رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكاية حكيم.. «أول مطرب شعبي شيك»

جريدة الدستور

يصنع المطرب الشعبي"حكيم" أغنياته من أفواه الناس، فمهما كانت الكلمات التي يرددونها في معاملاتهم اليومية، يلتقطها ويضمنها مع الألحان التي تتناسب مع شخصيته الفنية، فعناوين ألبوماته لا تخرج عن مفردات الشارع المصري منذ البداية عام 1991"نظرة"، ثم"نار"، "هايل"، "افرض"، "اليومين دول"، ثم يختار اللحن الرشيق الذي يناسب هذه الكلمات ويرفع من معنويات الجمهور بعيدًا عن موسيقى الكآبة والحزن اللذين خيما على طابع الأغنية الشعبية قبل فترة التسعينات، فترة ظهوره.
يقول حكيم في أحد حواراته:"أذهب للحفلة، كي أسمع الناس وأغني معهم، فلابد أن يخرج الجمهور مبتهجًا، كما أنني أنحاز للحن الرشيق، وأختار كلماتي أغنياتي من على ألسنة الناس، مثل، افرض، تشرف، تنور، ثم أختار اللحن"الشيك" الذي يصل للجمهور ويحبونه، ويتمايلون ويرقصون عليه، حتى عندما أقدم لحنًا حزينًا، أحرص على أن لا يكون لحنًا كئيبًا".

البداية
ولد "حكيم" في أسرة بورجوازية، فوالده كان عمدة القرية، شديد الطباع، يرفض أن يكون ابنه مطربًا.
كوّن"حكيم" فرقة موسيقية من الهواة، في المراحل الأولى من الدراسة الإعدادية، وحفظ الأغاني الفلكورية الصعيدية والسواحلية التي لا يعرفها أهل الصعيد مثل" جار الشادوف اللى فى داير الناحيه شفت الحليوة ابوجلابيه لموني شغلني نظرة من عيونه الساحرة روحت دارنا اقول لهم هنوني"، يقول"حكيم" في حواره ببرنامج"سيرة فن"، بدأت أغني في كل مكان في الصعيد، أفراح على أسطح المنازل، قصور الثقافة، فارتبط إسمي بالأفراح الشعبية"فيه فرح، يبقى فيه حكيم".
هاجر"حكيم" إلى القاهرة، ليحقق حلم كـ"المطرب"، فعمل في شارع محمد علي، لكن عائلته أجبرته على العودة إلى المنيا، لكن شقيقه الأكبر أبلغه بأنه رتب له مقابلة مع الفنان حميد الشاعري، في البداية رفض"حكيم"، ووافق على مضض، كان الاتفاق بين شقيقه الأكبر والفنان حميد الشاعري على أن يثبتوا لـ"حكيم" بأنه لا يصلح للغناء، وبذلك ترتاح العائلة من إصراره على الغناء ويزول الهم الذي ينغض عليهم حياتهم، ويجلب لهم العار أمام الناس في الصعيد.

الألبوم الأول"نظرة"
توافق فكر"حكيم" مع حميد الشاعري، مع رغبة الشركة المنتجة"سونار" على إنتاج شريط كاسيت بلون شعبي جديد،حسبما قال"الشاعري" في برنامج"عائشة" على قناة صدى البلد.
وقال "الشاعري" في هذا الحوار:"كان أول مرة مطرب شعبي "شيك"، رغم أنه مكانش عاوز يغني شعبي في الأول، فخخطنا للون الغنائي اللي هيقدمه، فكان عندنا مصطفى قمر، إيهاب توفيق، حنان، هاني شاكر، علاء عبد الخالق، محمد منير، وكان لكل منهم لون وشكل غنائي مختلف، والشركة لا تقدم نفس اللون الغنائي مرتين، ففكرت مع المنتج الفني فايز عزيز، ووافقت الشركة على إنتاج شريط كاسيت غنائي بلون شعبي عصري، وعملنا شريط"نظرة" وربنا كرمنا فيه آخر كرم".
الشاعر الغنائي أمل الطائر والملحن حسن إش إش كانا من المشاركين في صناعة الألبوم الأول لحكيم بالتعاون مع شركة "سونار" التي تعاقدت مع أبرز صناع الأغنية الشعبية في السوق الفني وقتها من خلال أغطية شرائط الكاسيت الرائجة لدى الجمهور.
يقول"الطائر" للدستور، تعاقدت أنا وحسن إش إش مع الشركة، وكتبت أغنية"نظرة" على لحن"إش إش"، فلم أكتب إلا نادرًا كلمات لـ"حكيم" دون لحن جاهز مسبقًا، وحققنا نجاحًا كبيرًا، وسُمي الألبوم وقتها باسم أغنيتي"نظرة"، وأصبحت نموذج لكل ما يريد أن يكتب لـ"حكيم"، فاعتبر نفسي ممن فهموا اللون الغنائي الذي يقدمه"حكيم"، ولي نجاحات كبيرة معه إلى وقتنا هذا، كان الألبوم وقتها 8 أغنيات، 32 دقيقة، وبسعر10 جنيه في الوقت الذي كان فيه أغلى شريط بـ6 جنيه، ومدته 45 دقيقة، لكن مجازفة الشركة نجحت وذاع صيت"حكيم".
أما الملحن حسن إش إش يقول للـ"الدستور"، كنّا نعمل بطريقة الورشة الفنية، أجهز اللحن ثم تجمعني جلسة مع المؤلف الغنائي أمل الطائر، ليكتب الكلمات على اللحن، ونسعى دائمًا لصياغة شكل فني للمطرب يميزه ن غيره ويتناسب مع صوته وشخصيته ومظهره، ونجحنا مع"حكيم" في ذلك بفضل صوته القوي المبهج.
ويؤكد"حكيم" في حوار له، كانت أول أغنية يتعلق بها الجمهور"نظرة".

