رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"البناءون 6".. العاملون فى "هضبة الجلالة": "إحنا اللى عمّرنا الجبل.. والحلم بقى حقيقة"

العمال في المشروع
العمال في المشروع

هنا فى «هضبة الجلالة» تحولت المنطقة إلى «خلية عمل» لا تتوقف فيها الحفارات واللوادر وآليات صب الخرسانة، حيث يقام مشروع مدينة «الجلالة»، الذى يعد واحدًا من أكبر المشروعات القومية، التى تنفذ فى مصر.
المشروع يشمل مدينة الجلالة العالمية، وجامعة الملك سلمان، ومنتجعًا سياحيًا يطل على خليج السويس، بالإضافة إلى طريق العين السخنة- الزعفرانة، الذى يشق جبل الجلالة، ويضم العديد من المناطق الترفيهية، مثل تلك الخاصة بالألعاب المائية، ومارينا اليخوت، وممشى الدراجات الهوائية، والمنفذ البحرى، وممشى الكورنيش الساحلى، والـ«رويال كمبوند»، ومحطة التلفريك، ومجمع المطاعم، بجانب الفندق الساحلى، والفندق الجبلى، والهايبر ماركت.
«الدستور» تواصلت مع عدد من مهندسى ومشرفى مشروع «الجلالة»، للحديث عن طبيعة عملهم، وتفاصيل الأيام التى يقضونها فى تنفيذ ذلك الحلم وتحويله إلى حقيقة على أرض الواقع.


عمران: الأضخم فى عدد العمال والشركات.. وتفجير الصخور الأصعب
«واحد من أهم وأكبر المشروعات التى شاركت فيها».. بهذه العبارة بدأ أشرف عمران، أحد مهندسى شركة «المقاولون العرب» المشاركين فى تشييد المشروع، حديثه عن مدينة «الجلالة».
وأوضح «عمران»: «مدينة الجلالة مشروع ضخم جدًا، من حيث حجم العمالة التى تشارك فى التشييد، أو حجم الأعمال الإنشائية التى يتضمنها، والإمكانيات المستخدمة فيها، وصولًا إلى عدد الشركات التى شاركت فى المراحل المختلفة للمدينة»، مشيرًا إلى أن كل شركة منها لها أفرع قريبة من الموقع أوفدتها إلى هناك.
وعن طبيعة عمله كمدير للمساحة فى المنتجع الساحلى بالمدينة، قال: «دورى يتمثل فى التخطيط المساحى للمنتجعات والشاليهات والفيلات، والمناطق المخصصة للترفيه مثل حمامات السباحة والكافيهات والمطاعم، فضلًا عن طرق وشوارع المدينة، ثم يبدأ دور أعمال الحفر والخرسانات، وأخيرًا الحدادة والنجارة، وصولًا إلى التشطيبات النهائية».
وشدد على أن أعمال مهندسى وعمال المساحة ترتبط بمراحل المشروع كافة، وتكون المهمة الأولى فى المشروع، باعتبارها إحدى مراحل الأساسات.
«على قدر ضخامة المشروع وحجم أعماله تكون صعوباته».. قاعدة يؤمن بها مهندس المساحة، موضحًا: «كلما كان المشروع ضخمًا كان مستوى التحديات أصعب، وهو ما ظهر فى مشروع مدينة الجلالة الضخم، لكن بفضل الله استطعنا تذليل الصعوبات جميعًا وتغلبنا عليها، سواء التى قابلتنا أو التى كان محتملًا حدوثها».
وقال: «المرحلة الأصعب فى المشروع كانت فى الجبال والصخور، ما احتاج إلى إزالتها لجعل الأرض مستوية، وهى مهمة صعبة وشاقة، تطلبت استخدام المتفجرات، وهنا جاء دور القوات المسلحة».
وواصل: «أحيانًا كان المشروع يقف لحين تفجير تلك الجبال، وهى مهمة صعبة للغاية بسبب خطورتها ودقتها، لكن ليس هناك صعب على القوات المسلحة، فتم تفجير الجبال بدقة شديدة، وحسب مواصفات وحسابات خاصة بقوة التفجير حفاظًا على كل من فى الموقع». وتابع: «استطعنا التغلب على جميع الصعوبات التى واجهتنا، وحافظنا على تنفيذ التخطيط المسبق، لتجنب أى ثغرات أو أخطاء، لأنه لم تكن لدينا رفاهية الوقت لوقوع أخطاء وإعادة تصحيحها»، مشيرًا إلى أنه كان مسئولًا عن فريق مكون من ٢٨ شخصًَا، وهذا الرقم كبير مقارنة بأى مشروع آخر، وتسبب فيما يعرف لدى المهندسين بعقبة «الإنتاجية بالسلب»، التى تعنى العدد الكبير للعمال دون حاجة لهم، لكن بالتخطيط الجيد، وتكليف كل شخص بمهمات ومواعيد محددة لإنجازها، تم التغلب على ذلك.

