رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"معركة المياه 5".. منفذو محطات التنقية والمعالجة بأسوان: أنجزناها فى أوقات قياسية

محطة مياه مدينة أسوان
محطة مياه مدينة أسوان الجديدة

«بث الحياة فى التراب».. عبارة تلخص ما فعله العمال والمهندسون المشاركون فى تشييد محطات تنقية ومعالجة المياه فى محافظة أسوان، حيث أسسوا صروحًا عملاقة لتغذية أهالى المحافظة الجنوبية بالمياه الصالحة للشرب، وغيرها المخصصة للزراعة، من محطات تحلية ومعالجة المياه وذلك فى توشكى الجديدة، والحى الثانى فى أسوان الجديدة، و«كيما ٣». يروى منفذو تلك المشروعات، لـ«الدستور»، فى السطور التالية، قصص نجاحهم فى إتمام أعمالهم خلال أوقات قياسية، وأهم الصعوبات التى واجهوها خلال التنفيذ، وعلى رأسها حرارة الجو المرتفعة.


حسام محمد: استغرقت عامًا واحدًا بمشاركة 500 عامل ومهندس

«توشكى الجديدة كانت فى بدايتها عبارة عن مدينة صناعية متكاملة، ما استدعى الاهتمام بالبنية التحتية الخاصة بها، وعلى رأسها المياه».. بهذه العبارة بدأ المهندس حسام محمد، ٢٨ عامًا، مدير محطة تنقية ومعالجة المياه فى منطقة توشكى الجديدة، حديثه عن أسباب الحاجة إلى إنشاء المحطة فى المنطقة. وقال «محمد»: «المحطة من أهم المشروعات فى مدينة أسوان، وتم إنجازها فى وقت قياسى، فعلى الرغم من أن المهلة التى تم إعطاؤها للمهندسين والعمال قصيرة جدًا، وأقل مما تحتاجه المحطات من فترات عمل، فإنه تم الانتهاء منها وتسليمها فى عام واحد، خلال الفترة من ٢٠١٦ لـ٢٠١٧».
وكشف عن أن المحطة تعتمد على المياه القادمة من منطقة الشيخ زايد، التى تبعد عنها مسافة ٧ كيلومترات، لذا تمت إقامة «مآخذ» و«خطوط» لنقل المياه من تلك المنطقة إلى المحطة، وبالتالى البدء فى تنقيتها، معتبرًا أن تلك الخطوة هى أصعب جزء فى المشروع.
وأوضح: «أقمنا مآخذ وخطوطًا لنقل المياه من الشيخ زايد إلى المحطة فى توشكى، بواقع ٧٥ ألف متر مكعب فى اليوم، لتبدأ بعدها مرحلة عزل المياه، ثم تأخد دورتها فى التنقية لكى تكون صالحة للشرب»، مشيرًا إلى أن المحطة تنتج ٥ آلاف متر مكعب مياه صالحة للاستخدام الآدمى يوميًا.
وشدد على أن أكثر ما يميز محطة توشكى هو أن نسبة المعالجة من ٩٩٪ لـ١٠٠٪، وهى نسبة غير متوافرة فى كثير من محطات معالجة المياه وجعلها صالحة للاستخدام الآدمى فى العديد من المحافظات.
والوصول إلى تلك النسبة داخل المحطة لم يكن سهلًا، لكنه مر باختبارات وتجارب لأيام كثيرة، حتى يتم التأكد من أن المياه الناتجة نقية وصالحة للشرب، وفق «محمد».
وأشار إلى مشاركة ٣ من كبرى شركات المياه الحكومية فى إنشاء المحطة، بجانب ٥٠٠ شخص ما بين مهندسين وحدادين وعمال صرف صحى ومياه ونجارين، حتى يتمكنوا من إقامتها فى عام واحد فقط.. لافتًا إلى أن حجم الميزانية المرصودة للمحطة، إلى جانب محطة أخرى لمعالجة مياه الصرف الصحى حتى تكون صالحة للزراعة ورى الصوب الزراعية، وصل إلى ٢٢٠ مليون جنيه.
وعن الصعوبات التى واجهت العمال والمهندسين أثناء تنفيذ المحطة، قال: «مدينة توشكى جديدة ليست مأهولة بالسكان ولا يوجد بها أى عمران، لذا العمال لم يستطيعوا قضاء أو شراء احتياجاتهم اليومية نظرًا لعدم وجود أسواق قريبة». وأضاف: «قلة العمالة من الصعوبات الأخرى التى واجهتنا، وتغلبنا عليها باستقدام عمال من محافظات أخرى بأجر أعلى من سكان المحافظة، بجانب ارتفاع أسعار المواد الخام اللازمة للعمل، فضلًا عن عدم توافر المياه والكهرباء، ما اضطرنا للاستعانة بوصلات تمدنا بكليهما، بجانب ارتفاع درجة الحرارة بشكل كبير جدًا فى فصل الصيف».
وواصل: «كنا بنشتغل ٢٤ ساعة طوال الليل والنهار، خاصة النهار بسبب توافر الإضاءة فى ظل قلة الكهرباء»، مشيرًا إلى أن الوصلات البلاستيكية التى قاموا بمدها للحصول على الكهرباء كانت «بتسيح» من الحر.
محمد صابر: تخدم 5 آلاف مواطن.. ومرحلتها الثانية فى 2020

