رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حزب الله العراق.. والمهمة المستحيلة


وفقًا لقواعد السلوك البشري الجمعي يمكن اعتبار المظاهرات الأخيرة في العراق نقطة التحول المفصلية فى علاقة الشعب العراقى مع الطبقة السياسية الحاكمة.

منحت أمريكا، إيران، فرصة اتساع نفوذها بالعراق في أعقاب قرار الانسحاب الذي أصدره الرئيس السابق الأسوأ باراك أوباما، لذا تريد الإدارة الجديدة العودة بشكل مختلف للبلد الغني بالموارد والصراعات.

الولايات المتحدة مهدت لإيران اتساع نفوذها في العراق بعد احتلال العراقي في 2003، أمريكا الشريك السلبي للإيرانيين في بلاد ما بين القهرين وفق مبادئ شراكة الضرورة والمصالح.

هنا أود أن أؤكد أنه لا يخفى على المراقب الحصيف، بأنه لم تولد حكومة عراقية منذ نوري المالكي إلى عادل عبدالمهدي من دون تسوية تحت الطاولة بين أمريكا وإيران.

في تسلسل الصراع الخفي؛ انتفضت واشنطن على نوري المالكي لتسقطه ووقتها عجزت طهران عن حمايته، بعدها كان الحل الوسطي صعود حيدر العبادي، لأن نصفه لواشنطن ونصفه الثاني لطهران، وهذا ما لم يرضه قاسم سليماني لتنطلق مرحلة الحرب الباردة ضد العبادي.

وهنا لم تتمكن واشنطن هذه المرة من حمايته فأطيح به، لتستقر سفينة الشراكة الملعونة في ميناء عادل عبدالمهدي، وهو شخصية ضعيفة حصة طهران في ولائه تفوق حصة واشنطن، عبدالمهدي الضعيف لم يتمكن حتى من تعطيل قرار هيئة البث العراقية الذي أوقف عمل قناة (الحرة)، ليلحق هزيمته المهينة بحركة استفزازية بالارتماء في أحضان الصين اقتصاديا الغريم الاقتصادي لترامب.

هذه المعادلة تعطي فكرة عن التحولات والأحداث أفرزت تركيبة حكم مضطربة في العراق، تؤدي الأدوار المركبة فيها طهران.

نعود إلى "حزب الله - جناح العراق"، فبعد أن كان فيصلًا من فصائل الحشد الشعبي في مرحلة حرب داعش، ما أغدق عليه مليارات الدولارات كبقية الفصائل الميليشياوية، إلا أن حزب الله العراق كان أكثر ذكاءً منها جميعًا، إذ اهتم بالتسليح وشراء الاستثمارات التي تموله مستقبلا وكانت مشاركته في قتال داعش إعلامية أكثر من كونها ميدانية ليحصد ثقلا سياسيا وماليا إضافيا.

الآن؛ أصبحت أمام الحزب مهمة أعتقد أنها مستحيلة، ألا وهي محاولة اختراق المظاهرات الشبابية المطلبية من خلال زرع قيادات شابة من عناصره والظهور بمظهر الداعم للمظاهرات المطلبية، لأن باقي الفصائل المرتبطة بإيران لا تحظى بالقبول الجماهيري الكافي.

دفع الحزب بالقيادي حيدر المالكي إلى قلب المظاهرات كناشط، وتم طرده من ساحة التحرير منذ اليوم الأول، ثم دفع بأحمد البهادلي، أحد عناصره الإعلامية، ولم يستطع أن يجد له موطئ قدم، ليدفع الحزب أخيرا بالصيدلانية شيماء المالكي في الفرق الطبية في ساحة التحرير، ولم تحقق النفوذ المتوقع.

حزب الله العراق موجود في المظاهرات على مستوى الأفراد وليس القيادات، لذا أتوقع أن يفتعل في الأيام القادمة أحداث تصادم مع باقي المليشيات، لخلق مكانة أفضل لعناصره، بساطة مهمة حزب الله جناح العراق تكمن في اختراق التظاهرات وإفشالها من الداخل.