البلك:تعاملنا مع قطع حديدية بالأطنان.. والخطأ يكلف ملايين الجنيهات
قال سيد البلك، مدير المساحة فى الجزء الخاص بكبارى المشاة، إن مهام فريقه كانت غاية فى الدقة والصعوبة، لأن الخطأ كان يُكلف ملايين الجنيهات، معبرًا عن ذلك بقوله: «الغلطة بفورة».
وأضاف «البلك»: «كنا مسئولين عن كبارى المشاة، وبالتالى نتعامل مع أوزان ثقيلة تصل إلى أطنان، وهو ما يستوجب مراعاة القياسات كافة، لأن السنتيمتر الواحد يفرق كثيرًا، ويمكن أن يتسبب فى خلل بالمشروع كله».
وبَين: «الكوبرى الواحد عبارة عن قطع حديدية ضخمة ثمانية الشكل بأوزان تصل إلى ٨٠ طنًا، يتم تقطيعها بمقاسات معينة، ثم أستلمها أنا والفريق الخاص بى، ونبدأ فى لحامها وتثبيتها على أعمدة بارتفاعات كبيرة، لذا كان الحذر مطلوبًا فى جميع مراحل العمل، وكل مرحلة منها لا تقل أهمية عن الأخرى».
وكشف عن أن كبارى الممشى الجبلى تقام بارتفاع ٤٠٠ متر فوق سطح البحر، و٨ كم فوق الجبل، وتتضمن أعمالها ٣ مراحل، أصعبها اختراقها الجبل، الأمر الذى تطلب تفجير مناطق جبلية لتوسيع الطريق وإقامة الممشى، لافتًا إلى أن هذه الكبارى تخدم مدينة الجلالة، والمنتجع الساحلى بها، وتمثل نقطة الوصل لمناطق الترفيه والمطاعم والألعاب.
وتمنى «البُلك» المشاركة فى مشروعات قومية أخرى، وتكرار تجربة العمل فى مشروع قومى بهذا القدر من الأهمية، معبرًا عن سعادته بالتعاون مع أبناء بلده لتقديم المساعدة لوطنهم مصر، كل فى مجاله، داعيًا جموع المصريين بالمبادرة للعمل فى مثل هذه المشروعات، خاصة أنها تتضمن العديد من المجالات التى يمكن المساهمة فيها، وتابع: «لم يتم رفض أى شخص عرض المشاركة».

