة الغابات"، مما يعمق قدرة استيعابهم بصورة أكبر، فيجعلهم منفتحين ومقبلين ومستمتعين بالدراسة دون اعتبارها عقابًا لهم بل مكافأة.

أما عن تفاصيل النظام، فتقول إنه مأخوذ من دولة فليندا وتم تطبيقه ليس بشكل كامل في إنجلترا، ومن هنا قررت بعد عودتها لمصر أن تطبق هذا النظام هنا وتبدأ من الإسكندرية.

قالت الدكتورة حنان موسى لـ«الدستور»: "أعشق تعلم كل جديد وحصلت على ليسانس آداب لغة إنجليزية لأكون مؤهلة للسفر وقد كان، وهناك شعرت وكأني في كوكب ثاني من تعلم الأطفال وقدرتهم على الاستيعاب بشكل جيد، لمجرد تعرضهم للطبيعة والبعد عن الأجهزة الإلكترونية والعودة للألعاب التى تنمي ذكاء الطفل".

يختار القائمون على الدراسة، الدرس الخاص للتعلم، ويذهبون مع الأطفال للمكان القريب من موضوع الدرس، ويعلموهم بطريقة عملية ما يجعل لديهم قدرة على التعليم الذاتي، وتتمنى الدكتورة حنان أن يتم تطبيق هذا الأمر بالمدارس ولو مدة ساعة في الأسبوع، بحيث يتلقى الأطفال الحصص خارج المدرسة ويطلق عليه "برنامج مدرسة الطبيعة"، ليتغير اسمه من الغابات للطبيعة لعدم وجود غابات لدينا.

تنظم الدكتورة حنان، فاعليات كل شهر تدعو إليها الأطفال وأولياء أمورهم لتقريب الفكرة لديهم، ومساعدتهم لتنفيذها معهم، تضيف: "الأمر لابد أن يستكمل في المنزل من خلال أنشطة معينة تعزز لدى الطفل حب الاستطلاع وتعلم الجديد".

يشترك في الفعاليات، الأطفال من عمر 3 سنوات حتى 16 و17 عامًا، وتسعى المبادرة إلى تعليم الأطفال حب الأسئلة عن الطبيعة وكيفية تنفيذ أشكال من أغصان الأشجار وتلوين المناظر الطبيعية وغيرها.

ووجهت نصيحتها لأولياء الأمور بضرورة سماع أطفالهم ومحاولة فهم ما يدور في أذهانهم من أسئلة وأفكار، والاشتراك معهم في ألعابهم، ووجهت الحديث أيضًا للمدرسين بضرورة خروج الأطفال بعيدًا عن الفصول المغلقة ولو يوم في الأسبوع.

مبادرة "مسار"


تقدم "مسار" خدمة جديدة للقراءة للأطفال، عن طريق توعية الآباء والأمهات بأهمية الكتاب وكيفية الاختيار، تواصلت "الدستور" مع دعاء عباس، مؤسسة المشروع الثقافي الذي يخدم الأطفال، تقول: "الفكرة جاءت لي من أهمية توعية الأمهات بدور الكتاب للأطفال، حيث يستطيع مسار تقديم الكتب المفيدة للأبناء عن طريق اختيار الكتب الجيدة لهم، لأنني أعلم جيدًا أن الأمهات ليس لديهن الوقت الكافي للبحث عن كتب لأطفالهم".

وتدرس دعاء حاليًا فى أكاديمية الفنون بالمعهد العالي لفنون الطفل، وهو ما جعلها خبيرة بجودة الكتب التي تختارها للأطفال، مضيفة "أبحث في جميع دور النشر عن كتب الأطفال الهامة، وقصص تبني الشخصية وتنمى منظومة القيم والأخلاق عن طريق الفنون والمهارات المختلفة".

ومن أحدث أنواع الكتب التي تهتم دعاء بتقديمها للأطفال هي الكتب التفاعلية، فتقول: "يهمني أن يكون لدى الأطفال الكتاب التفاعلي ذو الفكرة الجيدة الذي يعمل علي تنمية مهاراتهم، كما أقدم كتب بأربع لغات"، مؤكدة أهمية اختيار الأم للكتب الجيدة التفاعلية حتى تجذب الطفل عن التابلت والموبايل.

وعن معنى كلمة "مسار"، توضح دعاء أن "كل شيء له مسار، فإن العادات الجيدة مثل القراءة ستؤدي بالأطفال إلى مسار جيد سواء الأمر على الطفل أو الأم، فهي كلمة لها دلالة عن طريقك الذي سوف تخوضه مستقبلا".

تهدف دعاء بمشروعها الثقافي، إلى تطوير صناعة كتب الأطفال بعيدا عن الكتب التقليدية، كما تنظم معارض للأطفال في المدارس والحضانات والمهرجانات، كما شاركت بمعرض "كيدز إيجذبو" وهو معرض سنوي للمدارس يجتمع فيه كافة المندوبين بالمدارس، كما يجمع كل مستلزمات الأطفال من أدوات وألعاب، مؤكدة أن "القصة" ليست مجرد وسيلة للقراءة، وإنما هي أداة حقيقية فعالة في بناء شخصية الأطفال وتقويم سلوكهم.