قال المهندس محمد صابر، مدير محطة الحى الثانى بمدينة أسوان الجديدة نائب رئيس جهاز المدينة، إن المحطة تعد أكبر محطة تنقية مياه الشرب فى أسوان.
وأوضح «صابر» أنه يتم إنشاء محطة الحى الثانى على ٣ مراحل، الأولى بدأت عام ٢٠١٤ وتم الانتهاء منها فى ٢٠١٦، وتضخ ٢٥ ألف متر مكعب مياه فى اليوم، والثانية يتم العمل عليها حاليًا، لضخ نفس الكمية، ومن المفترض الانتهاء منها فى ٢٠٢٠، والثالثة لم يتم البدء فيها حتى الآن.
وكشف عن اعتماد المحطة بشكل مباشر على نهر النيل كمصدر للمياه، التى تصلها عن طريق «مأخذ» موصل بالنهر، لتسير داخل خراطيم كبرى للتنقية، حتى تخرج صالحة للشرب. كما تعتمد المحطة أيضًا على المياه الجوفية والآبار، وهناك وصلات ممدودة فى الأرض من أجل توصيل تلك المياه إلى خطوط التنقية بالمحطة، التى تأخذ فيها دورتها حتى تصبح صالحة للشرب والاستخدام الآدمى، وفق «صابر». واختتم: «محطة الحى الثانى تخدم نحو ٥ آلاف مواطن يستخدمون مياهها فى الشرب، لذا تعتبر المحطة الرئيسية فى تنقية المياه بأسوان، التى كانت تعانى من أزمة مياه قبيل إنشاء تلك المحطات».
أحمد عبدالعظيم: تسهم فى جذب استثمارات إلى المدينة