إبراهيم:خطة «القنوات والعيون» أنقذت الإنشاءات من تدفق السيول
الشاليهات والفيلات والطرق من بين مسئوليات سيد إبراهيم، مشرف تنفيذ، من أبناء محافظة السويس، الذى سبق أن شارك فى تنفيذ عدة مشروعات فى مصر وخارجها، لكنه يعتبر «مدينة الجلالة» واحدًا من أكبر المشروعات العملاقة فى الشرق الأوسط، والأهم فى تاريخه المهنى، معربًا عن سعادته بالمشاركة فى تشييده، واكتساب شرف العمل مع القوات المسلحة فى مشروع واحد.
وقال «إبراهيم»: «بدأت العمل فى الجلالة من الصفر، أى منذ بداية المشروع، وشكلت طبيعة الأرض الصخرية والأجواء الصحراوية صعوبة كبيرة فى العمل، سواء فى إزالة الركام أو صب الخرسانات، أو فى أعمال البناء نفسها»، مشيدًا بعمل الهيئة الهندسية للقوات المسلحة على توفير جميع الإمكانيات، وتذليل كل العواقب، للتيسير على منفذى المشروع، والالتزام بمواعيد التسليم.
وكشف عن أن مهندسى وعمال مشروع «الجلالة» واجهوا العديد من الصعوبات، وروى: «ذات ليلة جاءتنا أنباء من قبل هيئة الأرصاد الجوية تفيد بأن سيولًا ستضرب موقع المشروع خلال أيام، بينما كانت الإنشاءات بدأت تظهر على الأرض، وهناك أعمال خرسانة ينبغى عدم تعرضها لأى نوع من المؤثرات الخارجية القوية، وإلا سيُهدر تعب أيام وسهر ليالٍ».
وأضاف: «على الفور تم تشكيل غرفة عمليات وطوارئ، وتغيرت خطة العمل لإنشاء قنوات وعيون تستقبل السيل من أعلى الجبل وتجرى به على مياه البحر، دون التعرض لهياكل البناء والإنشاءات، تجنبًا لأى خسائر، وبالفعل نجحت هذه الخطة، وتم تطويرها لمواجهة أى سيول تضرب الجلالة مستقبلًا».
ووصف المشروع بـ«العظيم»، وقال: «تم اختيار جميع الأفراد المشاركين فيه بحرص وعناية فائقة، وعلى الرغم من ضيق الوقت وضغوط التسليمات، كان لى شرف العمل مع زملاء من الطراز الأول فى المجال الهندسى».

حسين: قيمة المشروع أنهت غضبى من قَطْع عملى فى الخارج
بينما يعمل فى أحد المشروعات الهندسية خارج مصر، تم استدعاؤه للمشاركة فى مهمة تنفيذ «مشروع قومى»، ورغم غضبه من ذلك فى البداية، عاد واقتنع بالفكرة وضرورة المشاركة، خاصة بعدما علم تفاصيل وأهمية مشروع «الجلالة».
إنه تامر حسين، مشرف تنفيذى فى المشروع، الذى يقول: «كنت أتابع عملى بإحدى الدول، فتلقيت استدعاء من شركتى فى مصر يفيد بضرورة قطع عملى الخارجى، والعودة للمشاركة فى تنفيذ مشروع الجلالة. فى بداية الأمر، لم أستوعب الفكرة، وكنت غير راضٍ عن قطع عملى فى الخارج فجأة، لكنى عندما علمت بحقيقة المشروع وأدركت تفاصيله سعدت باختيارى لنيل شرف العمل فيه».
وتتمثل مسئولية «حسين» فى الإشراف الهندسى على مراحل المشروع كافة، فيما يتعلق بتسلم الرسومات الهندسية من مديرى المشروع وتنفيذها على أرض الواقع، وهو ما يصفه بقوله: «كنت أحول الرسومات إلى منشآت حقيقية»، مشيرًا إلى أنه كان يدير فريقًا ضخمًا من العمال يشرف عليهم، مثل عمال الخرسانة والنجارة والحدادة، وغيرهم.
ولكونه من بين أول ٦ أفراد دخلوا موقع العمل، شاهد «حسين» العديد من الصعاب، بداية من البيئة الصحراوية القاسية، التى تطلبت تمهيد الأرض وإزالة الصخور والجبال حتى يستطيعوا البدء فى تنفيذ المشروع، بتعاون تام مع الهيئة الهندسة للقوات المسلحة، التى كانت على تواصل دائم مع جميع الشركات والأفراد، الذين يعملون فى الموقع، والإشراف على جميع مراحل المشروع لحين انتهائها.

أبوالفندود: لم يشغلنا أى شىء سوى العمل.. والتسليم فى الموعد المحدد مسبقًا
عمرو أبوالفندود، مشرف على بعض أعمال المنتجع السياحى، وتحديدًا الخاصة بالفندق الساحلى، بالإضافة إلى عدد من الفنادق والفيلات التى تطل على البحر مباشرة، قال إن العمل فى الموقع كان على قدم وساق، ولم يكن هناك أى وقت لشىء سوى العمل، لضمان التسليم فى الوقت المتفق عليه.
وأضاف: «كنت ضمن الفريق الذى بدأ العمل فى أولى مراحل المشروع، ووضعت معهم أساسات المنشآت والهياكل، وصولًا إلى تسليم المناطق الترفيهية، التى تبلغ مساحتها آلاف المترات، وتضم قاعات ملحقة متعددة الأغراض وجراجًا كبيرًا يسع أكثر من ٥٠٠ سيارة، بالإضافة لبدروم وأرضى و٤ أدوار ملحقة تضم ٢٣٤ غرفة، بالإضافة إلى عدد من الغرف الفندقية». وأشار إلى الفندق الخمس نجوم، وهو مصمم على شكل حرف «y»، ويتكون من ٣ قطاعات، هى: القطاع الشرقى، والغربى، والجنوبى، أما الشاليهات الساحلية فأُقيمت على مساحة ٤٠٠ متر تقريبًا، ومكونة من فيلات مزدوجة وملحقة بالفندق.

