رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أردوغان وحاشيته يسبحون في أنهار الفساد

أردوغان
أردوغان

حالة الفزع أصابت نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خاصة بعد خسارة حزبه في الانتخابات البلدية بإسطنبول، وخوفه من فضح غريمه أكرم كمال أوغلو للفساد المستشري على نطاق واسع، ولاسيما بعد إعلانه فتح كافة الملفات المتعلقة بنظام الرئيس التركي.

وعلى الرغم من أن الشخصيات والشركات الموالية لحزب العدالة والتنمية الإخواني تسيطر على نحو 90 % من وسائل الإعلام التركية، إلا أن الخطوات القانونية التي اتخذت للحيلولة دون حصل "أوغلو" على هذه التسريبات ليست بخطوات عادية.

حزب العدالة والتنمية يتولى مقاليد الحكم في تركيا منذ العام 2002، ويسيطر الحزب وأسلافه على بلدية إسطنبول منذ العام 1994، حين بدأ أردوغان في صعود سلم السلطة بانتخابه رئيسا لها، وهي التي تساهم بنحو ثلث الناتج المحلي الإجمالي لتركيا.

ووفقًا لتقارير تركية، فإن ملامح تركيا تغيرت كثيرًا منذ ذلك الوقت، بسبب بفعل مشروعات البنية التحتية المشبوهة، والمدعومة من الحكومة التي نفذتها شركات قريبة من الحزب الحاكم.

توجيه الأموال العامة إلى أنصار أردوغان
المعارضة التركية اعتبرت أن حكومة أردوغان استخدمت تلك المشاريع كوسيلة لتوجيه الأموال العامة إلى الموالين لها مقابل دعمهم للحزب من أجل ضمان استمرار نجاحه الانتخابي.

وكشفت شبكة دويتشه فيله، في تقرير سابق لها، قيام بلدية إسطنبول بتقديم 146 مليون دولار لمؤسسات وجمعيات تابعة لحزب العدالة والتنمية على مر السنين الماضية وقبل فوز أوغلو.

وذكر التقرير أن المستفيد الأكبر من هذه الأموال مؤسسة تعليمية تضم بين أعضاء لجنتها بلال أردوغان نجل الرئيس أردوغان، إذ تلقت هذه المؤسسة 13.2 مليون دولار، أما ثاني أكبر المستفيدين فكان مؤسسة تعليمية أخرى ساهم بلال أردوغان في تأسيسها ويضم مجلس إدارتها التنفيذي ابنة الرئيس، حيث تلقت تلك المؤسسة 9.1 مليون دولار.

تأتي بعد ذلك منظمة غير حكومية معنية بالتكنولوجيا يرأسها سلجوق بيرقدار، صهر أردوغان، بحصولها على تمويل قدره سبعة ملايين دولار من مجلس البلدية.

وتم تقديم حوالي 5.1 مليون دولار لمؤسسة أنصار، وهي مؤسسة دينية توفر خدمات الإقامة والتعليم للطلاب ولاحقتها فضيحة اعتداء على الأطفال.

ومن بين مشروعات بلال أردوغان مؤسسة للتدريب على الرماية تلقت 2.95 مليون دولار، بينما حصلت مؤسسة يرأسها شقيق رئيس بلدية إسطنبول السابق المنتمي لحزب العدالة والتنمية على 2.8 مليون دولار، مما يعنى أن الأموال والمساعدات لا تقدم سوى للمؤسسات المرتبطة بأردوغان، وأسرته وحزب العدالة والتنمية.

سيطرة أعوانه على 60 % من إعلام أنقرة
تداول الإعلام التركي في بداية العام الجاري، صور حفل زفاف ضخم حضره أرودغان إلى جانب زوجته أمينة، وأقيم في فندق تشيراغان بالاس الفاخر، وهو قصر فخم من القصور العثمانية السابقة يقع على شاطئ مضيق البوسفور في إسطنبول، ووصفه الإعلام الموالي للحكومة بأنه حدث القرن، وحضره 2000 ضيف ولم يبخل أصحابه في الإنفاق عليه لتطغى عليه مظاهر البذخ والترف.

الحفل جمع بين اثنتين من أغنى العائلات في البلاد، هما عائلة ديميرورين وعائلة قاليونجو، وقالت صحيفة ديلي صباح اليومية الموالية للحكومة التركية: "مجموعة قاليون مجموعة تركية عملاقة لها نشاط كبير في قطاع البناء، كما أن الشركة هي المالكة لمجموعة تركواز الإعلامية، المؤسسة الأم لديلي صباح وتضم أيضا صحيفة صباح وقناتي إيه خبر وإيه.تي.في.

"أما مجموعة ديميرورين.. فتنشط في قطاعات الطاقة والتعدين والصناعات التحويلية والبناء والسياحة والعقارات، وأضافت المجموعة إلى محفظتها الأصول الإعلامية التابعة لمجموعة دوغان، وتشمل صحيفتي حرييت وبوستا ومحطتي كانال دي وسي.إن.إن ترك، في العام 2018.
وسبق وأن اشترت صحيفتي ميلليت ووطن التركيتين من دوغان في شهر مايو من العام 2011، وتملك الشركة القابضة أيضا موقعا إلكترونيا مرخصا يقدم خيارات المراهنة".

ووفقًا لصحيفة أحوال التركية، فإن تلك العائلتين هم إحدى الركائز الأساسية لحكم أردوغان التي يستطيع من خلالها توجيه رسالته إلى الشعب الذي لا يزال يعتمد إلى حد كبير على التلفزيون في الاطلاع على الأخبار، وكذلك على الصحف ولكن بدرجة أقل.

ووفقًا للصحفي التركي كريغ شو فإن أردوغان رجل ثري، لكن حجم ثروته ليس معلوما، ويقدر منتقدوه ثروته بعدة مليارات من اليوروهات، هي نتاج الفساد المستشري والمحسوبية المتفشية في الدولة.

واستنادا إلى 150 ألف وثيقة جرى تسريبها من شركة للخدمات القانونية والمالية وخدمات الشركات تتخذ من مالطا مقرا لها، قدم شو في تقريره نظرة نادرة على الفساد الذي توغل على أعلى المستويات في تركيا.

وقال شو في تقريره: "من خلال شركات خارجية في جزيرة مان ومالطا، يملك أردوغان سرا ناقلة نفط تقدر قيمتها بنحو 25 مليون دولار أميركي تحمل اسم أغداش. هذه الصفقة جرى إعدادها مع الصديق المقرب من أردوغان ورجل الأعمال التركي صدقي آيان، وملياردير أذربيجاني تركي يدعى مبارز منسيموف صاحب مجموعة بالمالي للشحن التي تتخذ من اسطنبول مقرا لها.

إن السيطرة على وسائل الإعلام في تركيا تعني أن معظم تفاصيل تلك التسريبات ستظل محجوبة إلى حد كبير عن أعين الرأي العام، وملاحقة الصحفيين قضائيا تكفل ممارسة المنافذ الإعلامية غير المقربة من الحزب الحاكم في تركيا لدرجة عالية من الرقابة الذاتية.

وحكمت إحدى المحاكم على الصحفية التركية بلين أونكر بالسجن أكثر من عام لعملها فيما يعرف باسم تحقيق باراديس بيبرز (أوراق الجنة) المتعلق بملاذات ضريبية خارجية بعدما كشفت عن تفاصيل أنشطة أعمال رئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم وأبنائه.