بناء محطة لتنقية المياه كان من أهم الأهداف التى وضعها جهاز مدينة أسوان الجديدة مع وزارة الرى لتنمية المدينة وتجهيز البنية التحتية للمشروعات الضخمة التى تم تنفيذها فيها تباعًا، وفق أحمد عبدالعظيم، مدير مشروعات بالجهاز. وأوضح «عبدالعظيم»: «منذ ٨ أشهر وضعنا حجر الأساس للمرحلة الثانية لمحطة أسوان الجديدة، ومن المقرر الانتهاء من هذه المرحلة، بطاقة ٢٥ ألف متر مكعب مياه يوميًا، فى ٢٠٢٠، وذلك بعد الانتهاء من المرحلة الأولى وتسليمها بنفس طاقة الإنتاج ذاتها، بمشاركة ١٠٠ عامل بإحدى شركات المقاولات المصرية، وعلى مساحة ١٢.٦ فدان». وكشف عن المراحل التى مر بها تنفيذ المحطة، قائلًا: «وزارة الرى اتفقت مع إحدى شركات المقاولات المصرية على إنشاء المحطة، فوفرت الشركة العمالة والمعدات اللازمة للمشروع، وساعدهم جهاز المدينة فى نقلها، بالإضافة إلى وجود مشرفين من داخل الجهاز على إتمام عمليات الحفر والبناء وضمان الانتهاء من المحطة وتسليمها فى موعدها». وأضاف: «قبل بدء التنفيذ يتم التخطيط جيدًا له، وإجراء تحاليل للتربة التى تم اختيارها لبناء المشروع عليها، مع الاستعانة بخبراء فى بناء الشبكات، ليبدأ بعدها العمال والمهندسون الميدانيون عملهم فى الحفر ووضع الأساسات، ثم الفنيون ومهندسو الكهروميكانيكا الذين يوفرون جميع الأجهزة والمعدات المسئولة عن عمليات تنقية المياه». وشدد على الدور الكبير لمحطة المياه فى جذب المستثمرين للاستثمار فى أسوان الجديدة، على اعتبار أن توافر المياه وغيرها من أساسيات البنية التحتية هى أهم عوامل جذب رأس المال إلى أى منطقة.
أحمد خالد: تحملنا بُعدنا عن أهلنا

انتدبت إحدى الشركات المتخصصة فى معالجة وتنقية مياه الشرب أحمد خالد، البالغ ٣٠ عامًا، من سوهاج للعمل فى محطة الحى الثانى بمدينة أسوان الجديدة.
وقال «خالد»: «المحطة تخدم آلاف المواطنين فى مدينة أسوان، ومنذ إنشائها لم تعد هناك شكاوى من انقطاع المياه لساعات متواصلة»، مضيفًا: «من أول يوم اشتغلنا ساعات طويلة فى عز الحر بالنهار عشان المياه توصل لكل السكان».
وكشف عن أن أصعب ما واجهوه خلال العمل فى تلك المحطة هو خلو المنطقة من السكان إلا بأعداد قليلة جدًا، بجانب طبيعتها الصحراوية الوعرة بعض الشىء، مبينًا أنها تخدم مناطق أخرى على مسافات بعيدة من الحى الثانى.
ورأى أن أصعب جزء فى المشروع هو تركيب الوصلات فى عمق الأرض، مما كان يجعل العمال ينزلون على أعماق طويلة تحت الأرض لتركيب تلك الوصلات و«المآخذ»، المسئولة عن نقل المياه من النيل إلى المحطة.