فتحى: الإمكانيات متوافرة.. و«المواعيد بالمسطرة»
«المواعيد والتسليمات بالمسطرة».. حقيقة يؤكدها وحيد فتحى، عامل خرسانة، وهو ما أرجعه إلى إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة على مراحل المشروع كافة، الأمر الذى جعل كل شىء بحساب، فى واحدة من أهم المزايا، التى توافرت لكل فرق العمل.
وأضاف «فتحى»: «القوات المسلحة وفرت جميع الإمكانيات التى احتاجها المشروع بشكل مسبق، ودون الحاجة لطلبها، حتى لا يتعطل العمل ولو لساعة واحدة فقط، وهو ما قضى على الإجراءات الروتينية التى تظهر فى غالبية المشروعات، وأنهى فكرة تقديم (طلبيات) وتوقف العمل لحين إعادة التمويل».
وأوضح: «جميع الخامات من حديد وأسمنت توافرت بكميات كبيرة، والهيئة الهندسية للقوات المسلحة عملت على تجهيز ما يسمى (خرسانة مركزية)، لأن صب الخرسانات كان لا يتوقف طوال الـ٢٤ ساعة، فكل فريق مسئول عن جزء فى المشروع، ولديه مواعيد محددة للتسليمات، وكى نلتزم بتلك المواعيد، كانت هناك أكثر من وردية».
وواصل: «فى بعض الأحيان كنا نعمل ٤ ورديات حتى لا نتأخر فى تسليم المهام، وبمجرد تسليم مرحلة تنتظرنا أخرى، لكن ورغم كل هذا الجهد تظل حقيقة واحدة هى أننا عمّرنا الجبل».

مهران:الإجازات محدودة.. والوظائف متاحة لمن يطلب
قال على حسن مهران، واحد من مشرفى تقسيم الطرق، إن مساحة المشروع ضخمة جدًا، وضم العمل به عددًا مهولًا من المهندسين والمشرفين والعمال، مشيرًا إلى أن «عدد شركات المقاولات كان أيضًا كبيرًا، وتتبع القطاعين العام والخاص».
وأضاف «مهران»: «يمكن الاعتقاد بأن عدد أفراد منفذى المشروع كبير، خاصة أن كل شخص يقدم طلبًا للعمل كان يتم قبوله فى الحال، وتخصيص مهام له، لكن كل منا كان له دور مخصص يؤديه». وكشف عن أنه كان مسئولًا عن البنية التحتية للمشروع، وتقسيم طرق «الجلالة»، وضم فريقه عمالًا متخصصين فى الرصف، وعمال نجارة، وحدادين، وسائقى حفارات ولوادر لإزالة الركام، وتابع: «كل وقتنا كان شغل، والإجازات كانت محدودة وعلى فترات، لأننا ملتزمون بخطة عمل ومواعيد تسليم». وعن الصعوبات التى واجهتهم، قال: «من بين القيود فى بداية المشروع عدم العمل ليلًا، لأن حرس الحدود كان يبدأ فى الانتشار على خط الساحل، وكنا نستخدم لوادر وحفارات ضخمة، ولديهم أوامر بمنع العمل ليلًا، لكن تم التنسيق بيننا وتدارك الأمر، وسمحوا لنا فيما بعد بمباشرة العمل بشكل طبيعى فى جميع الأوقات»، مختتمًا بقوله: «لى الفخر بالعمل فى هذا المشروع، الذى أضاف لى الكثير، وسأحكى لأولادى أننى شاركت فيه».