أغنية شعبية حديثة
عن التجديد الموسيقي يقول "حكيم" في حوار سابق، كنت منبهرًا بصوت الفنان الراحل عمر فتحي الذي جدد في لون الأغنية الخفيفة والطربية، فبدأت من حيث انتهى"
لايحب"حكيم" أن يعود للألحان القديمة ويعيد إنتاجها، لكن من الممكن أن يقتبس تيمة فلكورية ويقدمها بروح العصر، حسب حواره مع بوسي شلبي في برناج"الليل والنجوم".
وصرح بأنه فكر في إعادة أغنيات للمطرب عبد الغني السيد مثل،"الحلوة والمرة، وبتاع التفاح، وحياتك م هعاتبك"، لكن خشى من المسؤلية، وأشار إلى أن التراث لا يُمس.
لا يندم"حكيم" على أية أغنية قدمها، فهو يختار كل أغانيه بعناية شديدة، فمن الممكن أن يداوم على تسجيل أغنية لمدة شهر كامل، كما أن الأغنية التي يغنيها ليلًا، وفور استيقاظه تطفو على ذاكرته ويدندنها، لا يتخلى عنها أبدًا.

العالمية
في حوار لـ"حكيم" أثناء حضوره حفل زفاف الفنان حميد الشاعري عام 1998، أذاع خبر طرح ألبومه"حكيم شكل تاني" الذي ظهر بتوزيعات أوربية لأغنيات قديمة له، تعبيرًا عن مواكبته للتغيرات النوعية التي تحدث في الموسيقى.
اعترف في حواره مع سهير شلبي في برنامج "في الليل والنجوم"1995، بأسفه لأنه لم ينتبه لخطوته الأولى للوصول للعالمية من خلال الفيلم الإيطالي"الواحة" للمخرج كريستان برتوني الذي أقتبس أغنية"الواد حلو، الحق عليه، نار، نظرة، بيني وبينك خطوة ونص" ووضعهم كموسيقى تصويرية للفيلم بعد انتشارهم أثناء تصوير الفيلم وإعجابهم بمحلية تلك الأغاني، فتواصل مع جمعية المؤلفين والملحنين بباريس التي تواصلت بدورها من خلال إرسال الفاكسات مع جمعية المؤلفين والملحنين بمصر، ووافقت الشركة على منح الشرائط للمخرج الإيطالي، وعُرض الفيلم بمهرجان القاهرة السينمائي.
حصل على جائزة أفضل مطرب في شمال إفريقيا، يقول عن هذا التكريم:"المقاييس التي حصلت على الجائزة من خلالها، هى احتكاكه القوي بالجمهور الفرنسي والصحافة الفرنسية، فهم يتذكروه دائمًا، ويرشحوه في مهرجانات فنية هناك، فمن خلالها ترك بصمة فنية لدى الجمهور، من خلال التوزيعات الموسيقية لألبوماته، وأيضًا ترشيح الشركات الأوربية سواء في إيطاليا أو فرنسا ولندن".
كما غنى على مسرح جائزة نوبل للسلام 2006، ولم يكن يتوقع هذه الفرصة لكنه تمناها، ويرى أن الأغنية الشعبية هي الأقرب للعالمية، لا العاطفية.