محمد على: حفرنا الجبل لوضع الأساسات وتوجيه السيسى قبل الموعد

منذ عام ونصف العام، انتقل المهندس محمد على، مدير التركيبات الكهروميكانيكية فى محطة المعالجة الثلاثية للمياه «كيما ٣» فى أسوان، من مدينة دمنهور فى البحيرة، للعمل فى المشروع بالمحافظة الجنوبية، تاركًا زوجته وأولاده، وساعيًا لإنهاء المشروع فى وقت قياسى. تحديات كثيرة واجهت «على» خلال تلك الفترة، أهمها حصوله على إجازة واحدة كل ٣ أشهر، حتى يستطيع الانتهاء من تنفيذ المشروع خلال ٦ أشهر فقط. وقال مدير التركيبات الكهروميكانيكية: «لم تكن مشكلتى الأساسية فى البعد عن الأهل، فأسوان مدينة جميلة وشعرت فيها براحة كبيرة، لكن ضغط العمل والوقت كان أكبر تحدٍ واجهته». وأوضح: «بدأنا التخطيط لبناء (كيما ٣) استجابة لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى وجه ببنائها استجابة لشكوى بعض الأهالى، خلال وجوده فى مؤتمر الشباب بأسوان، ثم أمهلنا ٦ أشهر فقط لإتمام المشروع، الذى يحتاج لسنوات للانتهاء منه». وأضاف: «على الرغم من ضيق الوقت وصعوبة تنفيذ التكليف، بدأنا العمل بالفعل فى يونيو ٢٠١٧، وانتهينا منه تمامًا وبدأنا تشغيل المحطة فى يناير ٢٠١٨، وذلك بطاقة ٣٥ ألف متر مكعب فى اليوم». وواصل: «المحطة موجودة داخل الجبل فى أسوان، فكان تحديًا كبيرًا للمهندسين والعمال المدنيين الذين حفروا داخل الجبل لوضع أساسات المحطة، لكن إحساسهم بأهمية المشروع لسكان أسوان كان الدافع الأكبر لتحدى الصعوبات وتخطيها».
وأشار إلى أن تنفيذ المشروع بتوجيه من الرئيس سهل على المهندسين والعمال الكثير من الإجراءات التى كانت تحتاج شهورًا للانتهاء منها، موضحًا أن «٩٠٪ من المعدات الكهروميكانيكية التى نستخدمها فى المعالجة الثلاثية يتم استيرادها من الخارج، ويحتاج ذلك إلى أشهر طويلة، لكن نظرًا لمتابعة الرئيس المشروع تم الانتهاء من الإجراءات والاعتمادات الفنية التى كانت تحتاج إلى وقت طويل فى المراجعة والفحص من الجهات المسئولة».
وأضاف: «بالإضافة إلى ذلك حصلنا على كل الاعتمادات المالية التى كنا بحاجة إليها فى وقتها، فبعد أن كانت التكلفة الأولية للمحطة ٢٥٠ مليون جنيه وصلت إلى ٣٥٠ مليون جنيه نظرًا لإدخال بعض التطويرات التى لم يكن مخططًا لها من البداية». وحتم الدور الوظيفى لـ«على» عليه البقاء فى أسوان عامًا آخر بعد الانتهاء من المشروع، وذلك لتدريب الفنيين والعمال العاملين فى المحطة، والتأكد من سير العمل بطريقة طبيعية، علمًا بأن هناك ما يزيد على ٢٠٠ عامل ومهندس «فنيين وعمال تركيبات».
رمضان عبدالفتاح: طيبة الأهالى هونت الغربة ووفرت راحة نفسية

«طيبة أهالى أسوان هونت علينا أشهر الغربة، ووفرت لنا راحة نفسية استطعنا بها التغلب على مشقة العمل».. يصف رمضان عبدالفتاح، فنى تركيبات ساهم فى تنفيذ محطة «كيما ٣»، بهذه الكلمات المعاملة التى لاقاها من أهالى أسوان منذ ترك أهله فى الفيوم للعمل فى المحطة.
وأضاف: «استعنا خلال تنفيذ المشروع بعمال يومية من أسوان، وكانوا مثالًا يحتذى به فى الالتزام بالعمل، والمعاملة الجيدة مع زملائهم، لذا ورغم أننى كنت لا أسافر لزوجتى وأبنائى إلا مرة واحدة كل ٦٥ يومًا بسبب ضغط العمل، استمتعت جدًا بالفترة التى قضيتها فى أسوان، وشعرت بالإنجاز الذى أساهم فى تنفيذه خلال فترة زمنية قياسية».
وكشف عن أن العمال والمهندسين وجدوا تعاونًا كبيرًا من المسئولين، وكانت هناك زيارات دائمة من بعض الوزراء إلى موقع العمل، للتأكد من سيره بخطى ثابتة، وهو ما منح القائمين على إنشاء المحطة حافزًا كبيرًا لتحمل ضغط العمل والوقت.
وعن الصعوبات التى واجهتهم قال «عبدالفتاح»: «من أكبر التحديات التى واجهتنا هى نقص الخامات فى أسوان، لذا كنا نضطر إلى جلبها من القاهرة ما كان يحتاج إلى وقت طويل». واختتم المشرف على ١٢ فنى كهرباء وميكانيكا فى المشروع: «رغم أننى أعمل فى هذه المهنة منذ ٢٣ سنة شاركت خلالها فى تنفيذ ٣٥ مشروعًا، أعتبر أن «كيما ٣» هو الأفضل بالنسبة لى من بينها، لأنه كان بتوجيه مباشر من الرئيس السيسى، وكان هناك اهتمام كبير بمتطلباتنا واحتياجات العمل حتى تم الانتهاء منه».